الشارع المغاربي : هل بدأ العد التنازلي لإيجاد حل لأوضاعنا السياسية المشلولة منذ اندلاع أزمة تـغيير رئيس الحكومة وعدم الاتفاق عليها؟ فالاجتماع الذي انعقد امس الاثنين من بين أهم العناصر الفاعلة في قرطاج 2 بالإضافة إلى رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب والعديد من المؤشرات والإشارات التي برزت في خطاب رئيس الجمهورية ليوم الأحد 15 جويلية 2018 تذهب في اتجاه حلحلة الموقف المتأزم. وتحمّل رئيس الدولة مسؤوليته في السهر على سلامة الأمن القومي وإدارة الشأن العام – وخلافا لما ذهب إليه البعض من السياسيين – يعطي رئيس الجمهورية الانطباع بأنه لازال يحتفظ بأكثر من ورقة للتحكم في خيوط اللعبة وبأن له القدرة على استعادة المبادرة متى شاء في عدد من الملفات الضاغطة والتي أرهقت الدولة وعقّدت المشهد السياسي وعمّقت أوجاعنا الممتدة على طول الوطن وعرضه في ظلّ مزاج عام سلبيّ، بسبب الصعوبات المختلفة، لاسيما الاقتصادية والاجتماعية، التي تمرّ بها البلاد.رسائل عديدة بعث بها رئيس الجمهورية لرئيس الحكومة الشاهد والنهضة والنداء واتحاد الشغل وعديد الأطراف الأخرى :
– حكومة قرطاج 1 جاري العمل بها ولكن بلا اقتناع كبير وهي تبدو حكومة تصريف اعمال أكثر منها حكومة قادرة على الصمود حتى الاستحقاق الانتخابي الرئاسي القادم الذي تشرئب إليه الأعناق وكثر حوله العبث السياسي . وفي هذا السياق دعا رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، رئيس الحكومة الى تقديم استقالته من منصبه أو التوجه الى مجلس نواب الشعب لتجديد الثقة مبرزا في هذا السياق ان“هذه الحالة لا يمكن أن تستمر” وبالتالي فهو يدعو إلى إيجاد حزام سياسي من جهات مختلفة بما فيها النهضة حتى لا تتواصل حالة التباين بين القوى السياسية حول الحكومة في اشارة الى الانقسام الذي حصل بسبب النقطة 64 من وثيقة قرطاج 2 والمتعلقة ببقاء الشاهد من عدمه مشددا على صعوبة “الوضع الذي لا يمكن أن يستمر مثلما هو عليه لأننا سندخل من السيء إلى الأسوإ“.
–رئيس الجمهورية تحدث باحترام وتقدير كبيرين عن حركة النهضة ورئيسها ومؤسساتها– رغم زلة لسانه عندما تحدث عن المرشد– واعتبرها حركة هامة لا يمكن الاستهانة بها وأعاد للأذهان ما اتفق عليه مع راشد الغنوشي في لقائهما بباريس الذي التزم بذلك وأوفى بعهده وبهذا يعيد رئيس الجمهورية تعبيد طريق التوافق بينه وبين حركة النهضة– التي تجد نفسها في موقف مريح اليوم – وبالتالي هو يسعى إلى جرها إلى مدار توجهاته وقراراته ولذلك حاول في هذا الخطاب إنزالها المكانة التي تليق بها وعمل على “مغازلتها ” مخالفا بذلك ممارسات ومزايدات بعض الصبية من الوافدين الجدد على النداء. في نفس الوقت أكد على مكانة الاتحاد العام التونسي للشغل مبرزا دوره التاريخي وحاجة أية حكومة للانسجام معه وسلامة توجهاته الوطنية.
–الباجي افصح اخيرا عن رؤيته للأمور والكرة الآن في ملعب النهضة ومؤسساتها وهي مطالبة بعد ان حصلت على العديد من البلديات واتضح للجميع أنها لاعب اساسي في المعادلة السياسية بالبلاد بأن تراعي التوازنات الهشة الموجودة في المشهد السياسي وأن تكون أكثر مرونة وتفهما لأوضاع البلاد بعيدا عن المكاسب الحزبية الضيقة وينتظر ان يكون لها رؤية متكاملة وأن تحسن شروط التفاوض بالفعل من أجل مصلحة الوطن و“استقرار السياسة” في حزمة من الملفات الحارقة للمساهمة في حلحلة الازمة كالتحوير الحكومي والإصلاحات الكبرى وتسوية وضعية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالاتفاق على انتخاب رئيس لها وتسديد الشغور وانتخاب المحكمة الدستورية …بحيث تستدعي الحالة الراهنة تكاثف كل الجهود.