الشارع المغاربي: وفقا لتقرير حديث اصدرته وزارة المالية من المنتظر وفق التقديرات الواردة فيه ان تنخفض ميزانية وزارة الصحة من 3868.2 مليون دينار منتظرة للسنة الحالية الى 3250 مليون دينار العام القادم مما يعني تسجيل نقص قيمته 618.2 مليون دينار ونسبته 16 بالمائة. ولا تتجاوز اجمالا ميزانية وزارة الصحة مقارنة بتقديرات ميزانيات الوزارات والهيئات الحكومية السيادية نسبة 6.8 بالمائة.
وتمّ ضمن مشروع ميزانية وزارة الصحّة لسنة 2022 تخصيص اعتمادات دفع بقيمة 420 مليون دينار لفائدة المشاريع والبرامج المدرجة بقسم الاستثمار موزّعة بين 263.8 مليون دينار لمشاريع بصدد الإنجاز و156.2 م د للمشاريع الجديدة.
وتراعي المشاريع الجديدة التي تمّ ترسيمها وفق تقرير وزارة المالية عدة توجهات ابرزها مواصلة المجهود المبذول لمجابهة جائحة الكورونا لكن معطيات ميزانية 2022 لا تتضمن تخصيص اعتمادات مرسمة بعنوان هذا المحور.
كما تولي توجهات وزارة الصحة للعام القادم حسب التقرير الحكومي الأولويّة للطب الوقائي وذلك من خلال مواصلة دعم البرامج الوطنية على غرار تلك المتعلقة بالتلقيح وبمكافحة التهاب الكبد الفيروسي واللقاح ضد جرثومة المكوّرات الرئوية وتدعيم المؤسّسات الصحية بالتجهيزات الطبية المتطورة خاصّة في مجالي التصوير الطبي ومعالجة الأمراض السرطانيّة مع مواصلة دعم البرامج السنوية المتعلقة بتهيئة وتهذيب الهياكل الصحيّة وصيانة التجهيزات الطبية الثقيلة. ولهذا الغرض، تمّ رصد إعتمادات قدرها 5.626 ملايين تعهدا و151.2 مليون دينار دفعا.
في جانب اخر، غابت على مستوى التقديرات برمجة احداث المدينة الصحية بالقيروان والتي اكد رئيس الجمهورية في 14 مارس الماضي ردا على المشككين في انجازها بان المشروع سيرى النور قريبا وأن العمل المضني متواصل في الداخل والخارج بالتنسيق مع الإدارة العامة للصحة العسكرية ودول أجنبية لتنفيذه متعهدا بتحقيق ذلك في أقرب الأوقات. وقال الرئيس في هذا الصدد “سنحاول اقتصار المسافة في التاريخ وسترى هذه المدينة النور والعمل لن ينقطع لتحقيقها بالرغم عمن يتاجرون بصحة المواطن” مشددا أنه لا يبيع الأوهام ولا يرد على ما أسماه “الأبواق المسعورة و المأجورة” و على ان “الرد يكون بالإنجازات”.
يذكر انه ولئن ابرزت موجات انتشار فيروس كوفيد 19 الأهمية الاستراتيجية للقطاع العمومي بصفة عامة وقطاع الصحة بوجه خاص وكشفت التدهور الكارثي الذي يشهده هذا القطاع منذ عقود نتيجة للخيارات التقشفية اللااجتماعية المنتهجة من قبل الحكومات المتعاقبة، فان مشروع قانون المالية لهذا العام يكشف عن نية السلط العمومية المضي في نفس السياسات بتعميق نهج التقشف.
وتؤكد هذه الوضعية ان القطاعات الاجتماعية الحيوية وعلى راسها قطاع الصحة لا تزال خاضعة في تونس لمنطق السوق الربحي المحض وانها تعاني من تراجع دور الدولة نتيجة التدني الفادح للاستثمار العمومي فيها باعتبار ان الاستثمار العمومي في تونس لا يغطي إلا 57 بالمائة من الكلفة الاجمالية لخدمات الصحة (المعدل العالمي 74 بالمائة) .
وتنعكس هذه الخيارات سلباً على القطاع الصحي من حيث النقص الفادح في الموارد البشرية وتردي ظروف عمل الطواقم الطبية وشبه الطبية والنقص الكبير في التجهيزات وتعميق الفوارق الاجتماعية والجهوية في الحق في الولوج الى الصحة.