الشارع المغاربي – نقل عربية الخماسي : اعتبر الخبير الاقتصادي معزّ الجودي، اليوم الجمعة 8 فيفري 2019، أنّه ستكون لللزيادة في أجور العاملين بالوظيفة العمومية تداعيات خطيرة على التوازنات المالية عكس ما جاء في تصريح رئيس الحكومة يوسف الشاهد أمس .
وانتقد الجودي في تصريح لـ”الشارع المغاربي” اليوم تأكيد الشاهد على أنّ اتّفاق الزيادة المذكورة سيُحسّن القدرة الشرائية ويراعي ميزانية الدّولة متسائلا “إذا كان السيد رئيس الحكومة يرى أنّ الاتفاق مع الاتحاد العام التونسي للشغل هو الحلّ لماذا لم يقم بهذه الخطوة منذ البداية ؟ ولمَ تمّ إهدار الوقت في الإضرابات والمشاحنات والاتهامات والعراك ؟.. حتى نصل في النهاية إلى زيادة يقرّ هو بنفسه بأنّها ستحسّن القدرة الشرائية ولن تضرّ بالتوازنات المالية.. أمر غريب !!..”.
وتابع “هذا الكلام ليس صحيحا.. أنا لا أكذّبه ولكن لي وجهة نظر أخرى، هناك ميزانية دولة منشورة على موقع وزارة المالية وتمّ تداولها وهي تتضمّن جملة من النفقات والموارد.. هذه الموارد تغطّي فقط النفقات المبرمجة ولا توجد أيّة فرضية أخرى للتمويل أو توفّر أموال إضافية لتغطية نفقات جديدة من هذا النوع أو ما تُسمى بـ”النفقات الطارئة” أي ما يتعلّق بالأحداث غير المبرمجة كالكوارث.. الاعتمادات المُضمّنة بالميزانية تناهز 400 مليون دينار ولا اعتمادات أخرى غير ذلك… لنقل إنّه سيتمّ تأمين جزء من الـ800 مليون دينار من الميزانية أي من النفقات الطارئة واللجوء كحلّ ثان مثلما يحدث سنويا مع الميزانيات المُخصّصة للتنمية.. نلاحظ أنه يتم الإعلان كل بداية سنة عن ميزانيات التنمية ثم نرى لاحقا أنّه لا يتمّ اعتماد سوى نسبة 20% فقط منها لأن الاعتمادات التي تُرصد للنفقات تُؤخذ من هذه الميزانية ولهذا السبب تعدّ الحكومة كل سنة قانون مالية تكميلي باعتبار أن الميزانية التي تبرمج في بداية العام لا تُمكّن من تغطية النفقات طيلة السنة بعد أن يُثقلوها بنفقات يفتقرون إلى موارد خاصة بها ثمّ يلجؤون للترقيع بميزانية تكميلية… هذا ما يحدث سنويا”.
ولاحظ الجودي أنّ نفقات الزيادة في الأجور ستمسّ من التوازنات المالية، مضيفا في هذا الصدد “قد تعتقد الحكومة أن تقسيط الزيادات لن يمسّ من ميزانية 2019.. لكن لا توجد تمويلات ولا اعتمادات لتغطية النفقات الإضافية والنفقات التي ستُبرمج لاحقا”.
وبخصوص القدرة الشرائية، أكّد المتحدّث أنّها لن تتحسّن إلاّ بتحقيق نسب هامة من الإنتاج والنمو الاقتصادي مستدركا بالقول “في المقابل، النمو الاقتصادي ضعيف والثروة ضعيفة والإنتاجية غائبة فمستويات الانتاج في عدّة قطاعات على غرار الفسفاط والبترول تدهورت خلال السنوات الأخيرة مقارنة بالسابق… وفي ظل انعدام الثروة وزيادة النفقات والطلب يُخلق التضخّم المالي الذي تفاقم في السنوات الأخيرة”، مذكرا بأنّ التضخم بلغ نسبة 7.5% في موفى 2018.
وتساءل “لا أفهم لماذا لا يتّفقون على إقرار زيادات على 3 أو 4 أو 5 سنوات مثل كل البلدان ويجرون مراجعات كل 5 سنوات استنادا الى المؤشرات الاقتصادية المسجّلة؟… أما تجدّد المفاوضات كل 4 أشهر فهذه عملية تكرّس لعدم الاستقرار ولتواصل الضغوطات ولانعدام الرؤية”.
وختم قائلا “نحن مع زيادات تكون مرتبطة بنمو اقتصادي إيجابي وبخلق الثروة والإنتاجية.. وحقيقة أظنّ أن هذا الاتفاق تمّ تحت الضغط ولغايات سياسية… أضعنا الكثير من الوقت بإضرابين عامين تكبّدت الدولة كلفتهما غاليا… إذا حالفنا الحظ ولم تحصل أيّة طوارئ فلا يوجد أي إشكال أو بالأحرى “شطر مشكل”.. أما إن جاءتنا مصيبة لا قدّر الله أو حالات غير مبرمجة فعندئذ لن تجد الدولة سيولة لتسديد نفقاتها الجديدة مثلما حصل سابقا… وقد نبّهنا مرارا إلى أن إعداد الميزانيات بهذه الطريقة غير معقول”.
وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد قد قال أمس الخميس عقب توقيع اتفاق الزيادة في أجور أعوان الوظيفة العمومية إنّ ”من شأن الاتّفاق مع اتحاد الشغل تحسين القدرة الشرائية للموظفين وفتح آفاق أخرى للاستقرار الاجتماعي من جهة ومراعاة ميزانية الدولة والتوازنات المالية الكبرى والعمل على الاصلاحات الكبرى المنتظرة في الوظيفة العمومية والمؤسسات العمومية والدعم من جهة أخرى”.