الشارع المغاربي : وصفت المُفكّرة والفيلسوفة الدّكتورة أم الزين بن شيخة المشهد السياسي بـ”الضبابي” و”الهشّ جدّا”، قائلة “هو ضبابي من جهة الوعود بصفته خيّب الوعود التي قامت عليها الدولة منذ الثورة.. وهو مشهد هشّ أي قابل للانهيار في أيّة لحظة بصفته قائما على لوبيات وأجندات همّها الوحيد هو السّيطرة على رأس المال والتحكّم في دواليب الدولة، دون اهتمام جدّي بالمناطق المهمّشة التي اندلعت فيها الثورة. وهو ما يفسّر حدّة الاحتقان الاجتماعي في المدن الدّاخلية التي لم تنل من الثورة غير مزيد من حالات الانتحار حرقا أو غرقا أو شنقا. لكنّ اللامتوقّع الذي بحوزة الشعوب باحة لا يمكن لأيّة دولة مهما كانت قوّة لوبياتها أن تتحكّم به”.
وعن المشهد الثقافيّ، قالت بن شيخة في حوارها لـ”الشارع المغاربي” بعددها الصادر اليوم الثلاثاء 8 جانفي 2019 “فبالرغم من نجاحات فرديّة في توقيع نماذج إبداعية تونسية متميزة على المستوى العربي، وبالرغم من كثرة التظاهرات والمهرجانات الثقافية، لا تزال ثقافة التهريج والكرنفالات تهيمن على المشهد الثقافي.. نحتاج الى سياسة ثقافية قائمة على تصوّرات أكثر جدّية كفيلة بحياة ابداعية ورمزية لا تستهين بذكاء الشعب”.
واعتبرت أنّ الدولة بكلّ أطيافها “سيطرت على الثورة وحوّلتها إلى مواعيد انتخابيّة أو إلى وعود مؤجّلة”، مضيفة “لا يمكنها سرقة هذا الحلم الجماعي رغم قدرتها على تدجينه أو تحويله إلى ضرب من العبء الأخلاقي الثقيل.. وأنا أعتقد أنّ ما حدث تحت راية الثورة، هو أشكال من تحقيق ذاك الحلم وإن بطرق منقوصة أو مشوّهة أو مغلوطة أو حتى مضادّة.. إنّ حدث الثورة حلم في حدّ ذاته ولقد اخترق هذا الحلم الجميع حتى أولئك الذين اعتبروه كابوسا.. وهم اليوم يغنمون من هذا الحدث وينتصبون في أفقنا حكّاما ونوّابا على الشعب. إنّ الثورة التونسية التي صار يخجل بعض المتحذلقين منها إنّما هي وككلّ الثورات حدث اخترق الجميع: الرجعيون والثوريون على حدّ سواء.. لا أحد بوسعه أن يبقى محايدا إزاء ثورة شعب.. وأنا أعتبر أنّ أحلام الشعوب لا تزعزعها السياسات المرتعشة. وأنّه بوسع حكومة ما السطو على ثروات شعب ما وتفقيره لكن ليس بوسعها منعه من الحلم بمستقبل مغاير.. وسيظلّ الحلم يكبر بيننا وان استفحلت الكوابيس حوله”.