الشارع المغاربي – اتحاد‭ ‬الطبوبي‭ :‬هل‭ ‬هو‭ ‬صمتُ‭ ‬يَسبق‭...‬المَوتَ‭ !‬؟ / بقلم:صالح مصباح

اتحاد‭ ‬الطبوبي‭ :‬هل‭ ‬هو‭ ‬صمتُ‭ ‬يَسبق‭…‬المَوتَ‭ !‬؟ / بقلم:صالح مصباح

قسم الأخبار

14 أكتوبر، 2023

الشارع المغاربي: في‭ ‬هذا‭ ‬الظرف‭ ‬الوطني‭ ‬المتحرّك‭ ‬سياسيا،‭ ‬الخامل‭ ‬نقابيا،‭ ‬يتوجّب‭ ‬أن‭ ‬نتساءل‭ ‬عن‭ ‬الإتحاد‭ ‬العام‭ ‬التونسي‭ ‬للشغل،‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ما‭ ‬مَرَّ‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬الأزمنة‭ ‬وما‭ ‬يمرّ‭ ‬به‭ ‬اليوم‭ ‬وآفاقه‭. ‬ولعل‭ ‬هذا‭ ‬التساؤل‭ ‬هو‭ ‬اليوم‭ ‬مشغل‭ ‬النقابيين‭ ‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬مشغل‭ ‬العموم‭ ‬من‭ ‬متابعي‭ ‬الشأن‭ ‬العام‭. ‬ذلك‭ ‬أنّ‭ ‬هؤلاء‭ ‬وأولئك‭ ‬جميعا،‭ ‬لا‭ ‬يرتضون‭ ‬على‭ ‬الشياع‭ ‬أن‭ ‬تخلوَ‭ ‬تونس‭ ‬من‭” ‬الأتحاد‭” ‬ومن‭ ‬المألوف‭ ‬من‭ ‬أدواره‭ ‬الإجتماعية‭ ‬والسياسية‭. ‬فمن‭ ‬خصائص‭ ‬الإتحاد‭ ‬التي‭ ‬استقرت‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬تاريخه‭ ‬وفي‭ ‬تاريخ‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬التونسية‭ ‬أنه‭ ‬شريك‭ ‬لها‭ ‬اجتماعي‭ ‬وشريك‭ ‬لها‭ ‬سياسي‭. ‬فأين‭ ‬هو‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬وذاك‭ ‬؟‭ ‬

1/‬الإتحاد‭ ‬شريكا‭ ‬اجتماعيا‭:‬

هو‭ ‬شريك‭ ‬للدولة‭ ‬اجتماعي‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬دفاعه‭ ‬عن‭ ‬الشغالين‭ ‬المنخرطين‭ ‬فيه‭ ‬وغير‭ ‬المنخرطين،‭ ‬وعن‭ ‬الطبقة‭ ‬الشعبية‭ ‬على‭ ‬مقتضى‭ ‬ما‭ ‬تشرع‭ ‬الدولة‭ ‬وما‭ ‬يأتيه‭ ‬الأعراف‭. ‬وينفتح‭ ‬دفاعُه‭ ‬لظروف‭ ‬العمل‭ ‬وشروط‭ ‬العيش‭ ‬والخيارات‭ ‬الرسمية‭ ‬المفضية‭ ‬إلى‭ ‬تلكم‭ ‬الظروف‭ ‬والشروط‭ ‬وإلى‭ ‬مؤثراتها‭ ‬على‭ ‬عموم‭ ‬الطبقة‭ ‬الشعبية‭.‬

وفي‭ ‬بعض‭ ‬المراحل،‭ ‬استكثر‭ ‬فريق‭ ‬من‭ ‬الساسة‭ ‬ومن‭ ‬العموم‭ ‬على‭ ‬الإتحاد‭ ‬تقاليد‭ ‬توسعه‭ ‬في‭ ‬دفاعه‭ ‬عن‭ ‬منظوريه‭ ‬وعن‭ ‬عموم‭ ‬الطبقة‭ ‬الشعبية،‭ ‬ومناكفة‭ ‬السلطة‭ ‬في‭ ‬ذلك‭. ‬استكثر‭ ‬هؤلاء‭ ‬عليه‭ ‬ذلك،‭ ‬عسى‭ ‬أن‭ ‬يقتصر‭ ‬دوره‭ ‬على‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬منخرطيه‭ ‬دفاعا‭ ‬مهنيا‭ ‬خالصا‭ ‬حسيرا‭. ‬وحتى‭ ‬هذا‭ ‬الدفاع‭ ‬صار‭ ‬اليوم‭ ‬مأسوفا‭ ‬عليه‭.‬

ويَغنَمُ‭ ‬من‭ ‬انحسار‭ ‬دور‭ ‬الإتحاد‭ ‬الحكامُ‭ ‬والمشغلون‭ ‬العموميون‭ ‬والخواص‭. ‬ويشاركهم‭ ‬بعض‭ ‬العوام‭. ‬ولهم‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬منطلقان؛‭ ‬المصلحة‭ ‬والجهل‭. ‬أما‭ ‬المصلحة‭ ‬فهي‭ ‬في‭ ‬تكريس‭ ‬علاقة‭ ‬شغلية‭ ‬تكون‭ ‬فيها‭ ‬الغلبة‭ ‬المطلقة‭ ‬للجهة‭  ‬المشغِّلة‭ ‬والجهة‭ ‬الحاكمة‭. ‬وأما‭ ‬الجهل‭ ‬فهو‭ ‬في‭ ‬الخلط‭ ‬بين‭ “‬المنظمة‭”‬و‭” ‬الجمعية‭”.‬

إنّ‭ ‬لتمثلية‭ “‬الجمعية‭: ‬نوعين‭ ‬من‭ ‬الإختصاص؛‭ ‬اختصاص‭ ‬الإنخراط‭ ‬واختصاص‭ ‬المجال‭. ‬من‭ ‬اختصاص‭ ‬الإنخراط‭ ‬أن‭ “‬جمعية‭ ‬الصيادين‭” ‬مثلا‭ ‬إنما‭ ‬تمثّل‭ ‬بصفة‭ ‬مباشرة‭ ‬الصيادين‭ ‬المنخرطين‭ ‬فيها‭ ‬والمؤهلين‭ ‬للإنخراط،‭ ‬وليس‭ ‬المنخرطين‭ ‬في‭ ‬جمعية‭ ‬النادي‭ ‬الإفريقي‭. ‬ومن‭ ‬اختصاص‭ ‬المجال‭ ‬أن‭ ‬مشاغل‭ ‬جمعية‭ ‬الصيادين‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬مشاغل‭ ‬جمعية‭ ‬الرفق‭ ‬بالحيوان،‭  ‬مثلما‭ ‬تختلف‭ ‬مشاغل‭ ‬جمعية‭ ‬تحفيظ‭ ‬القرآن‭ ‬عن‭ ‬مشاغل‭ ‬جمعية‭ ‬الصّمّ‭ ‬والبكم‭ ‬أو‭ ‬مرضى‭ ‬السكري‭.‬

لكن‭”‬المنظمة‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭”‬الجمعية‭” ‬اختلافا‭ ‬ينتفي‭ ‬الوعي‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬النصوص‭ ‬التشريعية‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬تمثيل‭ ‬المنظمة‭ ‬يشمل‭ ‬المنخرطين‭ ‬من‭ ‬الشغالين‭ ‬وغير‭ ‬المنخرطين‭ ‬منهم‭ ‬تمثيلا‭ ‬واسعا‭ ‬منفتحا‭ ‬لشتى‭ ‬مجالات‭ ‬الممارسة‭ ‬المهنية‭. ‬فالإتحاد‭ ‬العام‭ ‬التونسي‭ ‬للشغل،‭ ‬منظمةً،‭ ‬يمثل‭ ‬الأجراء‭ ‬بالفكر‭ ‬والساعد،‭ ‬في‭ ‬القطاعين‭ ‬العمومي‭ ‬والخاص‭. ‬ولا‭ ‬يقتصر‭ ‬تمثيله‭ ‬على‭ ‬المنخرطين‭ ‬فيه‭. ‬والإتحاد،‭ ‬منظمةً‭ ‬شغليةً،‭ ‬إنما‭ ‬يمثل‭ ‬الشغالين‭ ‬تمثيلا‭ ‬نقابيا‭ ‬منحازا‭ ‬للطبقة‭ ‬الإجتماعية‭ ‬الشعبية‭ ‬التي‭ ‬ينتمون‭ ‬إليها‭ ‬بالغلبة‭. ‬فصمت‭” ‬الإتحاد‭” ‬الإجتماعي‭ ‬اليوم‭  ‬هو‭ ‬إخلال‭ ‬بشراكته‭ ‬الإجتماعية‭ ‬للدولة‭.‬‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬نواقض‭ ‬كيانه‭.‬

2/الإتحاد‭ ‬شريكا‭ ‬سياسيا‭:‬

لا‭ ‬نرى‭  ‬الآن‭ ‬طائلا‭ ‬في‭ ‬الخوض‭ ‬النظري‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬النقابي‭ ‬والسياسي‭. ‬إنما‭ ‬الأكيد‭ ‬أنّ‭ ‬ما‭ ‬بينهما‭ ‬هو‭ ‬الإتصال‭ ‬وليس‭ ‬الإنفصال‭. ‬فأصول‭ ‬حزب‭ ‬العمال‭ ‬البريطاني‭ ‬هي‭ ‬نقابات‭ ‬عمال‭ ‬الفحم‭. ‬و‭” ‬ليش‭ ‬فاليزا‭”(‬Lech Walesa‭) ‬صار‭ ‬رئيس‭ ‬بولندا‭ ‬من‭ ‬موقع‭ ‬الزعامة‭ ‬لنقابة‭ “‬تضامن‭”.‬

لكن‭ ‬علاقة‭ ‬الإتحاد‭ ‬العام‭ ‬التونسي‭ ‬للشغل‭ ‬بالسياسة‭ ‬ليست،‭ ‬على‭ ‬متانتها،‭ ‬علاقة‭ ‬حكم‭ ‬مباشر‭. ‬فهو،‭ ‬طيلة‭ ‬عقود‭  ‬الدولة‭ ‬الوطنيةؤ‭ ‬شريك‭ ‬لها‭ ‬سياسي‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬الخيارات‭ ‬الكبرى،‭  ‬لاسيما‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬لها‭ ‬تبعات‭ ‬اجتماعية‭. ‬ومثلما‭ ‬توطدت‭ ‬هذه‭ ‬الشراكة‭ ‬السياسية‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬فترات‭ ‬معلومة،‭ ‬تأزمت‭ ‬في‭ ‬فترات‭ ‬أخرى‭ ‬معلومة‭ ‬بدورها‭. ‬ولعل‭ ‬أقربها‭ ‬الذاكرة‭ ‬الهجمة‭ ‬على‭ ‬مقره‭ ‬التي‭ ‬نفذتها‭”‬روابط‭”‬الإخوان‭ ‬الممثلة‭ ‬لحكمهم‭ ‬في‭ ‬الشوارع‭.‬

وإلى‭ ‬غاية‭ ‬24‭ ‬جويلية2021‭  ‬لم‭ ‬ينفصل‭ ‬دور‭ ‬الإتحاد‭ ‬انفصالا‭ ‬رسميا‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬،‭ ‬رغم‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يتراكم‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬العلاقة‭ ‬وداخل‭ ‬هياكل‭ ‬الإتحاد‭ ‬وفي‭ ‬صفوف‭ ‬قادتها‭ ‬وأعضائها‭. ‬فلا‭ ‬الدولة‭ ‬سعت‭ ‬طيلة‭ ‬عشرية‭ ‬كاملة‭ ‬،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬السلطة،‭ ‬إلى‭ ‬محو‭ ‬دور‭ ‬الإتحاد،‭ ‬ولا‭ ‬الإتحاد‭ ‬سعى‭ ‬إلى‭ ‬الإنفصال‭ ‬عن‭ ‬الدولة‭ ‬أو‭ ‬القيام‭ ‬السياسي‭ ‬مقامها‭ ‬أو‭ ‬منازعة‭ ‬السلطة‭ ‬فيها‭. ‬فتفريط‭ ‬الإتحاد‭ ‬،‭ ‬صامتا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة،‭ ‬في‭ ‬شراكته‭ ‬للدولة‭ ‬وفي‭ ‬دوره‭  ‬السياسي‭ ‬غير‭ ‬المباشر‭ ‬فيها،‭ ‬إنما‭ ‬هو‭ ‬الآخر‭ ‬من‭ ‬نواقض‭ ‬كيانه‭.‬

3/‬مرحلة‭ ‬الخفوت‭ ‬ثم‭ ‬الصمت‭:‬

بعد‭ ‬25‭ ‬جولية‭ ‬2021‭ ‬وضع‭ ‬رأس‭ ‬الحكم‭ ‬كل‭ ‬السلط‭ ‬بين‭ ‬يديه،‭ ‬واختزل‭ ‬في‭ ‬شخصه‭ ‬الدولة‭ ‬عقدا‭ ‬ومؤسسات‭ ‬وأجهزةَ‭ ‬سلطة‭ ‬إلخ‭.. ‬كما‭ ‬اكتسح‭ ‬بسلطته‭ ‬المطلقة‭ ‬المجالات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تشغلها‭ ‬الكياناتُ‭ ‬الوسيطة‭ ‬والشريكة‭. ‬واتجه‭ ‬رأسُ‭ ‬الحكم،‭ ‬من‭ ‬جملة‭ ‬ما‭ ‬اتجه‭ ‬إليه،‭ ‬إلى‭ ‬نسخ‭ ‬الإتحاد‭ ‬مَحوا‭.‬و‭ ‬قد‭ ‬مثّل‭ ‬هذا‭ ‬الإتحاهُ‭ ‬مفصلا‭ ‬في‭ ‬العلاقة‭ ‬التي‭ ‬بين‭ ‬الإتحاد‭ ‬والدولة‭. ‬فمن‭ ‬جهة‭ ‬الدولة‭ ‬التي‭ ‬يمثلها‭ ‬رأس‭ ‬الحكم‭ ‬،‭ ‬انتفت‭ ‬ذهنية‭ ‬الشراكة‭ ‬الموروثة‭ ‬الجامعة‭ ‬بينها‭ ‬وبين‭ ‬الإتحاد‭ .‬

تُخبر‭ ‬تلك‭ ‬التقاليد‭ ‬الموروثة‭ ‬عن‭ ‬كون‭ ‬تلك‭ ‬الذهنية‭ ‬الجامعة،‭ ‬والتي‭ ‬لا‭ ‬تخلو‭ ‬من‭ ‬مصلحة‭ ‬متبادلة،‭ ‬تكفل،‭ ‬نظريا،‭ ‬للإتحاد‭ ‬القوة‭ ‬الإجتماعية‭ ‬التي‭ ‬بها‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬السلطة‭ ‬الراهنة‭ ‬أن‭ ‬استأنف‭ ‬تلك‭ ‬الشراكة‭ ‬بينها‭ ‬وبينه‭. ‬وإن‭ ‬هذه‭ ‬الشراكة‭ ‬التي‭ ‬ليست‭ ‬دوما‭ ‬انسجاما‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬التوازن‭ ‬الإجتماعي‭ ‬و‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬البلاد‭. ‬ولقد‭ ‬هَمّ‭ ‬الإتحاد،‭ ‬بعد‭ ‬جويلية‭ ‬2021‭ ‬باستئناف‭ ‬تلك‭ ‬العلاقة‭ ‬،‭ ‬بفرضها‭ ‬من‭ ‬جهته‭ ‬فلم‭ ‬يقدر‭. ‬فقد‭ ‬واجهه‭ ‬رأس‭ ‬الحكم‭ ‬،‭ ‬عليما‭ ‬بعاهات‭ ‬المنظمة،‭ ‬بالتجاهل‭ ‬والجفاء‭ ‬والإستخفاف‭.‬

عندئذ‭ ‬قلص‭ ‬الإتحاد‭ ‬من‭ ‬سقف‭ ‬الطموح‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬خذلته‭ ‬قواه‭ ‬عن‭ ‬فرض‭ ‬ذلك‭ ‬الأستئناف‭. ‬صار‭ ‬طموحه‭ ‬مقصورا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬طرفا‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬مع‭ ‬السلطة،‭ ‬عسى‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬به‭ ‬موطئ‭ ‬قدم‭ ‬فيها‭ ‬يضمن‭ ‬له‭ ‬حدّا‭ ‬أدنى‭ ‬من‭ ‬الشراكة‭ ‬والإعتبار‭ ‬تقيه‭ ‬شبح‭ ‬الإندثار‭. ‬لكن‭ ‬رأس‭ ‬السلطة‭ ‬عبس‭ ‬وتولّى،‭ ‬فلاذ‭ ‬الإتحادُ‭ ‬،‭ ‬كسيرَ‭ ‬الجناحين،‭ ‬بالصمت‭ ‬والإنكماش‭ ‬المُوحِيَين‭ ‬ربما‭ ‬بالخوف‭ ‬ممّا‭ ‬في‭ ‬جرابه‭.‬

إن‭ ‬الإتحاد‭ ‬هو‭ ‬اليوم‭ ‬كسير‭ ‬الجناحين‭ ‬فعلا؛‭ ‬جناح‭ ‬قواه‭ ‬الذاتية‭ ‬وجناح‭ ‬حظوته‭ ‬لدى‭ ‬التونسيين‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬أطمع‭ ‬رأس‭ ‬الحكم‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬أن‭  ‬يَمحُوَهُ‭ ‬من‭ ‬حقيقة‭ ‬الوجود‭. ‬وإن‭ ‬على‭ ‬الإتحاد‭ ‬اليوم‭ ‬أن‭ ‬يذعن‭ ‬لحقيقة‭ ‬أنه‭ ‬جنى‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬إذْ‭ ‬لم‭ ‬يحسن‭ ‬الإصطفاف،‭ ‬طيلة‭ ‬أغلب‭ ‬العشرية‭ ‬الماضية،‭ ‬ولم‭ ‬يتبين‭ ‬أرض‭ ‬تماسكه،‭ ‬وحين‭ ‬طغت‭ ‬هياكله‭ ‬باسمه‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬صَوْلا‭ ‬،‭ ‬وحين‭ ‬انحرف‭ ‬أعضاؤها‭ ‬انحرافا‭ ‬متراكما‭ ‬لم‭ ‬تدارك‭ ‬عليه‭  ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬بقاومته‭ ‬أو‭ ‬بفعل‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬عكس‭ ‬ما‭ ‬فعلوا‭. ‬ولا‭ ‬تبدو‭ ‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬اليوم‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الحركة‭. ‬فهي‭ ‬مقعدة‭. ‬ولعل‭ ‬قعودها‭ ‬هو‭ ‬خوف‭ ‬من‭ ‬نهوضها‭ ‬الذي‭ ‬ليس‭ ‬اليوم‭ ‬متاحا‭ ‬لها‭.‬

لكأن‭ ‬قادة‭ ‬الإتحاد‭ ‬الحاليين‭ ‬،‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬الهياكل،‭ ‬قد‭ ‬استنفذوا‭ ‬عمرهم‭ ‬الإفتراضي‭. ‬وهو‭ ‬استنفاذ‭ ‬،‭ ‬لو‭ ‬صح،‭ ‬يقتضي‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬الإتحاد‭ ‬صياغة‭ ‬نفسه‭ ‬إعادة‭ ‬يسترد‭ ‬بها‭ ‬اعتباره‭. ‬وإلا‭ ‬فهو‭ ‬إلى‭ ‬زوال‭. ” ‬فبِردّ‭ ‬الإعتبار‭” ‬عنوانا،‭ ‬فازت‭ ‬مؤخرا‭ ‬قائمة‭ ‬نقابة‭ ‬عامة‭ ‬قطاعية‭. ‬أ‭ ‬فَلا‭ ‬يعقلون‭.‬

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 10 اكتوبر 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING