الشارع المغاربي: طالب السياسي عمر صحابو رئيس الجمهورية قيس سعيّد اليوم السبت 28 نوفمبر 2020 بالتوجّه الى الشعب بخطاب مصيري لمناصرته ولتغيير الدستور، معتبرا أنّ تنقيح الدستور والنظام الانتخابي ضرورة حتميّة لانقاذ تونس، داعيا اياه الى الاقتداء بالجنرال والرئيس الفرنسي الراحل شارل ديغول مطالبا اياه باحتواء “الغضب الجبار الذي يشقّ الشعب التونسي الآن قبل أن يحدث الانفجار وقبل أن تهترئ شعبيته” محذرا من تواصل هذا الوضع .
وقال صحابو في فيديو توجه به لسعيّد “سيّد الرئيس قيس سعيد أتصور أنّك تتابع عن كثب مثل كلّ التونسيين الوضع الذي وصلت اليه البلاد ومن المحقق مثل كل التونسيين انك قلق ونستطيع القول اليوم دون مبالغة أنّ أغلب التونسيين “مرضى على بلادهم” ويشعرون بالخوف عليها ولديهم الحق في ذلك والدستور اليوم مستباح وتقرير محكمة المحاسبات يدل على ذلك والقضاء اليوم في فوضى لم يسبق لها مثيل في تاريخ تونس والميزانية لأوّل مرّة في تاريخ البلاد لا نعلم بأيّة موارد ستموّل وحتى ان وجدنا موارد فستكون الميزانية المقبلة قاسية جدا على المواطن “.
واضاف “الفقر والخصاصة وحتى الجوع مع الاسف والأمية بصدد الانتشار بصفة مرعبة في الاوساط الشعبية واليوم لديّ شعور ولست الوحيد بأننا دخلنا في مرحلة “الغورة…الناس ولاّو يغّورو على بعضهم” عن طريق البراكاجات التي تعدّ بالآلاف حسب مصادري الامنية …يوميا وفي وضح النهار تحدث البراكاجات وليست مسألة منحرفين “مزطلين او محربشين”…لا سيد الرئيس …ليس لديهم المال لاقتناء المخدرات من اساسه .. الدمار والميزيريا والخصاصة دفعت المواطنين الى هذه الخطيئة …تجد شابا في مقتبل العمر متحصلا على شهادة الباكالوريا مع 4 او 5 سنوات في الجامعة يطلب كلّ يوم دينارا من والديه ليشتري قهوة ..كيف تريد منه الا يستجرم؟ ..لا ابرر هنا البراكاجات ولكن احاول فهم الأسباب… ومن جهة أخرى التونسيون بصدد الموت اليوم وليس جراء الاصابة بفيروس كورونا فقط للأسف بل بسبب قلّة الدواء وانا سمعت بنفسي كاتب عام نقابة الصيادلة يقول بالحرف الواحد “هناك تونسيون اليوم يموتون جراء فقدان الأدوية ” لأنّ المزودين الخارجيين الذين يبيعون لنا الدواء الثمين والثقيل أوقفوا البيع لأنّنا لم نسدد المال ..صبروا علينا صبروا علينا ومبعد قصوا علينا الدواء”.
وتابع “النتيجة تتمثل في ان عددا هاما من التونسيين يموتون في أروقة المستشفيات ..هل هناك أعظم من هذه المصيبة وهذا الانحلال سيّد الرئيس ؟ والأخطر من كل هذا هو تفكك الوحدة الوطنية نتيجة المعالجة الكارثية لمسألة الكامور وأهالينا في تطاوين …معالجة كارثية لانها فتحت علينا ابواب جهنّم وأغلب الجهات اليوم في حالة استنفار وكلّ شخص فتح الفانا الخاصة به وانا شخصيا لدي تخوف …وكأنّ الهوية الجهوية دخلت في قلوب التونسيين وتغلبت وطغت على الوطنية وهذه مصيبة كبيرة جدا ..الوحدة الوطنية مكسب من مكاسب عظمة الشعب التونسي التي بناها حجرا حجرا طيلة عقود ربما هي الآن بصدد التفكك لا قدّر الله بحيث ان تونس اليوم سيد الرئيس “محروبة من بابها لمحرابها” والمشكلة ان القضية اليوم لم تعد قضية تنمية وانما بقاء الدولة التونسية لاسيما ان هناك جهات خليجية “تستنى فينا في الدورة” تنتظر بفارغ الصبر انهيار النموذج التونسي والذين ساهموا باموالهم في انهياره وفي المقابل نجد برلمانا اقل ما يقال عنه انه “كاراكوزي” …عشرات مشاريع القوانين الهامة والمصيرية “راقدة” والنواب يقضون الساعات في تجاذبات وفي نقاشات هامشية مردها اغراض حزبية ضيقة او اغراض زعامتية رخيصة …عرك ومعروك وسبّان”.
واعتبر صحابو أنّ الثابت والشيء الذي لا جدال فيه هو “أنّه ما دامت تونس تحت نظام الاحزاب هذا الذي كنت قد وعدت بتقويضه وما دام الدستور الحالي مُفعّل والذي كنت قد التزمت بتغييره …ما دامت تونس لن تقوم لها قائمة ..مستحيل …اذ سنظلّ نعيش تحت سلطة اللوبيات والمال الفاسد والافلات من العقاب واحزاب فاشلة اذا فتونس ستواصل مسيرتها التقهقرية …الانهيار المتواصل”.
وأكّد “بهذا الدستور سيد الرئيس لن تستطيع فعل اي شيء…”قربطوه الجماعة”..النهضة هي من انجزت هذا الدستور بمساندة مصطفى بن جعفر …عملوه بطريقة لا يتركوا اي هامش اجتهادي للاصلاح وللتغيير …ما تنجمش تتحرك ولا تعمل اي شيء …انت مُكبّل …ولذا يجب أن يحدث تغيير جذري للتمشي السياسي الوطني كله ظهرا على عقب متسائلا “كيف سيتمّ ذلكّ ؟”أقترح عليك سيد الرئيس أن تتخذ من الشعب التونسي نصيرك وحليفك …الشعب مباشرة …واترك الاحزاب على جنب ..اتركهم وباشر مع الشعب وتوجّه اليه بخطاب مصيري، تاريخي باللهجة التونسية وأطلب منه مناصرتك لتغيير النظام السياسي الفاسد والفاشل الذي دفع ببلادنا للانهيار وأطلب منه النزول للشارع في مظاهرات سلمية لمناصرتك من بنزرت الى برج الخضراء…اطلب من الشعب مناصرتك في مشروع تغيير هذا النظام السياسي وسيستجيب لك”.
ودعا صحابو قيس سعيد للاقتداء بمثال الجنرال ديغول قائلا “تستطيع الاقتداء بما قام به سنة 1957 ..فرنسا وصلت جراء نظام الاحزاب البرلماني الى الانهيار الشامل واصبحت تمدّ ايديها لتمويل ميزانيتها مثلنا نحن اليوم …وعندما عاد الجنرال..اول شيء طالب به هو تغيير الدستور لأنّه أدرك أنّ الدستور هو الداء الأصلي الذي دفع بفرنسا للانهيار وبفضل مشروعيته الشعبية والتاريخية فرض على البرلمان الفرنسي تبني مبدأ الاستفتاء وعرض على الشعب الفرنسي دستورا جديدا بسرعة سنة 1958..في سنة… وصوّت الشعب عليه بنسبة 80% ومنذ ذلك الوقت استرجعت فرنسا استقرارها وقوتها واشعاعها وأنت تعلم سيد الرئيس بصفتك استاذا دستوريا ان المشروعية الشعبية فوق الشرعية الانتخابية ومن المشروعية الشعبية تتأتى بقيّة الشرعيات .. لديك الشرعية والشعبية الكافيتين لتقوم بعملية مماثلة لأنه ثبت بالكاشف أنّ تغيير الدستور والنظام الانتخابي أصبح ضرورة حتميّة وهذا هو الشرط المسبق لانقاذ تونس”.
وواصل “أعتقد أنّ التونسيين سيستجيبون لتمشّ من هذا النوع… يعول على التونسيين قبل التعويل على الأحزاب ولا اتحدّث هنا باسمهم ولكن اقول هذا بناء على الاحصائيات الاخيرة لسيغما كونساي التي اكدت أنّ 68 % من الناخبين لا يريدون الذهاب للتصويت من جديد وهم رافضون لنظام الاحزاب ولا يستعرفون بها وكرهوها ..لن يصوتوا وهذه النسبة تشكل قوّة جبارة يستطيع سعيد التعويل عليها حتى ننتهي من هذا النظام السياسي وهذا الدستور المكبل لسيرورة الدولة …اعتقد ان التونسيين سيستجيبون لك وسيكونون حاضرين… هم اساسا حاضرون …الآن هناك ثورة جديدة وانتفاضة جديدة…ينتظرون عود كبريت …احتو هذا الغضب الجبار الذي يشقّ الشعب التونسي الآن قبل أن يحدث الانفجار وقبل أن تهترئ شعبيتك ايضا لأنّه في صورة تواصل هذا الوضع فانت كذلك ستُمسّ”.
واعتبر صحابو ان تنظيم حوار وطني ليس حلا قائلا “حوار متاع شنوّة وبشكون ؟..بهذه الاحزاب التي دفعت بالبلاد للهاوية وهي نفسها التي ستتحاور لانقاذها ؟ هذا عبث ولا انتخابات سابقة لأوانها…ولنفترض انه تم حل البرلمان واجراء انتخابات سابقة لأوانها..فإننا سنعود لنقطة البداية بهذا القانون الانتخابي وبالهيئة المستقلة للانتخابات هذه والفرق الوحيد الذي سيحدث هو ان الدساترة سيصبحون في الصف الاول والنهضة في المرتبة الثانية ثمّ تاتي الحُزيبات …ونعود للشراء والبيع وللتجاذبات لنكوّن اغلبية مريحة…على الشعب افتكاك المبادرة برئاسة رئيس الجمهورية الذي لديه الشعبية والشرعية اللذين يخوّلان له قيادة عملية الانقاذ ارتكازا وتوكلا على الشعب وعلى الاتحاد العام التونسي للشغل لأنّ للاتحاد تاريخيا وظيفتين: نقابية وسياسية وطنية…عليك تكوين حكومة انقاذ وطني حقيقية”.