الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: اتسمت جلسة يوم أمس الثلاثاء 2 فيفري 2021 بقصر باردو بفوضى عارمة وذلك بعد أن تم تمرير ثلاث اتفاقيات للحصول على قروض قيمتها الاجمالية 600 مليون أورو أي ما يعادل 1960 مليون دينار دون ان تقدم وزارة المالية أي سند لإنفاقها في مشاريع محددة مما يجعل من العملية أكبر عملية للحصول على قروض تصنف دوليا بالكريهة باعتبار أن لا فائدة مباشرة أو غير مباشرة للشعب من الحصول عليها. وعارضت كتلة الحزب الدستوري الحر بشراسة العملية غير أن الائتلاف الحاكم جمع أصواتا كافية للمصادقة على القروض.
ويتعلق الأمر على وجه التحديد بخصوص القرض الأول بالمصادقة، بلا نقاش، على مشروع قانون يتعلق بالموافقة على عقد قرض من المؤسسة الألمانية للقروض لإعادة الإعمار بما قيمته 150 مليون اورو، أي ما يعادل حوالي 480 مليون دينار في شكل دعم لميزانية الدولة حسب ما ورد في عقد القرض لتمويل المرحلة الاولى من برنامج دعم الإصلاحات في القطاع العمومي حسب تصريح وزير المالية علي الكعلي مما يجعل منه قرضا بلا غرض في غياب اي وجه واضح لإنفاقه. وسيتم سداد هذا القرض، على امتداد 15 سنة منها 5 سنوات إمهال. وأفاد الكعلي، في سياق غامض ان هذا القرض سيساهم في تحسين هيكلة الوظيفة العمومية والشركات العمومية مشيرا إلى أنه سيتم سداده على جزءين، ملاحظا أن الجزء الثاني مرتبط ببعض الإصلاحات والقوانين الإضافية التي وجب تقديمها بما يتعلق منها بالمنشآت العمومية …
أما بخصوص القرض الثاني فقد تمت كذلك المصادقة عليه، دون نقاش، وهو يندرج في إطار اتفاق ثان مع المؤسسة الألمانية للقروض لإعادة الإعمار بقيمة 100 مليون اورو، أي ما يعادل 320 مليون دينار لدعم ميزانية الدولة ولتمويل برنامج دعم الإصلاحات في القطاعين البنكي والمالي على مستوى المرحلة الثانية وذلك وفق تصريح وزير المالية مما يعني ان لا غرض أيضا للقرض. وسيتم سداد هذا القرض على مدى 15 سنة منها 5 سنوات إمهال.
ولتكتمل صورة المديونية الكريهة التي انخرطت فيها السلط المالية بتونس منذ عقد من الزمن فقد تمت الموافقة على قرض ثالث بعنوان أجوف من ناحية المعايير المالية الدولية حيث تم تقديمه في سياق اتفاق اطاري لتوفير خط تمويل من الوكالة الفرنسية للتنمية للمساهمة في تمويل برنامج دعم الإصلاحات لتعزيز صلابة الاقتصاد التونسي ويتعلق الاتفاق الاطاري بمبلغ يناهز 350 مليون أورو أي ما يعادل 1150 مليون دينار غير انه تم التكتم بالكامل على مدة السداد ونسبة الفائدة.
يذكر ان ما حدث يوم أمس في مجلس النواب يرتقي الى مستوى اكبر وضعية مالية غامضة عاشتها تونس منذ بداية القرن العشرين من حيث الحجم لدى مقارنتها بوضعية البنك الفرنسي التونسي. كما انها احالت من جديد الى موضوع ملح ومصيري في علاقة بطلب العديد من المهتمين بالشأن الاقتصادي الوطني بوجوب فتح ملفات القروض الكريھة التي حصلت عليها الأحزاب الحاكمة في تونس منذ 2011 (75 مليار دينار) والتي لا يعرف لها تقريبا أي مال.
وقد وصل الأمر حتى بجهات خارجية كالصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وهو صندوق كويتي دأب على اقراض تونس لإنشاء مشاريع في مجالي البنية التحتية والتربية الى مطالبة تونس بإرجاع الاعتمادات التي لم يتسنى لخبرائه معرفة أوجه صرفها وذلك فضلا على إيقاف صندوق النقد تمويلاته لتونس على خلفيات مشابهة.