الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: اكدت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) إن الحكومات العربيّة تخسرسنويا حوالي 9 مليارات دولار بسبب الانتهاكات الضريبيّة التي ترتكبها الشركات المتعددة الجنسيّات نتيجة ممارساتها الضارة كتحويل الأرباح بعيدًا عن البلدان التي تنشط بها وذلك تهرّبًا من مسؤولياتها الضريبيّة.
وأضافت اللجنة في موجز سياسات أعدته تحت عنوان “خيارات السياسات وفرص التمويل للمنطقة العربية في نظام ضريبي عالمي جديد”، أنه رغم الحوافز الضريبية المفرطة السخاء المُقدمة للشركات المتعددة الجنسيّات لجذبها والتي تسببت في خسارة 60 بالمائة من معدل الإيرادات المحتملة في المنطقة العربية من الضرائب على الشركات، فهي تقوم بتحويل أرباحها إلى موطنها الأصلي أو إلى ملاذات آمنة، بحيث تُبقي على حدّ أدنى من العمليّات التي تجعلها مُربحة داخل البلدان العربية.
ولا تتجاوز نسبة الشركات متعددة الجنسيات التي تسدّد الحد الأدنى العالمي المقترح لمعدل الضريبة الفعلية البالغ 15 بالمائة، ثلث الشركات العاملة في المنطقة.
وتمت الإفادة في هذا الإطار، حسب موقع “الإسكوا”، بأن ما يزيد الأمر سوءًا هو أن المنطقة العربية لا تزال تعتمد على الحوافز المالية والضريبية ذاتها لاجتذاب المستثمرين للتعويض عن أوجه القصور الهيكليّة في اقتصاداتها والتي تحول دون توظيف مقوّماتها في جذب الاستثمارات.
وقالت رولا دشتي الأمينة التنفيذية لـ” الإسكوا” إنه اذا تم رفع معدلات الضريبة الفعلية على الشركات متعددة الجنسيات إلى 15 بالمائة سترتفع العائدات الضريبيّة للمنطقة بمبالغ قد تتراوح بين 5.5 مليارات و9 مليارات دولار سنويًا.
واكد مؤخرا المرصد التونسي للاقتصاد في مذكرة نشرها حول تأثيرات دخول اتفاقية الضريبة العالمية على أنشطة الشركات متعددة الجنسيّات التي انخرطت فيها تونس انه في حال عدم الترفيع في نسبة الضريبة على هذه الشركات من 15 إلى 20 أو 25 بالمائة، فإن تونس ستتخلى عن 5 بالمائة كعائدات جبائية ممكنة لفائدتها علما ان قانون المالية 2023 لم يتخذ الاجراءات اللازمة في هذا الشأن لتفادي خسارة جزء من العائدات الجبائية. يذكر ان قيمة ما تفوت فيه تونس من عائدات ضريبية تتجاوز سنويا 296 مليون دولار أي ما يعادل 805 ملايين دينار وفق التقرير الأخير للمنظمة غير الحكومية للتحالف العالمي للعدالة الجبائيّة.
ويعود التفويت في هذه العائدات، أساسا، إلى التجاوزات الضريبية للمؤسسات (بقيمة تقدر بـ 257 مليون دولار سنويا) وأيضا للتهرّب الضريبي إلى خارج البلاد (بقيمة 38 مليون دولار) وفق ما أوضحت المنظمة في تقريرها حول “وضعية العدالة الجبائية 2020: العدالة الجبائية في زمن كوفيد-19”.
وبيّن التقرير أيضا أنّ تفويت تونس في هذه العائدات يشكّل 18.30 بالمائة من النفقات العموميّة للصحّة وحوالي أجرا سنويا لـ 64887 ممرضا يمارس المهنة.
ولاحظ التقرير، على المستوى العالمي، أنه يتم فقدان حوالي 245 مليار دولار كل سنة من أكثر من 427 مليار دولار من الضريبة بسبب التجاوزات الضريبية للشركات المتعددة الجنسيّات، التّي تقوم بتحويل أرباحها إلى الجنّات الضريبية.
