الشارع المغاربي-تحقيق محمد الجلالي: يُعرّف قانون حماية المبلغين الفسادَ بكل تصرف مخالف للقانون وللتراتيب الجاري بها العمل من شأنه الإضرار بالمصلحة العامة وبسوء استخدام السلطة أو النفوذ أو الوظيفة للحصول على منفعة شخصية.
من هذا المنطلق يبدو ان كمال الفقيه والي تونس ومعز بوراوي رئيس بلدية المرسى وقعا في محظور قانوني بمخالفة التشريعات والتراتيب الجاري بها العمل أو على الأقل بالتغافل عن تطبيق القانون في ملف قد لا يصنف في خانة الفساد الكبير ولكنه يشي بتعنت كلاهما في رفض قرارات المحكمة الإدارية واعتماد المحسوبية والمحاباة بما تسبب في أضرار مختلفة لعدد من المواطنين.
شكاية جزائية
بعد قرابة سنة ونصف من التحرك على أكثر من واجهة ومراسلة أكثر من جهة رسمية توجهت 12 عائلة قاطنة بضاحية المرسى قبل عشرة ايام بشكاية جزائية الى القطب القضائي المالي والاقتصادي متهمة والي تونس ورئيس بلدية المرسى وكل من سيكشف عنه البحث بالتسبب لها في اضرار مختلفة بسبب التغاضي عن فتح مقهى مخالف للقانون بالحي وعدم احترام التراتيب الادارية والقانونية وتجاهل قرار قضائي صادر عن المحكمة الادارية ينص على عدم ايقاف عدم فتح المقهى.
يؤكد احد سكان حي الصنوبر بالمرسى فضّل عدم الكشف عن هويته في تصريح لـ “الشارع المغاربي” ان المشكل يعود الى مستهل مارس 2021 عندما تفطن الاهالي الى وجود أشغال تهيئة مقهى بمدخل العمارة وان الامر تطور ليبلغ حد امعان صاحب المقهى في اعادة فتحه بعد اغلاقه بالقوة العامة واكتفاء بلدية المرسى بملازمة صمت وصفه بـ المريب ووالي تونس كمال الفقيه باجابة السكان بان 99 % من قرارات الوالي الذي سبقه كلها جائرة.
من جهته ابرز وليد البهلول محامي العائلات المتضررة ان منوبيه يملكون ما يكفي من الاثباتات عن وجود تقصير في تطبيق القانون واعتماد المحسوبية والمحاباة في التعاطي مع الملف.
أسبوعية “الشارع المغاربي” حصلت على وثائق تثبت مراسلة العائلات بلدية المرسى وولاية تونس قبل انطلاق مشروع فتح المقهى وبعده. وتبيّن الوثائق ان السكان فوجئوا في افريل 2021 بفتح مقهى في الطابق الارضي لعمارتهم وانهم راسلوا في 3 ماي 2021 معز بوراوي رئيس بلدية المرسى لاعلامه بفتح المقهى وبأن ذلك يخالف مثال التهيئة العمرانية الذي يعطي الاولوية لراحة سكان العمارة.
السكان شددوا في مراسلاتهم على ان “صاحب المقهى تعمد تركيز كاميراوات مراقبة غير قانونية واستغلال مربض سيارات الحي السكني لوضع مقاعد وطاولات على ذمة حرفائه وتشغيل التلفاز بصوت عال وفتح شباك يطل على مدخل العمارة.
وأضافوا “في 8 أوت 2021 استنجدنا بعدل منفذ لتوثيق تواصل مخالفة المقهى القانون فوثّق انه مفتوح للعموم بمدخل العمارة السكنية وان الحرفاء المتجمعين امامه يُحدثون تشويشا وصخبا وان بعضهم يتفوه بكلام بذيء. وفي منتصف نوفمبر 2021 استبشرنا خيرا بعد ان اذن الشاذلي بوعلاق والي تونس السابق باغلاق المقهى”.
وتشير الوثائق الى ان الوالي السابق أسس قراره على مخالفتين تم ارتكابهما من قبل صاحب المقهى هما تغيير صبغة محل تجاري الى مقهى دون أن ينص على ذلك مثال البناء الهندسي وعدم احترام مضمون كراس الشروط باستغلال مساحة دون 100 متر مربع كمقهى عوضا عن مشرب.
يذكر ان الفصل 9 من كراس شروط المقاهي ينص على انه “توجد المقاهي في مركبات او مقاسم مخصصة للتجارة وفقا لمثال التهيئة العمرانية بالنسبة للمناطق المشمولة بمثال تهيئة عمرانية او في احياء تجارية بالنسبة للمناطق الاخرى” وعلى “ان تكون هذه المحلات اما في بناء مستقل او في طوابق ارضية لعمارات غير سكنية مع إفرادها بمدخل خاص بها”.
تسييس الملف
لجأ السكان في 9 نوفمبر 2021 الى المحكمة طالبين الاذن بتعيين خبير عدلي لمعاينة الأضرار التي تسبب فيها فتح المقهى بينما تقدم صاحبه بدعوى لدى المحكمة الادارية في 17 جانفي 2022 فاصدرت قرارا يقضي بعدم عدم فتح المقهى.
يقول احد سكان حي الصنوبر: “الى هنا يبدو الامر عاديا رغم تراخي بلدية المرسى في تطبيق القانون الى ان تم عزل الشاذلي بوعلاق وتعويضه بكمال الفقيه على رأس ولاية تونس في 30 ديسمبر 2021.. وقد سمح الفقيه باعادة فتح المقهى دون ان يكلف صاحبها نفسه تدارك الاخلالات المسجلة. ولما واجهنا الوالي بأن قراره يضرب بحكم المحكمة الادارية عرض الحائط اكتفى بتكليف لجنة لاجراء معاينة صورية ثم قال لمحامينا حرفيا: أتعرف يا استاذ ان 99 % من قرارات الوالي السابق جائرة قبل ان يردف: انا اتخذت قرارا بالفتح وما على السكان الا التفاهم مع صاحب المقهى”.
في هذا الاطار يلاحظ احد السكان انهم “لمسوا في اداء الوالي المعين اواخر سنة 2021 نزوعا نحو تسييس الملف عبر اصدار قرارات مناقضة لقرارات الوالي السابق بقطع النظر عن قانونيتها واعتمادا على سياسة قائمة على فرض الامر الواقع وتغليب منطق الغاب عوض منطق القانون”.
وتساءل المتحدث: “هل يعقل ان يتجاهل كمال الفقيه قرار المحكمة الادارية القاضي بمواصلة غلق المقهى الى حين الاستجابة للشروط القانونية ليطالبنا بالتفاهم مع من امعن في مخالفة الاجراءات؟ الا يعد ذلك تحريضا على الدوس على القانون واعتماد سبل اخرى قد تؤدي الى ما لا تحمد عقابه؟”
في المقابل تؤكد الوثائق التي حصلت عليها “الشارع المغاربي” ان سكان حي الصنوبر واصلوا مراسلة ولاية تونس باعثين في ماي وجوان 2022 شكايتين الى الوالي مفادهما ان اعادة فتح المقهى دون تدارك المخالفات المسجلة تمثل قرارا غريبا لا اساس قانوني له وانهم متمسكون بحقهم في مساءلة جميع الاطراف التي سمحت باعادة الفتح رغم تواصل الخروقات الجسيمة التي ادت سابقا الى غلقه.
وتبرز الوثائق ان السكان التمسوا من الوالي التدخل الفوري لايقاف ما اسموه بالمهزلة وان ذلك يؤكد وجود شبهة فساد وتورط عديد الاطراف وانهم شددوا على احتفاظهم بحقهم في تتبع كل من يثبت ضلوعه فيها.
وقد حاولت الجريدة الاتصال هاتفيا بولاية تونس وبلدية المرسى للاستفسار عن الأسباب الكامنة وراء عدم تطبيقهما القانون وصمتهما على مختلف التجاوزات المرتكبة في حق سكان حي الصنوبر لكنهما لم يردا على الهاتف. في الأثناء لاحظنا ان المقهى المفتوح خارج القانون منذ مارس المنقضي أغلق ابوابه منذ السبت الماضي للمرة الثانية بعد تلقى تنبيها من سكان الحي بضرورة التقيد بالتراتيب والإجراءات المعمول بها.
نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 30 اوت 2022