الشارع المغاربي – نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي 2024: أي نصيب للعرب و الفلسطينيين منها؟/ بقلم: نزار الجليدي

نتائج انتخابات البرلمان الأوروبي 2024: أي نصيب للعرب و الفلسطينيين منها؟/ بقلم: نزار الجليدي

قسم الأخبار

18 يونيو، 2024

الشارع المغاربي: الاتحاد الأوروبي ليس مجرّد  تحالف سياسي واقتصادي بين 27 دولة تمّ عبر اتفاقية معاهدة ماستريخت الموقعة عام 1991، ففكرت تعود الى العديد خمسينات القرن العشرين.وهو كذلك ليس اتحادا  فيدراليا  انّما هو نظام سياسي فريد من نوعه في العالم .وهو يقوم على فكرة نقل صلاحيات الدول القومية إلى المؤسسات الدولية الأوروبية. لكن تظلّ هذه المؤسسات محكومة بحجم الصلاحيات الممنوحة من كل دولة .وبالتالي فالاتحاد الأوروبي عماده مؤسساته الثلاث وهي المفوضية والمجلس والبرلمان.

هذا الأخير الذي يعتبر الأهم في الاتحاد الأوروبي و الذي نظمت انتخاباته بين 6و9 جوان وهي الانتخابات العاشرة منذ أول انتخابات مباشرة في عام 1979، وهي  أول انتخابات للبرلمان الأوروبي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد في 31جوان 2020.

فماهو البرلمان الأوروبي؟ ومدى أهمية الانتخابات فيه ومدى تأثير نتائجها على تماسك دول الاتحاد  في ظل تهديد دول بالانسحاب منه ؟وماهو نصيب العرب و الافارقة و الفلسطينيين منها؟ وكيف ستحدّد صورة الاتحاد المستقبلية؟

البرلمان الأوروبي

هو واحد من ثلاث هيئات تمثل السلطة التشريعية في الاتحاد الأوروبي  كما قلنا ويمثل المواطنين الأوروبيين ويشارك في صياغة القوانين ويمارس الرقابة على المفوضية. و هو أحد مؤسساته السبع وهي :

-المجلس الأوروبي: يضم الزعماء السياسيين من الدول الأعضاء.

-مجلس الاتحاد الأوروبي: يتألف من وزراء الدول الأعضاء ويتولى اتخاذ القرارات السياسية والقانونية.

-المفوضية الأوروبية: تتولى الإشراف على تنفيذ السياسات والبرامج الأوروبية.

-محكمة الاتحاد الأوروبي: تقوم بفحص القضايا القانونية المتعلقة بالاتحاد الأوروبي.

-البنك المركزي الأوروبي: مسؤول عن السياسة النقدية والاقتصادية في منطقة اليورو.

-محكمة المدققين الأوروبية: تقوم بمراقبة استخدام الموارد المالية للاتحاد الأوروبي.

 يتولى البرلمان الأوروبي التشريع جنباً إلى جنب مع مجلس الاتحاد الأوروبي عادةً بناءً على اقتراح من المفوضية الأوروبية. ويتكون البرلمان من 705 أعضاء منتخبين بالانتخاب المباشر. وهو أكبر دائرة انتخابية ديمقراطية في العالم (حوالي 447مليون في 2024). ويوصف بأنه واحد من أقوى الهيئات التشريعية في العالم.

يُنتخب البرلمان بطريقة مباشرة كل خمس سنوات بالاقتراع العام منذ عام 1979 من قبل مواطني الاتحاد الأوروبي.

وعلى الرغم من أن البرلمان الأوروبي يملك سلطة التشريع إلا أنه لا يملك  سلطة اقتراح مشاريع القوانين التي تمتلكها البرلمانات الوطنية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وتعدّ المفوضية الأوروبية الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي لكنها عرضة للمساءلة أمام البرلمان.

يقع المقر الرئيسي للبرلمان في مدينة ستراسبورغ الفرنسية، وله مكاتب إدارية في مدينة لوكسمبورغ. وتعقد الجلسات العامة فيه بينما تعقد اجتماعات لجان البرلمان بشكل رئيس في بروكسل.

انتخابات 2024عنوانها  تماسك دول الاتحاد …

تختلف الانتخابات البرلمانية 2024 عن سابقاتها فهي تجرى لأول مرّة بعد انسحاب بريطانيا و تأتي في وقت تهدّد فيه دولا مثل إيطاليا و اليونان بالانسحاب منه بسبب ما يعتبرانه التعامل السلبي للاتحاد مع ملف المهاجرين الغير نظاميين وقد لمحت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني أكثر من مرّة متهمة الاتحاد الأوروبي بترك بلادها وحيدة في مواجهة موجة المهاجرين مثلما تركت وحيدة في جائحة كورونا في 2020و قد هدّد حينها صراحة رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، بانسحاب بلاده من الاتحاد الأوروبي، إذا ما أقر الاتحاد خطة السياحة المقترحة والتي يمكن أن تسمح بما يسمى “الممرات الخضراء” الخاصة بين البلدان داخل الاتحاد.

وستسمح ممرات السياحة المقترحة لبعض البلدان ذات معدلات الإصابة المنخفضة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19)، بفتح حدود عدد قليل من الوجهات المحددة حتى يتم إعادة فتح الحدود بالكامل.

كما أنّ أصواتا في المانيا  أكبر قوة اقتصادية في الاتحاد الأوروبي بدأت بالمناداة بالانسلاخ عنه وتقود هذه الدعوات أليس فايدل الرئيسة المشاركة لحزب “البديل من أجل ألمانيا”، مؤكدة في اكثر من مناسبة أنّ الحزب سيصر على إجراء استفتاء للخروج من الاتحاد الأوروبي على غرار بريطانيا إذا وصل إلى السلطة.

وتعتمد انتخابات البرلمان الأوروبي على نظام التمثيل النسبي، حيث يتم تخصيص عدد معين من المقاعد لكل دولة عضو بحسب عدد سكانها. ولا يتدخل البرلمان في كيفية تنظيم كل دولة من الأعضاء الانتخابات، ولكنه يطالبها بالمساواة بين الجنسين والاقتراع السري كمبدأين رئيسيين.وقد تفجّر جدل في فرنسا بخصوص السن الدنيا للحق في الانتخاب ويطالب سياسيون بأن يكون بداية من 16سنة  من أجل تمكين أكثر من مليون ونصف  اضافي من التصويت بعد أن سمحت بلجيكا لمواطنيها ما بين السادسة عشر والثامنة عشر عاما بالتصويت في هذه الانتخابات.

يتم توزيع مقاعد البرلمان على أساس سكان كل دولة عضو فمثلاً ألمانيا يمثلها 96 عضواً بينما فرنسا 79 ودولة إستونيا على سبعة أعضاء فقط.

وتختلف طريقة تصويت كل دولة عن الأخرى، بعض الدول تصوت على قوائم ثابتة لأحزاب سياسية معينة ودول أخرى تعتمد على قوائم أكثر انفتاحا من الأحزاب الإعتيادية.

وبمجرد ظهور النتائج  يجتمع  رؤساء الاتحاد الأوروبي  لاختيار الرئيس الجديد للمفوضية الأوروبية، وهو المنصب التنفيذي الأهم الاتحاد الأوروبي.

ولن تقدر رئيسة المفوضية الحالية أورسولا فون دير لاين الفوز بولاية ثانية، فهي لم تعد تحظى بدعم أغلبية قادة الاتحاد الأوروبي،وأهمها إيطاليا وهولندا  كما أنّ البرلمان الجديد و الذي شهد تصاعدا ملفتا لليمين لن تحصل من خلاله على ترشيحها بأغلبية الأصوات.خاصة وهي في عام 2019، تمت  ترشيحها بهامش 9 أصوات فقط.

نصيب العرب و الافارقة و الفلسطينيين

من المؤكّد أن ملامح البرلمان الأوروبي الجديد 2024 لن يكون مشابها للبرلمانات السابقة فموزاين القوى مختلفة و التحدّيات أيضا وأوروبا لم تعد بالمثالية و الانضباط  للقرارات المشتركة كما كانت وظهر هذا في عديد الملفات أهمّها الموقف من الحرب على أوكرانيا وبروز إشكاليات التمويل و التوطين .كما ظهر في الفشل في اتخاذ موقف موحّد من الاعتراف بالدولة الفلسطينية و قبلها فشل البرلمان الأوروبي في ادانة إسرائيل و جرائمها في غزة .ولانعتقد في هذا الاطار أنّ يتمّ الاعتراف الجماعي بالدولة الفلسطينية أو ادانة للجرائم الإسرائيلية لكن سيكون الاعتراف فرديا و من المؤكّد أنّ دولا أخرى ممثلة في البرلمان الأوروبي ستعترف بالدولة الفلسطينية وعلى غرار اسبانيا و النرويج وسلوفينيا.فيما ستكون أوكرانيا المتضرّر الأكبر حيث من الوارد جداّ اجراء مراجعة شاملة لتعامل الاتحاد الأوروبي مع هذه الحرب فقد أغرقت الدول الأوروبية بالأوكران بسبب فتح أبواب اللجوء أمامهم على مصراعيها

.كما أن حنفية الأموال و مخازن السلاح سيتم ترشيدها و تحديدها و ستسجل بالتأكيد انحسارا غير مسبوق في السنتين القادمتين.

ويبقى التحدّي الأكبر أمام البرلمان الجديد هو مواجهة الهجرة الغير نظامية و استعادة ثقة الأفارقة بعد التمدّد الكبير لكل من الصين وتركيا و روسيا وخسارة أهم الدول الاوربية مثل فرنسا و ألمانيا و إيطاليا لأغلب أماكن نفوذها في افريقيا.

لكن من المهم في كل هذا أن يتخلّى البرلمان الجديد عن سياسته القديمة في التعامل مع هذه الملفات الحساسة و يتخلّص من رواسب الثقافة الاستعمارية التي لاتزال تتحكم فيه.

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصاردة بتاريخ الثلاثاء 11 جوان 2024


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING