الشارع المغاربي : لوحظت خلال الايام الاخيرة عودة توظيف دور العبادة من قبل نفس الوجوه تقريبا ، وشاهد المتابعون للشأن الوطني كيف تحولت خطبة الجمعة في عدد من المساجد إلى وسيلة للتحريض على لجنة الحريات الفردية والمساواة ونشر خطاب الكراهية وحتى الدموية ، وبث الفتنة وسط مخاوف من تواصل هذا الامر .
ونقل عدد من الناشطين والسياسيين شهادات لما يحدث داخل المساجد ومحيطاتها ، من ذلك ما كتب اليوم الجمعة 10 أوت 2018 النائب بمجلس نواب الشّعب كريم الهلالي بصفحته الشخصية بموقع “فايسبوك” ، وتحديدا تأكيده أنه استمع اليوم إلى خطبة الجمعة، وأنّ الإمام قال فيها” لن تتحقق أية تنمية ولن ينخفض العجز التجاري ما دام حكامنا يأتوننا بأحكام ضد شرع الله ” في إشارة إلى تقرير لجنة الحريات.
وأشار الهلالي الى أنّ الإمام المذكور قال أيضا إن التقرير تضمّن ” مائتين وثلاثين صفحة من الكذب والبهتان والافتراء على الله ، حسبنا الله ونعم الوكيل”.
واعتبر النائب أنه “من المعقول أن يتمّ النقاش بهدوء وعمق وتحضر في محتوى تقرير لجنة الحريّات من منظور ديني وفكري” وأنّه “من غير المعقول والمقبول أن يتمّ تحويل التقرير الذي يبقى مضمونه مجرد أفكار وإقتراحات إلى معركة دينية حامية الوطيس وقودها الخطب التحريضية من منابر المساجد وشعارها التكفير و تقسيم التونسيين” .
وحذّر الهلالي من المساس بوحدة التونسيين التي إعتبرها خطا أحمر مطالبا وزارة الشؤون الدينية بتحمّل مسؤولياتها كاملة في تحييد دور العبادة وتجنيبها المعارك والصراعات الدينية الوهمية.
من جهته كتب نقيب الصحفيين ناجي البغوري على صفحته بموقع “فايسبوك” ” المساجد خارج سلطة الدولة .. المساجد التي كانت تحت تصرف أنصار الشريعة وخلنا انها عادت الى حظيرة الدولة تُفتك من جديد من قبل الاسلام الغاضب .. حملات التكفير وخطابات التحريض والكراهية الصادرة من بعض المساجد ضد أعضاء لجنة الحريات الفردية والمساواة وضد كل من لا يعارض التقرير لا تُفهم الا في هذا الاطار “.
والتحذير من خطابات التكفير والتحريض في المساجد ، نبهت من خطورتها رئيسة اللجنة بشرى بلحاج حميدة ، دون ان يصدر رغم ما يتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي من مقاطع فيديو توثق الانزلاق الخطير الذي يعيش على وقعه عدد من المساجد ، ايّ موقف من وزارة الشؤون الدينية المحمول عليها حماية دور العبادة من أي توظيف كان استنادا الى مقتصيات دستور الجمهورية الثانية .
وكانت تونس قد عرفت أوج توظيف الدين في السياسة خلال فترة حكم الترويكا ، ووقتها تحوّل عدد كبير من المساجد الى فضاءات للتكفير والتحريض وللترويج حتى لخطب دموية وللارهاب ، ولاستقطاب الشباب لجرّهم لبؤر التوتر أو ما سمي وقتها بالجهاد.
وشكل تحييد المساجد احدى أهم النقاط التي تضمنتها خارطة طريق الرباعي الراعي للحوار ، وحرص كل وزير للشؤون الدينية على تقديم معطيات حول عدد المساجد الخارجة عن السيطرة كدليل لانخراطه التامة في سياسية النأي بالدين عن السياسة.
واللافت ان رئيس الحكومة يوسف الشاهد لم يحرّك ساكنا حتى اليوم لا هو ولا وزير الشؤون الدينية ، على الاقل على مستوى المواقف الرسمية ، ليُفاجأ التونسيون بعودة وجوه الفتن التي سبق ان اطردت من المساجد وابعدت من الواجهة ، ونذكر الشاهد بانه محمول عليه وعلى حكومته إنهاء الانفلات الخطير الذي تعرفه المساجد حتى لا تصل البلاد الى ما لا تحمد عقباه.
والمثير انه سبق لاحمد عظوم ان صرح بتاريخ 1 مارس 2018 ان الدولة تسيطر كليا على المساجد وأنها تركت المجال للأيمة للإجتهاد في حدود ما تضبطه الوزارة.
https://www.facebook.com/karim.helali.16/posts/1957459010997960