الشارع المغاربي : في منطقة صغيرة تحمل اسم “الطارف” بمعتمدية غار الدماء التابعة لولاية جندوبة شاءت الأقدار أن تجمع الحاج عمارة الفقيري (95 عاما) والجدّة خضراء (86 عاما)، في رحلة حياة مشتركة امتدت طيلة 70 عاما، وتتواصل الى اليوم، على إيقاع حبّ لا ينضب.

قصة حب ومسيرة طويلة أنتجت 13 طفلا كبروا وأصبحوا بدورهم آباء وأمّهات أنجبوا في المجموع 67 حفيدا.

ونقلت وكالة الأناضول عن الجدة خضراء حديثها عن طفولتها لتتوقّف عند اسمها الذي قالت إنها سمّيت به لأن أهل منطقتها يتبركون باللون الأخضر، ويعتبرونه لون الخير والبركة.

وقالت خضراء “تزوّجت زواجا تقليديّا، في سنّ الـ16 لكني تفاءلت خيرا وتحمّلت مسؤولية تأسيس عائلة في سن مبكرة جدّا”.

أمّا الجد فيقول إنه سُمّي عمارة ليُعمّر الدار والأرض … صدفة جعلت كلّا منهما يحمل شيئا من اسم الآخر، فهما يشتغلان بالزراعة التي تُعدّ مورد رزقهما الوحيد، ويتخذان من اخضرارها سلاحا يتحدّيان به صعوبة الحياة.

كافحا الزوجان من أجل تعليم أبنائهما، وكانا يقطعان مسافة 8 كيلومترات يوميا، لإيصال أبنائهما إلى أقرب مدرسة ابتدائية، عابرين الوديان والشعاب والتضاريس الصعبة، كما يقول الجدّ عمارة.

وأضاف عمارة أنه يقتات مما تزرعه أيديهما المجعدة، ويُمضيان يومهما بين الحديقة ورعي الماشية وإطعام الدجاج … ينغرسان في التضاريس وينغمسان في عالم البساطة بعيدا عن عالم السرعة والافتراض والعولمة.

ورغم ساعات النهار الطوال والسنوات السبعين التي جمعتهما تحت سقف دارٍ واحدة، فشل الملل في التسرّب إلى أيامهما، فهما دائما ما يجدان مواضيع مختلفة لتجاذب أطراف الحديث، وتبادل المزاح والنكات قبل انفجارهما ضاحكين وكأنهما شابان لم يدركهما خريف العمر.

تجربة زواج تمتدّ على مساحة حياتهما بأكملها تقريبا، يلخصها الحاج عمارة بالقول: “عشنا في ظل الاستعمار الفرنسي وعشنا فرحة الاستقلال (1956)، وشهدنا أيام الثورة (2011)، ولا يزال حبل الود يشدنا حتى اليوم”.