الشارع المغاربي – تقرير "World Economic Forum": أول خطر يُهدد تونس انهيار دولتها

تقرير “World Economic Forum”: أول خطر يُهدد تونس انهيار دولتها

قسم الأخبار

21 يناير، 2022

الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: نشر الأسبوع الفارط المنتدى الاقتصادي العالمي تقريره السنوي حول المخاطر العالمية المتوقعة في المجالات الاقتصادية والبيئية والجغراسياسية والمجتمعية والتكنولوجية في العالم. ويُقدّمُ المنتدى بشكل عام كمؤسسة دولية غير حكومية ولاربحية، تجمع بين نخبة من رجال الأعمال والسياسيين والأكاديميين للتفكير في التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجه العالم وسبل حلها. ويعتبر المنتدى الذي تأسس عام 1971 احدى أبرز حلقات النفوذ في الاقتصاد العالمي وصنع السياسات الدولية على محاور مختلفة وهو ما يجعل من تقاريره ذات أهمية لأصحاب القرار والمتنفذين في مجال المال والاعمال.

كشف المنتدى الاقتصادي العالمي في تقريره حول المخاطر العالمية 2022 أن عضوا واحدا من كل ستة أعضاء متفائل بشأن التوقعات العالمية، وفًقا لمسح شمل 1000 من قادة الأعمال والمسؤولين الحكوميين والأكاديميين. ويعتبر تغير المناخ الخطر الأول، حسب التقرير. اما في ما يهم تونس، فقد عرض التقرير خمسة مخاطر تتمثل في انهيار الدولة وتفاقم الديون واستفحال البطالة ونقص إمكانيات المعيشة والركود الاقتصادي ومزيد استفحال الأنشطة الاقتصادية غير المشروعة. غير ان السلط التونسية تنكر في كافة تقاريرها الرسمية وجود هذه المخاطر بل هي تسعى الى ابراز خططها لتوفير الرخاء وصياغة منوال تنمية مستحدث.

أهم المخاطر المحدقة بالعالم

كشف التقرير أيضا أنّ تونس ستواجه مخاطر انهيار الدولة، وعدم القدرة على تحمل الديون، والتشغيل والأزمات المعيشية، والركود الاقتصادي، وانتشار النشاط الاقتصادي غير القانوني. وجاء ذلك حسب نتائج استطلاع أجراه المديرون التنفيذيون للمنتدى بين ماي وسبتمبر 2021 شمل 124 دولة وعينة من 12 ألف من خبراء المخاطر وقادة العالم في مجال الأعمال والحكومة والمجتمع المدني.

وحسب منهجية التقرير يتعيّن اختيار المخاطر الخمسة الكبرى من بين 35 خطرا محتملا خلال العامين المقبلين في البلد المعنيّ. ومن البلدان المهددة بخطر انهيار الدولة حسب التقرير، تونس واليمن ولبنان والهندوراس ونيكاراغوا والبيرو وفنيزويلا وأوكرانيا وجنوب إفريقيا وبوليفيا والمكسيك وغواتيمالا والسلفادور وكوستاريكا والشيلي. ويشكل تصنيف تونس على هذا المستوى سابقة من نوعها بما للأمر من تداعيات محققة خصوصا في محور التعاملات الخارجية وثقة العالم في ديمومة التوازنات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

ويستخدم مصطلح خطر انهيار الدولة للدلالة من قبل السياسيين والاقتصاديين على وصف الدولة التي فشلت حكومتها في القيام بمسؤولياتها. ولجعل التعريف أكثر دقة، فقد قام الصندوق الدولي لدعم السلام أواسط 2005 بوضع بعض الخصائص لوصف الدولة المهددة بخطر الانهيار أو الفاشلة وهي تتمثل أساسا في فقدان الدولة احتكار استخدام العنف وضمان الأمن وضعف السلطة في البلاد وعدم القدرة على تقديم قدر معقول من الخدمات العامة الى جانب العجز على التفاعل كعضو فعال في المجتمع الدولي.

ويؤكد اليوم جُل المتابعين للشأن الوطني وطيف واسع من الأطراف الدولية النافذة أن هذه الخصائص تنطبق على تونس باعتبار عجز الدولة منذ مدة عن التحكم في توازناتها المالية وعدم تمكنها من الحفاظ على مقدراتها الأساسية وعجزها عن انفاذ القانون سيما في ما يتعلق بمجابهة آفات الفساد والاجرام المالي والمضاربة والاحتكارات الكبرى اضافة الى تخليها بشكل أو بآخر عن دورها في ممارسة أهم احتكارين لها وهما الأمن وكذلك الجباية بالتعويل على الاقتراض المشط وفقدانها أية سلطة على مستوى تقديم الخدمات العامة تحت ضغط مافيات تنشط في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية.

ولأول مرة في تاريخها المعاصر، صنفت تونس في أفريل 2019 في المركز 83 دوليا ضمن الدول المتقدمة في مؤشر المخاطر العالمي، وهو المؤشر الأساسي دوليا لتقييم هشاشة الدول وفشلها وشمل المسح 186 دولة حول العالم. ويبرز المسح أن مركز تونس يعتبر متقدما مقارنة ببقية الدول العربية. ويرتكز المؤشر في التصنيف على ستة مؤشرات أساسية تقيس درجة المخاطر السياسية والأمنية والاقتصادية والديْن العام والتصنيف الائتماني والأداء الهيكلي ومؤشرات الدخل وجودة الحياة والسوق المالية والمصرفية.

ولمزيد توضيح الصورة، فقد احتلت تونس على المستوى العربي المرتبة التاسعة، حيث صنفت بعيدا عن دول الخليج التي تصدرت أعلى القائمة كأقل الدول المعرّضة للمخاطر لتتواجد تونس مع عدد من البلدان العربية التي جرى تقييمها في أسوأ المراتب بسبب تدهور أوضاعها وترديها، وحلت في نفس المجموعة الموجودة في ذيل القائمة والتي تتكون من بلدان تعاني من مخاطر كبرى مثل جيبوتي وموريتانيا والسودان.

ويعتبر الكثير من الباحثين وأبرزهم واضعو تقرير “مؤشّر البلدان الفاشلة” الذي يصدر سنويا عن مجلة “السياسة الخارجية” الامريكية و”المؤسسة الدولية لصندوق السلام” أن انطباق المؤشرات الفرعية التي يقوم عليها تصنيفهم على دولة ما تصنف كـ “فاشلة” يعجّل بشكل عام بفقدانها السيطرة على مقاليد الاقتصاد والمجتمع وحقها السيادي في احتكار قوّتها بشكل شرعي، مما يعرّض البلد للاضطرابات، فتصبح السلطة عاجزة عن تقديم الخدمات المجتمعية وهو ما يؤدي لانهيارها. وانطلاقا من مجمل هذه التوصيفات المعيارية، فان مخاطر محققة قد تُلْقي اليوم بتونس في طريق الانهيار وذلك بشكل سريع ومفاجئ يتجاوز تقديرات الخبراء.

نشر بأسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 18 جانفي 2022


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING