الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: كشفت المعطيات الصادرة بداية هذا الأسبوع عن وزارة المالية في مذكرتها المتعلقة بمتابعة تنفيذ ميزانية الدولة عن تراجع اقتراض الدولة من البنوك نهاية شهر افريل الفارط الى 1273.3 مليون دينار مقابل 2304.2 مليون دينار في نفس الفترة من العام السابق مما يعني تسجيل انخفاض بقيمة 1030.9 مليون دينار او – 44.7 بالمائة.
وتعلق هذا التراجع الملحوظ بالاكتتاب في رقاع الخزينة القابلة للتنظير وهي رقاع تجسم قروضا طويلة المدى تمنحها البنوك للدولة باعتبار تفاقم المخاطر الائتمانية السيادية لتعثر الحكومة في تسديد عدة أقساط قروض من هذا الصنف للبنوك، من ناحية وبحكم التوقعات بمزيد ارتفاع نسبة الفائدة في السوق النقدية في ظل التضخم الزاحف والشامل، من ناحية أخرى.
في جانب اخر، عوضت تعبئة موارد مالية بقيمة 554.9 مليون دينار بعنوان المساهمات في القسط الأول من القرض الوطني 2022 النقص الحاصل في الاكتتاب في رقاع الخزينة، في حين ناهزت خدمة الدين الداخلي، اجمالا، نحو 2762.6 مليون دينار خلال الأشهر الأربع الأولى من العام الحالي وهو ما يمثل 54.8 بالمائة من خدمة الدين العمومي.
وتم، في موفى افريل الفارط، تسديد 1900.1 مليون دينار بعنوان اصل الدين الداخلي بينما بلغت قيمة الفوائد المتعلقة به 862.6 مليون دينار. وبلغ قائم الدين الداخلي على هذا الأساس 41908.4 مليون دينار وهو ما يمقل 39.3 بالمائة من قائم الدين العمومي المقدر بـ 106512.4 مليون دينار.
يذكر ان صندوق النقد الدولي كان قد دعا في مذكرة نشرها مؤخرا بعنوان “هوامش المناورة المتاحة لإعادة هيكلة الديون الداخلية”، الى النظر بشكل عاجل في مسالة إعادة هيكلة الديون الداخلية وصيغ وضعها حيز النفاذ مشيرا الى ان الديون الداخلية باتت تشكل عبئا كبيرا مما يجعل من هيكلة هذه الديون امرا محوريا لحل مشكل استدامة الدين العمومي.
وبين صندوق النقد الدولي في مذكرته ان جدولة الدين الداخلي تخضع من الناحية الفنية الى معايير مختلفة. فمن جهة، يمكن انجاز عمليات الدين الداخلي بأكثر يسر مقارنة بالديون الخارجية نظرا لتعدد الدائنين ومن جهة أخرى، تمكن عمليات هيكلة الدين الداخلي من الحد من تداعيات تعقيد عمليات إعادة جدولة الدين الخارجي التي تعيق الحصول على قروض إضافية سواء من الهيئات المالية الدولية او على الاسواق الخارجية.
ويبرز الصندوق ان الدين الداخلي يتعلق بعدد مهم من الدائنين وانه من المحتمل ان تؤدي إعادة جدولته الى تحمل الدائنين خسائر متفاوتة، وانه من الوارد ان تنتقل الخسائر الى الافراد والبنوك المحلية، على وجه التحديد، بما من شانه ان يفاقم الكساد الاقتصادي وضعف النمو وهو الامر الذي تطلب بداية إعادة هيكلة الدين الداخلي مما ينجر عنه تفجر ازمة نظمية شاملة تنهك المنظومتين الإنتاجية والتمويلية برمتهما. وأكدت الهيئة المالية الدولية على أهمية دراسة ملف إعادة جدولة الدين الداخلي بعمق للتخفيض فعليا من كلفته الاقتصادية وعلى مستوى الموازنات العامة.
يذكر ان وكالة التصنيف السيادي “موديز” كانت قد اعتبرت في تقرير أصدرته اول يوم أمس الاثنين 27 جوان 2022 أنّ آفاق نشاط البنوك التونسية ستكون سلبية في الفترة الممتدة ما بين 12 و18 شهراً المقبلين، وذلك في علاقة بالعوامل التي تتسم بها البيئة التشغيلية للقطاع بسبب تصاعد مخاطر الاضطرابات السياسية والاقتصادية وشدة تعرّضها لمخاطر القروض المسندة للدولة في إطار التمويل الداخلي لميزانية الدولة والتي تعتبر الوكالة آفاقها سلبية أيضاً.
وحذرت الوكالة من أنّ القطاع البنكي معرّض للضغوط التضخمية المتواصلة متوقعة انخفاضاً محتملاً للعملة المحلية، في صورة فشل المفاوضات حول خطة إنقاذ ثالثة من صندوق النقد الدولي للبلاد، كما رجّحت أن يؤدي فشل المفاوضات، إلى تفاقم مشكلة القروض البنكية ومزيد تعثرها، علاوة على زيادة نقص السيولة وخطر تآكل ربحية القطاع.