الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: أصدر اليوم الثلاثاء 22 مارس 2022 المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية دراسة بعنوان “انعدام المساواة في تونس” أوضحت ان اعدادها يأتي في ظرف يتسم بعودة ارتفاع عدم المساواة، الذي لوحظ في جميع أنحاء العالم منذ الثمانينات وصعود الحركات الاجتماعية والسياسية والانتفاضات الشعبية في العديد من البلدان بما في ذلك تونس وان انعدام العدالة هو في صميم أسباب هذه الحركات.
واشارت الدراسة الى انه يُنظر اليوم إلى عدم المساواة بمختلف تمظهراتها على أنها ظلم لا يطاق مبرزة ان الاهتمام تزايد اليوم بهذه المسألة وأصبحت في صدارة المشهد الإعلامي والسياسي والأكاديمي مع أن الدراسات والبيانات الشاملة حول عدم المساواة تبقى، في تونس قليلة وغير شاملة.
وبينت الدراسة انها بقدر ما تكتسي طابعا أكاديميا فإنها تطمح أساسا إلى تزويد منظمات المجتمع المدني بأدوات تحليلية وحجج موضوعية لإسناد أنشطتها في مجال المدافعة والمناصرة، والتعبئة، وتعزيز قدراتها على اقتراح سياسات بديلة لمكافحة مختلف أوجه عدم المساواة. وتتمثل الغاية الأولى من الدراسة في وضع تشخيص شامل، بقدر ما تسمح به البيانات، بشأن أوجه عدم المساواة في جميع أبعادها. ففي كل من هذه المجالات سعت الدراسة، بقدر الإمكان، إلى تسليط الضوء على أوجه عدم المساواة وفقا للنوع الاجتماعي والفئات الاجتماعية والبعد الجغرافي بين المناطق (المناطق الداخلية الساحلية) والبيئات (الحضرية – الريفية).
وعلى مستوى الدخل والثروة تم التأكيد على تعمق التفاوتات الجهوية وازدياد التفاوتات البينية داخل الجهات خاصة في المدن الكبرى. اما التفاوت في مداخيل العمل فقد شهد تزايدا كبيرا في القطاع الخاص. وإذ لا يزال تركيز الممتلكات الزراعية قائما فان الاسر الفقيرة تواجه صعوبات كبيرة في الحصول على سكن لائق وفي تكوين رصيد عقاري. كما يتمركز اسناد القروض المصرفية بأيدي اقلية من المنشآت بما يشير الى الطابع الريعي للاقتصاد التونسي.
ومن المفارقات الحقيقية ان تونس تحتل وفق الدراسة المرتبة 20 عالميا (من بين الدول التي يزيد عدد سكانها على 10 ملايين نسمة) في ترتيب متوسط الثروة للفرد الواحد الذي يبلغ 8823 دولارا فهي بلد غني بالثروة غير انه فقير من حيث الدخل.
يذكر ان مركز “مالكوم كير كارنيغي” للشرق الأوسط كان قد أصدر في أكتوبر الفارط ورقة عمل بعنوان “تونس: لامساواة متزايدة بين المناطق” ابرزت ان تونس تعاني بشكل متزايد من فوارق اقتصادية متزايدة تصب في مصلحة المناطق الساحلية التي تشكّل أكثر من 80 في المائة من المدن وتستحوذ على 90 في المائة من مجموع الوظائف. كما انه وإضافةً إلى الأزمة الاقتصادية، تُظهر المؤشرات تدهورًا في الأوضاع الاجتماعية. فقد ازدادت نسبة الفقر من 14 إلى 21 في المائة في غضون عام 2021 لوحده، وارتفع معدل البطالة من 15 في المائة في الربع الأول من عام 2020 إلى نحو 18 في المائة في الفترة نفسها من عام 2021. وأفضت هذه الأزمة إلى اندلاع تظاهرات في أجزاء عدة من البلاد احتجاجًا على الفقر والبطالة واللامساواة المناطقية. علاوةً على ذلك، تسببت هذه الاحتجاجات بتباطؤ النشاط الاقتصادي وإغلاق مواقع إنتاج المواد الهيدروكربونية والفوسفات في جنوب تونس. وفي مواجهة هذه الأوضاع المقلقة، فقدَ المواطنون ثقتهم بالدولة حسب المركز وبقدرتها على تحسين الأوضاع الاقتصادية وتحقيق العدالة الاجتماعية والتنمية المنصفة داخل البلاد. وتبقى التداعيات المناطقية التي تسببت بها الجائحة والمشكلات التنموية المحلية المستمرة منذ وقت طويل مؤشرة إلى الحاجة إلى استراتيجيات وإصلاحات أكثر تركّزًا لتعزيز الانسجام والتكامل بين مختلف المناطق التونسية. ويجب أن تأخذ هذه الإصلاحات والسياسات وفقا لما ورد في ورقة العمل في الاعتبار الخصائص الاقتصادية والاجتماعية والإمكانات المختلفة للمناطق، لا سيما في المناطق الأكثر تهميشًا. ويجب أن تُستكمَل بإجراءات تعويضية بهدف الحد من الآثار السلبية للسياسات المناطقية السابقة، مثل تخصيص الأموال العامة على نحوٍ أكثر توازنًا بما يفضي إلى استحداث فرص وظيفية وإلى إتاحة الخدمات العامة بصورة أكبر للفقراء