الشارع المغاربي : تصارع الممثلة التونسية منال عبد القوي منذ مدة المرض الذي انهك جسدها وجعلها طريحة الفراش بإحدى المصحات الخاصة بالعاصمة، غادرتها يوم الأحد 15 سبتمبر 2019 لأداء واجبها الانتخابي، ثمّ عادت إليها.
وقد نشرت منال عبد القوي اليوم الجمعة 20 سبتمبر 2019 رسالة مؤثرة تحدثت فيها عن “الموت” الذي يحوم حولها، وفي ما يلي نصّ الرسالة:
“رائحة الموت تخنقني، أشتمّها من جديد بقوّة في جسدي وشعري وفمي… مُرّ طعم الموت لمن لا يعرفه سواء من خلال موت عزيز عليه او إشرافه هو عليه، والعودة للحياة مرّة أخرى….الموت صديق لدود نعيش معه منذ استفاقة الصباح الى استفاقة اليوم الذي يليه…هو أقرب إلينا من حبل الوريد…. هو الذي يلازمنا كظلّنا ولا نعرف متى يزيح الظلّ ليأخذ هو مكانه… لماذا نخاف الموت ونحن نعرف أننا سنموت.. بشكل او بآخر.. أعلم أنّ الحياة حلوة وممتعة ومتعبة ومؤلمة، ولكن الموت ليس أسوأ منها… سوى لمن عاش بعد الميت. فالموت لا يوجع الموتى بل يوجع الأحياء الذين فقدوا عزيزا غاليا… لم أعرف بموت اختي العزيزة منيرة حمدي الا بعد ايام اخفوا علي ذلك خوفا على تدهور صحتي لأنّي في حال تدهور صحتي سأموت بدوري… أنا لا أخاف الموت ـ موتي أنا ـ بقدر ما أخاف على أمي وأختي وإخوتي وكلّ من يحبّني لأنّي اعلم ألم الفقدان واعرفه جيدا .. بابا، صديقي ياسر ، عمتي، اعمامي، زملائي الفنانين، ومؤخرا الزعماء والرؤساء الذين رحلوا… رحمكم الله جميعا… وحده الله له حق الحساب بعد الموت أمّا نحن فلنا الألم والصبر او محاولته والوجع الذي يأبى أن يغادر…مؤلم جدا ان تتعود على الموت لدرجة انك احيانا تتمناه وأحيانا تنتظره وأحيانا تناديه: يا موت ارّاحي…..
لو كان هناك إمكانية للتحاور معه، للنقاش لمهلة ما، حتى نودّع أحبابنا أو ربّما نسدّد ديوننا او نكفّر عن أخطاء وذنوب اقترفناها… ولكنه مستعجل دائما لا يترك لك الفرصة… إلا في حالة واحدة: حين تكون مصابا بمرض يؤدي حتما وقطعا وطبعا للموت…. حينها لك الوقت… الكثير من الوقت لتقوم بعدة أشياء جيدة وفعالة وجميلة، ربما قبل الموت….
يا موت، أنا لا أخشاك حتى وإن كنت تحوم حول رأسي قبل بضعة ايام… مرحبا بك في كل وقت، شكرا لك لأنّك أعطيتني فرصة لأعرف الصديق الحقيقي من المزيّف… القلب النقيّ من المدنّس… شكرا لأنّك جعلتني أرى الحياة بشكل مختلف تماما… في صراعي معك منذ سنتين تتخللها هدن كثيرة عرفت وعلمت وتعلمت وأصبحت اقوى وانضج تعلمت أن أعيش حياتي بكل سعااادة وحزني بكل الم وغضبي بكل قوتي وضعفي بكل ضعفه….
وتعلمت أيضا كيف أحارب زبانيتك الذين ترسلهم لي كل مرة في شكل ما…
انا اشكرك لأنك اكدت لي مقولة الأجداد: ابكي كان على والديك وصحتك الباقي كلو مخلوف…
منال مبروك القوي
الخميس 19 سبتمبر 2019
الغرفة 303
إحدى مصحّات العاصمة