الشارع المغاربي: اكد وائل الدحدوح مدير مكتب “الجزيرة” بقطاع غزة اليوم الثلاثاء 28 ماي 2024 ان الصحافي في قطاع غزة وفي الاراضي الفلسطينية بشكل عام اشبه بمن يعمل في حقل من الالغام مبرزا ان ذلك يجعل من مهنة الصحافة في مثل هذه الاماكن مهنة الموت مذكرا بأن اعداد الصحافيين الذين سقطوا في اقل من 8 اشهر بغزة لم تحدث في اية حقبة او بقعة من بقاع الارض وبأن اسرائيل اختارت ان توجع الصحافيين في هذه الحرب بشكل لم يسبق له مثيل.
وقال الدحدوح خلال ندوة صحفية بمقر النقابة الوطنية للصحافين التونسيين: “عمل الصحافي في قطاع غزة وفي الاراضي الفلسطينية بشكل عام كمن يعمل في حقل من الالغام… صحيح ان مهنة الصحافة تعرف بأنها مهنة المتاعب لكن في مكان ساخن كقطاع غزة لا يخلو يوم من احداث ساخنة …من حروب …ومن حصار… وكل هذه الملفات التي ربما تابعتموها عن بعد يجعل من مهنة الصحافة في مثل هذه الاماكن مهنة الموت ان صح التعبير ….والجميع يرى الاعداد التي اعلن عنها على مدار اقل من 8 اشهر … ما لا يقل عن 150 من الزملاء المصورين والصحافيين دفعوا حياتهم ثمنا لهذه المهنة.. نحن نعتقد جازمين ان هذه المهنة مهنة انسانية ومهنة نبيلة ومهنة سامية جدا …من يؤمن بها يعطيها كثيرا ولذلك كان الثمن غاليا جدا على هذا النحو الذي لم يحدث في اية بقعة من بقاع الارض او اي حقبة من العصور الغابرة “
واضاف” ولو نظرنا الى الحرب العالمية الاولى او الثانية وحرب فيتنام التي استمرت على مدى 20 عاما لوجدنا ان الاعداد لم تزد عن 70 من الصحافيين خاصة في حرب فيتنام وفي اقل من 8 اشهر سقط 150 من الزملاء في قطاع غزة …هذا رقم مرعب وخطير ولكنه يعكس اهمية الصحافي واهمية الدور الذي يقوم به ومن هنا نحن نتحدث عن ايمان الصحافي بالدور الذي يقوم به ..هذا هو المفهوم الجديد …تعلمنا في مبادىء الصحافة انه لا خبر يساوي قطرة دم تنزف من جسد الصحافي …هكذا تعلمنا لكن المفاهيم الجديدة تجاوزت هذه القواعد والمفاهيم لانها لم تعد مرتبطة بمهنة الصحفي الموظف ..الصحفي الموظف… يفترض في أوطاننا العربية المثقلة بالهموم والقضايا ان يتجاوز الصحفيون هذه المفاهيم ليلتصقوا اكثر بقضايا الناس …هي مهنة انسانية مرتبطة بقضايا الانسان وبالتالي قدر لك ان تكون صحافيا ناطقا باسم كل هؤلاء وباسم هذه القضايا والا اصبحت رقما عاديا مثل اي رقم موجود في المجتمع .. هذا هو المفهوم الذي يمكن الحديث عنه في هذه الايام من وحي التجربة في قطاع غزة …”
وتابع ” في هذه الحرب…ربما اردات اسرائيل ان توجع الصحافيين بطرق لم يسبق لها مثيل فاختارت طرقا متعددة بداتها بالطرق الاكثر ايلاما عندما ذهبت لاستهداف اسر الصحافيين ….وبالتالي هذا هو التحدي الاكبر الذي برز امامنا كصحفيين …هذا الامر شكل عقبة كبيرة وتحديا اكبر ولكن كان يجب ان نكون كصحفيين في مستوى التحدي وكان هناك سؤال هو ان تختار بين اسرتك واحبتك وبين المهنة والاجابة عن هذا السؤال ليست سهلة ابدا لكن كان لزاما ان تكون هناك اجابة والا لرسبنا جميعا وهذا اختبار بشري ومهني وقد اخترنا ان نبقى واقفين ونتحدى كل هذه الاحزان والاوجاع وان ننحاز جازمين حازمين الى هذه المهنة التي آمنا بها وبانسانيتها وبانها قادرة على تحقيق التأثير على قدر ما ألمّ بنا من احزان واوجاع …وكانت الاجابة واضحة ربما الجميع تابعها لانه بعد مواراة الاحبة الثرى كانت العودة حتى نبلغ رسالة الى كل المتلقين الذين تابعوني خلال ايام الحرب ونؤكد ان هذا الصوت سيبقى مرتفعا وان المعلومات التي كنتم تتابعونها ستستمر بنفس القدر ….العودة ربما لا تكفي ولكن ان تعود باعلى درجات المهنية هو التحدي الاكبر ..”
وخلص الدحدود الى القول “القضية العادلة لا تحتاج الى تحريف او تزييف هي تحتاج الى مجرد صحافي يلتصق اكثر بقواعد المهنة …فقط مطلوب منك ان تسلط الضوء على الاحداث كما هي لكن المجرم لا يريد دائما ان يراه احد… يريد ان ينفذ الجريمة دون ان يراه احد …الصحفي دائما في عين الاحداث وقرب الاحداث وهذا ما لا يريده الاحتلال الاسرائيلي ومن هنا جاءت عملية الاستهداف سواء للاسر او للصحفيين او للمنازل لكن المهم في هذه التجربة الملهمة هو ان مسيرة الصحافي ما تزال مستمرة رغم كل هذا الثمن الذي تحدثنا عنه…”