الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: اكدت الحكومة في العديد من المناسبات وتحديدا منذ ماي 2017 انها تراهن على إنعاش القطاع اللوجستي وهو الذي شهد تراجعا غير مسبوق في السنوات الأخيرة، من خلال اعتماد استراتيجية جديدة لتطوير البنية التحتية ووسائل النقل لتعزيز مناخ الأعمال ودفع عجلة النمو.
ولكن الاوضاع زادت تفاقما في غياب الاستراتيجية الموعودة واصبح قطاع النقل واللوجستية احد ابرز العوائق لتماسك النشاط الاقتصادي المنهار بإقرار وزارة النقل نفسها ومن خلال التشكيات المتواصلة للأطراف المهنية الفاعلة في هذا الشأن على وجه التحديد.
وبين العديد من المتخصصين، في هذا الميدان، ان التأخر المستمر لتونس على هذا المستوى اقليميا ودوليا لتطوير القطاع اللوجستي يعكس العراقيل التي تواجه الحكومة في تنفيذ خططها لإنعاش الاقتصاد المنهك مع التأكيد على ان القطاع يعد المحفز الأول لفرص الأعمال في أي بلد. فمن شأن بناء الموانئ والمطارات والطرقات وسكك الحديد ووجود منظومة خدمات متكاملة ذات جودة عالية التأثير إيجابا على وتيرة النشاط الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل. ويقر مسؤولون بوزارة النقل، في هذا المستوى، بأن تنفيذ الاستراتيجية يواجه صعوبات عميقة بسبب عدم استكمال التشريعات القانونية ونقص السيولة النقدية وضعف التنسيق بين مختلف الهياكل المعنية في القطاعين الحكومي والخاص رغم ان القطاع اللوجستي من القطاعات التي يمكن المراهنة عليها لتعزيز القدرة التنافسية للاقتصاد التونسي لكنه يشكو من العديد من النقائص التي أثرت على مردوديته.
يذكر ان تقريرا حديثا لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية كان قد كشف أن البنية التحتية والخدمات اللوجستية لقطاع النقل التونسي لا تتلاءم مع المعايير العالمية وتعـاني من ضعف القدرة على المنافسة بسبب غياب سياسة متماسكة تنظم القطاع. وأشار تقرير المنظمة، الذي حمل عنوان “النهوض بالاستثمـار في مجال اللوجستية لدعم اندماج تونس في سلاسل القيمة العالمية” إلى أن عدم تطوير خدمات النقل البحري أدى لفقـدان تونس تنـافسيتها في القطاع اللوجستي مـقارنة بالدول الناشئة الأخرى. ويرى خبراء المنظمة الدولية أن عدم ارتباط شبكة النقل البحري في تونس بالبلدان المجاورة حال دون تطور التجارة عبر الحدود وان نقاط ضعف القطاع اللوجستي أثرت بشكل ملموس على تنافسية الاقتصاد التونسي خاصة في القطاعات الأساسية على غرار التوزيع والصناعة والفلاحة اضافة الى غياب سياسات متناسقة والتأخر في تفعيل الإصلاحات، وان ذلك يقتضي ضرورة إسراع تونس في تطوير البنية التحتية للموانئ المهترئة، التي تعتبر ركيزة أساسية للاقتصاد التونسي.
وتفتقر تونس لميناء من الجيل الجديد إلى جانب عدم تطور البنية الأساسية للموانئ، كما أن تأخر إنجاز ميناء المياه العميقة في النفيضة ساهم في تراجع القطاع. وتبرز المؤشرات الرسمية أن مساهمة الأسطول البحري، الذي يتكون من 8 سفن تجارية فقط، في نقل التجارة الخارجية لا تتجاوز 11% حاليا مقارنة بنسبة تصل إلى 28% في تسعينات القرن الماضي. كما تراجع مستوى النقل الجوي الذي يعاني من تدهور حاد في حركة المسافرين والبضائع وهو ما يظهر بوضوح في الخسائر الكبيرة التي سجلتها الخطوط التونسية. وفي ذات السياق، نشر البنك العالمي تصنيفه السنوي الدوري الذي يقيّم مستوى الخدمات اللوجستية وذلك بناء على عدة معايير كمية ونوعية تتعلق اساسا بجودة النقل البحري والجوي للبضائع وبالاطار العام للتعاملات الخارجية حيث تبين تموقع تونس في المرتبة 105 عالميا من ضمن 160 بلدا شملها مسح المؤسسة المالية الدولية.
وفي هذا الاطار، اوضح البنك العالمي ان تونس من أكثر البلدان التي تشكو من فجوة لوجستية اذ تحصلت على ترقيم 0.4 %، على هذا الصعيد، في حين أن أعلى نسبة هي 20 % مؤكدا انها لا تأخذ بعين الاعتبار النتائج التي يمكن ان تجنيها من تمتين الروابط المشتركة بين قطاعات الإنتاج واداء التجارة الخارجية.
وبخصوص المعايير التي اعتمدها التقرير، فقد حلت تونس بالمركز 115 في انضباط مواعيد وصول الشحنات الدولية وفي المرتبة 107 في إجراءات التخليص القمرقي على الحدود، والمرتبة 133 في جودة البنية التحتية، والمرتبة 123 في الجودة اللوجستية والكفاءات، والمركز 71 في التعقب واقتفاء الأثر، والمرتبة 70 في المعيار المتعلق بالتوقيت.