الشارع المغاربي -الحبيب القيزاني : خلّف بورقيبة اثر موته في افريل 2000 «ثروة » واحدة هي منزل ذي طابع عربي ورثه عن والديه.
وعوض تحويله الى متحف وطني او الى بيت ثقافة، ارتأت مريم بورقيبة العويتي تحويله الى مطعم تديره ابنة بورقيبي مشهور.
ويقع منزل اجداد بورقيبة في قلب مدينة المنستير، وتحديدا بحي الطرابلسية وفيه ولد الحبيب بورقيبة ذات 3 أوت 1902 او1903، وقضّى جانبا من طفولته قبل الالتحاق بشقيقه الاكبر مْحمّد بتونس العاصمة اين سجّله بمعهد الصادقية عام 1907.
ولم تقم عائلة الحبيب بورقيبة أبدا بصفة دائمة في المنزل اذ انه لمواجهة مصاريف دراسة نجله الحبيب بورقيبة الابن بفرنسا، لجأ الزعيم لتسويغه لعائلة بسباس الشهيرة بالمنستير.
ولم يسترجع الحبيب بورقيبة المنزل الا بعد استقلال تونس ليحوّله الى مقرّ للزيارات او الاحتفالات في المناسبات وكان يتردد عليه خاصّة في شهر أوت من كل عام لقضاء العطلة الصيفية في مسقط رأسه.ويعدّ المنزل الملك الوحيد الذي ورثته العائلة عن الزعيم. واذا كان مغزى ذلك ان الرجل كان بعيدا كل البعد عن اللصوصية والفساد فانّه لا يعني ان ماضي كل ورثته كان ناصع البياض اذ انه من المعروف ان ابنه الذي توفي يوم 25 ديسمبر 2009 استفاد من بعض الصفقات في عالم «البيزنس» وخاصّة لمّا كان على رأس بنك تونس للتنمية الاقتصادية (1971 1988-) ثم عندما كان رئيس مجلس ادارة وشريكا في بنك تونس العربي الدولي.
وقد سوّغت مريم ابنة الحبيب بورقيبة الابن المعروفة بثرائها الواسع والمتزوّجة من الملياردير قيس العويتي صاحب بنك بلندن جناحا من المنزل لسارّة مزالي ابنة رئيس الحكومة سابقا محمد مزالي الذي توفي يوم 23 جوان 2010 والتي حوّلته الى مطعم فخم يحمل اسم «مقهى بورقيبة».
فهل جفّ عقل سارّة مزالي سليلة والدين متضلّعين في الفلسفة واحدهما (والدها) خرّيج جامعة السربون الباريسية من الافكار النبيلة والمشاريع التي تليق بتخليد اسم والديها حتى تروم تلويث تاريخهما وسمعتيهما بمشروع لا غاية من ورائه سوى كسب المال؟ والادهى من ذلك، هل تحتاج مريم العويتي، الغارقة في الثراء من أخمص قدميها الى شعر رأسها الى 2000 دينار شهريا ليهون عليها تحويل العقار الوحيد الذي خلّفه الزعيم بورقيبة الى مطعم لا تُلبى فيه سوى رغبات البطن؟!
لقد كان حريّا بسارّة وبمريم مراعاة والديهما وعدم “تدنيس” تاريخيهما من أجل «وسخ الدنيا» والنسج على منوال هالة الباجي، ابنة المنذر بن عمّار، التي حوّلت منزل عمّنها وسيلة بورقيبة الكائن بالمدينة العتيقة في العاصمة الى معهد يحمل اسم « معهد تونس الدولي» تنظّم فيه ملتقيات وندوات أدبية وفلسفية، وهو انجاز يليق بتاريخ عمّتها وزوجها الزعيم الرّاحل الحبيب بورقيبة، المحامي القدير والديبلوماسي الثاقب البصيرة ورجل الدولة الذي اعترف له زعماء العالم بالحنكة والدهاء وبعد النظر.