مما لاشك فيه أن قرار الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي والبصري “الهايكا” المؤرخ في 05 أكتوبر 2018 القاضي بتسليط عقوبات زجرية ضد قناة نسمة قد تصل إلى إيقاف البث وسحب التجهيزات, هو قرار قانوني استنادا إلى أحكام المرسوم عدد 116 لسنة 2011 ولكن المريب في العملية هو أن الهايكا بدت وكأنها تتعامل بمكياليْن. فقناة نسمة مخالفة لاحكام الفصل 31 من المرسوم 116 لكن مؤسسات إعلامية عديدة أخرى من إذاعات وتلفزات هي إلى اليوم في وضع المخالف للقانون ومازالت تصرّ على البث دون رخصة.
لماذا لم تتحرك الهايكا بنفس الحزم ضد قناة الزيتونة وقناة الإنسان مثلا اللتيْن تبثان بشكل “عشوائي”. نعم على قناة نسمة أن تمتثل للقانون وأن تحترم كراس الشروط لكن الخوف, ونحن في هذه المرحلة الانتقالية الهشة, من العودة إلى المربع الأول ألا وهو تطويع الهيئات والقانون لخدمة السلطة السياسية. بعبارة ادق الخوف من أن تكون الهايكا أداة بيد الحكومة تستعملها “لتصفية” خصومها خاصة إذا ما عدنا إلى التأمل في العلاقة المتأزمة بين القناة وبين الحكومة. ونخشى الخضوع لمنطق “الحق الذي يُراد به باطل”.
إن “الهايكا” اليوم إزاء الحملة التي تشنها قناة نسمة والتي تريد أن تظهر من خلالها كضحية لحرية التعبير, مدعوّة أكثر من أي وقت مضى إلى دفع التهمة عنها لأنه في مثل هذه الحالة البينة على من ادُّعي عليه وهي الهايكا التي يتهمها الكثير بالضعف والتراخي والتقصير في أداء دورها التعديلي للمشهد السمعي البصري في تونس.
الحل بسيط ويكمن في تطبيق القانون على الجميع للإفلات من “بروباغندا” قناة نسمة –وهي بارعة في ذلك-, ولدحض تهمة خضوعها لإملاءات رئاسة الحكومة.
