الشارع المغاربي – معز زيّود : اضطرّتها صعوبة الحياة أن تمتهن الأشغال الشاقّة رغمًا عنها، فلا باب للرزق الضئيل ولإعالة أبنائها الخمسة ببعض الفتات سوى جمع الحجارة، في منطقة باهرة بطبيعتها، يتوجّه إليها الميسورون للاستجمام بفندقها الفخم ومياهها المعدنيّة، غير أنّ القدر والمشقّة والتعب المضني كلّها أسباب أنهت حياتها تحت صخرة قاتلة…

كان هذا مصير أمٍّ وامرأة تونسيّة بمنطقة أولاد خميسة بحمام بورقيبة التابعة لمعتمدية عين دراهم، فقد تعرّضت، اليوم السبت 3 فيفري 2018، إلى حادث فظيع أزهق روح تلك المرأة العاملة من دون أدنى ضمانات أثناء جمعها للحجارة قصد بيعها، وأهدر دون رجعة دمها وكّل أحلامها البسيطة.

صخرة صمّاء كبرى سقطت على أمّ الأطفال الخمسة فأردتها قتيلة تحت حجارة الذلّ، فيتّمت أبناءها، وفضحت كلّ من يتحدّث عن مشاريع التنمية العادلة أو حتّى من يُتاجر بآلام المحرومين والمهمّشين والمُعدمين في هذه البلاد من السياسيين والنخب المنقطعة عن واقعها، ممّن تُبذّر على شرب قهوة واحدة ما يفوق بكثير ولأيّام لُقمة عائلة بأسرها.

خبر عابر قد تتداوله بعض المواقع والإذاعات، فيستدرِجُ موجةً من العطف والتنديد لبعض الحين، ثمّ تُنسى مجدّدا كأنّها لم تكُن كمن سبقنها، وتُنبذُ عاملات الحجارة فلا يُبالى بلوعتهنّ، وتُترك ممتهنات الأشغال الشاقّة في قطاع الفلاحة وغيره لمصيرهنّ المحتوم…

—