الشارع المغاربي : أدلى المدرّب التونسي القدير فوزي البنزرتي بحوار مطول لصحيفة البيان الاماراتية جاء فيه على عديد النقاط التي تلخّص مسيرته الرياضية وكذلك بعض مواقفه السياسية.
وتحدّث البنزرتي الذي يقود حاليا فريق الوداد المغربي الى نجاحات متتالية عن كرة القدم التونسية والمنتخب وعن علاقته برئيس الجامعة التونسية وديع الجريء وكذلك عن موقفه من الاخوان المسلمين وعديد المحاور الأخرى.
وكان البنزرتي كعادته جريئا في ردوده واعتبر أنه كان ولازال معاديا للاخوان وأنه الرجل الأقرب الى قلب الباجي قائد السبسي. كما رشّح المغرب للعب دور متقدم في نهائيات كأس امم افريقيا القادمة معتبرا أن المنتخب التونسي شلبه بـ”الطليان” حيث يفتقد للمواهب ولكنه يتميّز بـ”الخبث الكروي”.
وفي ما يلي نصّ الحوار الذي أجرته الصحيفة الإماراتية مع فوزي البنرزتي ننشره كما ورد دون أيّة تغييرات لغوية أو منهجية :
تقاسيم وجهه تحكي عن صولات وجولات ابن تونس الخضراء.. فخر المدربين العرب يخط سطراً جديداً من سطور رواية المجد في قلعة نادي الوداد البيضاوي المغربي.
بابتسامة عريضة استقبلنا فوزي البنزرتي في أحضان نادي «وداد الأمة».. وفتح قلبه لـ«البيان الرياضي» ليكشف لنا الوجه الآخر لعراب مدربي تونس وأفريقيا.
كشف فوزي البنزرتي، مدرب نادي الوداد الرياضي البيضاوي المغربي، عن أسرار عودة الروح والابتسامة لأكثر أندية المغرب تتويجاً باللقب المحلي، بعودته للإشراف عليه وأبدى انبهاره من مستوى الكرة الخليجية، مبدياً تحسره الكبير لما حدث للأبيض الإماراتي في كأس آسيا، كاشفاً النقاب عن أبرز محطاته وذكرياته في الملاعب الإماراتية.
وشدد فوزي البنزرتي على موقفه المعادي والمضاد للإخوان المسلمين فوق كل أرض. كما أماط اللثام عن انتمائه السياسي لحزب «نداء تونس» الذي يعتبر من بين أول المؤسسين له.
وأظهر البنزرتي موقفه من المقارنة بين كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، وعن عودة زيدان لتدريب ريال مدريد وأمور أخرى…
مرحباً بك سيد فوزي.. عندما عاد البنزرتي إلى الوداد عادت البسمة للمارد الأحمر، وكأن البنزرتي قد أخذ معه مفاتيح الوداد ليعود بها مرة أخرى.. ما السر وراء ذلك؟
(تبسّم ضاحكاً).. سؤالك أعجبني كثيراً، أنا جئت للوداد في السنة الماضية، وكانت وضعية الفريق حرجة للغاية، لم أكن أتصور حينها ذلك.. سمعت في الإذاعة أن فريق الوداد يعاني ويصارع رفقة أندية مؤخرة الترتيب.. استغربت كثيراً وأصبت حينها بالصدمة.. كيف يعقل أن يعاني الوداد الذي يحسب له ألف حساب في البطولة ودوري أبطال أفريقيا.. وبعد المجيء تحسنت الأمور وبقينا على بعد نقطة واحدة عن البطل حينها (اتحاد طنجة).
بعد ذلك، استكملنا العمل وحققنا التأهل في مسابقة دوري أبطال أفريقيا، قبل أن يطلبني الاتحاد التونسي لكرة القدم لتولي مهام تدريب نسور قرطاج.. لم أستطيع آنذاك أن أرفض.. لكي لا يتم اتهامي بخيانة الوطن وما إلى ذلك من أمور أخرى، كانت ستفتح في وجهي تيارات من المشاكل، وأنا أعرف جيداً ذلك.. نظراً لمعرفتي المسبقة بالوضع وقربي من رجال السياسة انطلاقاً من رئيسي الدولة والحكومة.
وبحكم علاقتي الكبيرة برئيس الوداد.. استجبت لرغبته بالعودة وذلك بعد نهاية تجربتي مع نسور قرطاج، خاصة في ظل هذه المجموعة من اللاعبين الذين أعزهم وأحبهم كثيراً.. لأنه سبق لنا تحقيق نتائج رائعة.. في الفترة القصيرة التي رحلت فيها عن الوداد ودع الفريق ثلاث مسابقات (كأس العرش، دوري أبطال أفريقيا والبطولة العربية).. أنت تعرف أن الفرق الكبرى في كل مكان في العالم تعيش على الفوز بالألقاب.. عندما وصلت كان الهدف الوحيد هو الفوز بلقب كأس السوبر الأفريقي أمام فريق قوي وكبير في قيمة مازيمبي الكونغولي وفزنا بها.. والأمور حالياً تسير على ما يرام.
يمكننا القول أن الوداد وضع يداً على لقب الدوري المغربي، وتعد من بين المرشحين للتتويج القاري.. كيف ترى حظوظكم؟
(مقاطعاً).. اعذرني لا أتفق معك، لم نقترب من البطولة بعد، يمكنك أن تتابع ردود الفعل والتحركات التي أقوم بها حتى قبل دقيقتين أو ثلاث عن نهاية مباريات نتقدم فيها بهدفين أو ثلاثة.. صحيح، أننا اليوم نبتعد بفارق نقاط محترم عن المطاردين، لكنني لا أؤمن بأننا اقتربنا من اللقب.. البطولة ستنتهي عندما يصفر الحكم نهاية آخر مباراة نحسم فيها التتويج بصفة رسمية.. دائماً ما أوصي اللاعبين بذلك وبلهجة صارمة: «لم نحقق أي شيء يذكر حتى الآن..».
وفي مسابقة دوري أبطال أفريقيا، جميع الأندية المتأهلة إلى نصف النهائي تعتبر أندية قوية وكبيرة، فنحن نتحدث عن عمالقة من قيمة الترجي، الوداد،، مازيمبي وصن داونز… يجب أن نكون في أفضل حالاتنا يوم مواجهة صن داونز في نصف النهائي لتحقيق المبتغى، منافسنا قوي ولكننا لا نخشاه. لدي فلسفة واضحة في العمل، هي أنني أشتغل بنظام كل مباراة على حدة.. لا أفكر في أي شيء آخر سوى المباراة المقبلة.
أسود الأطلس مقبلون على كأس الأمم الأفريقية بمصر في الصيف المقبل.. كيف ترى حظوظهم؟
بالنسبة لي وحسب ما شاهدته في المونديال الماضي وبالإمكانيات الكبيرة التي يزخر بها المنتخب المغربي، يمكنني القول أن المغرب يتوفر على أفضل ما تجود به القارة الأفريقية من لاعبين.. إنهم يملكون جميع المقومات التي تسمح لهم بالمنافسة على لقب البطولة القارية، لكن وكما تعرف لكرة القدم أحكام أخرى.
وماذا عن نسور قرطاج؟
(مقاطعاً).. لكي أكون صريحاً، ما يحدث في تونس عكس ما ذكرته في المغرب.. نسور قرطاج لا يملكون مواهب من المستوى الكبير، ما عدا يوسف المساكني الذي عاد للمنافسة مؤخراً.. لكن لكي نعطي لقيصر ما لقيصر.. المنتخب التونسي كمجموعة يعتبر فريقاً جيداً.
نحن في تونس نملك أموراً خاصة بنا، أنا أطلق عليها «الخبث الكروي».. لقد تعلمناها من «الطليان»، في ستينات وسبعينات القرن الماضي كنا نشاهد الدوري الإيطالي في تونس في القناة المفتوحة بشكل دائم.. كما أن الكرة التونسية تتسم بالعمل الجدي، نملك مدربين من مستوى عال.. لكن لا نملك لاعبين كباراً وإنما لاعبين قادرين على المنافسة على أعلى مستوى.. لأنهم يملكون القوة والشخصية التي تخول لهم ذلك، إنهم لا يستسلمون بسهولة.. التونسي بطبيعته قوي وصلب سواء بدنياً أو ذهنياً.. ولا يهاب أي فريق كبير مهما كان حجمه واسمه.
ما هو تقييمك لمشاركة «الأبيض» الإماراتي في كأس آسيا؟
المنتخب الإماراتي يتحسن بشكل جيد يوماً بعد يوم.. بالنسبة لي، كرة القدم الخليجية في تطور ملحوظ وكبير، في بعض الأحيان يخيل لنا في المغرب العربي أنني أفضل منهم وهذا غير صحيح، الأمور تغيرت كثيراً.
في الخليج يشتغلون بشكل جيد، يجلبون أفضل المدربين واللاعبين، ويملكون بنيات تحتية رياضية من أعلى مستوى.. وهذا ما ساهم في تطورهم بشكل مذهل.. كما شاهد العالم بأسره، العين الإماراتي فاز على الترجي التونسي في كأس العالم للأندية بثلاثية، رغم أن العين لم يكن في أبهى مستوياته حينها.
هذا ما يجعلني أقول إن أشقاءنا في الخليج العربي يتطورون بشكل كبير وأفضل منا في المغرب العربي، وذلك راجع لمجموعة من الأمور في مقدمتها الإمكانيات الكبيرة التي تم تسخيرها لتطوير الكرة.
ما هي أبرز ذكرياتك في ملاعب الإمارات؟
بكل أمانة، لم أشتغل كثيراً في الإمارات، بداياتي كانت رفقة نادي الشارقة في الدرجة الثانية، الهدف حينها كان تحقيق الصعود وحققنا ذلك بسهولة بالغة.. كان معنا حينها لاعب كبير من قيمة عدنان الطلياني، كان لاعباً مميزاً للغاية.
أبرز ذكرياتي أنني تسلمت مهمة تدريب نادي الشارقة في وضعية حرجة قريبة من النزول، حتى المسؤولين كانوا يريدون تكوين فريق للموسم الموالي فقط، تمسكنا ببصيص الأمل ولعبنا مباراة لتفادي الهبوط وأنقذنا الفريق من النزول.
لم أشتغل كثيراً لأنهم يقولون أنني «عصبي»، لكن كيف يمكنني أن أحقق نتائج جيدة وطيبة إن لم تكن علاقتي جيدة مع اللاعبين، والحمد لله أنا مازلت متواجداً في الميدان لأنني أحقق النتائج المرجوة.
أتذكر في وقت من الأوقات في الإمارات، كنت أرفض إشراك بعض اللاعبين المحترفين لأنهم لا يقدمون المطلوب وتم التخلي عني لأنني لم أشرك أولئك اللاعبين المحترفين..
في الموسم الموالي، نجحنا في الفوز بأربع مباريات من أصل خمسة.
يقال إن موقفك السياسي مضاد للإخوان المسلمين؟
(تبسم ضاحكاً).. بكل تأكيد أنا ذلك الرجل، بعد الثورة كنت منضوياً تحت لواء حزب «نداء تونس»، وكنت أقرب إنسان لرئيس تونس الباجي القايد السبسي ولا زلت كذلك.. كان هدفنا واضحاً هو إبعاد الإخوان لأنهم لا يعتبرون أهلاً لتسيير شؤون البلاد.. وكما لاحظتم، كل ما كان يقال عن تونس أنها ديكتاتورية وما إلى ذلك.. لكنها لم تصل إلى ما وصلت إليه في عهد الإخوان.. من إرهاب ومشاكل واضحة.
الشعب التونسي لا يقبل أبداً ما يحدث من اغتيالات سياسية وما يقوم به الجهاز السري لحزب النهضة.
أنا ضد الإخوان المسلمين لأنني مع مصلحة تونس، هناك من يخلط الأمور ويقحم الدين في السياسة، كل واحد حر في دينه، رسالة الإسلام حملها نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم وانتهى الكلام.. لا داعي لجعل من يعادي الإخوان المسلمين معادياً للإسلام.
ارتباطاً بنفس الموضوع، كانت الناطقة الرسمية باسم حب «نداء تونس»، قد خرجت بتدوينة في مواقع التواصل الاجتماعي بعد إبعادك من تدريب المنتخب قائلة: «ارفع رأسك يا ابن النداء..».
هل لانتمائك السياسي علاقة بإبعادك عن تدريب نسور قرطاج؟
(رد ضاحكاً).. أنت تعرف كل شيء، هناك أمور صحيحة فعلاً.. لأنني عندما كنت مدرباً للمنتخب حضرت بعض الاجتماعات الخاصة بالمجتمع المدني ليست لها علاقة بالسياسة.. أنا قريب جداً من حزب «نداء تونس» لكنني لست منخرطاً.. أنا مؤيد لأفكارهم وأقف بجانبهم، كما أنني من المؤسسين لهذا الحزب.. ولا أحبذ الدخول في هذه الأمور لأنني شخص مؤثر أحب من أحب وأكره من أكره.. لكلمة فوزي البنزرتي وزنها لدى بعض الجماهير.
نعرج الآن على الكرة العالمية، نعيش صراعاً كبيراً في العقد الأخير بين رونالدو وميسي.. من الأفضل من وجهة نظرك ولماذا؟
(مقاطعاً).. بالنسبة لي ميسي لاعب مهاري ويمتع الناظرين إليه.. مثل ما كان لدينا في تونس العقربي في مونديال 78.. ورونالدو لاعب من مستوى كبير وخارق.. لا يمكن المقارنة بينهما..
على سبيل المثال، يمكن مقارنة ميسي بمارادونا، الأول يمكن اعتباره أكثر مهارة من مارادونا، بينما تنقصه الشخصية والقيادة التي يملكها الثاني.
رونالدو لاعب قيادي عكس ميسي.. هذا ما يجعل ميسي يفشل مع الأرجنتين دائماً.. لا يملك الشخصية القيادية.
وأهم شيء يتناساه الجميع، تكوين شخصية اللاعب، الشخصية هي التي تأتي قبل كل شيء.. هي التي تعطيه الرغبة والطموح الذي يفرق لاعباً عن الآخر.
البنزرتي أخذ معه مفاتيح الوداد وعاد بها.. وقبل أيام قليلة، عاد زيدان لنادي ريال مدريد فعادت معه الحياة لمدريد.. ما السبب وراء ذلك يا ترى؟
زيدان رجل مواقف كلاعب وكمدرب.. وهو قادر على إعادة الروح لريال مدريد.. لكن يجب ألا ننسى أن الريال افتقد كثيراً لرونالدو.
أخيراً.. لمن يميل فوزي البنزرتي.. ريال مدريد أو برشلونة؟
أنا أميل لنادي برشلونة.. أحب الكرة الجميلة وأتابع البارسا منذ عهد كرويف.. ريال مدريد يمكنني أن أصفه بأنه نادي الفعالية بامتياز.
الجدية والانضباط سر النجاح
رداً على سؤال يتعلق بأسرار نجاح فوزي البنزرتي في الملاعب العربية لعقود طويلة قال: لا يوجد أي سر، أهم شيء هو الجدية والانضباط والتعامل الجدي في العمل، إضافة إلى الأمور التكتيكية والذهنية.. هناك أمور مسلمة بطبيعة الحال، لست أنا من سيعلم اللاعبين كيفية تمرير واستلام الكرة، إذا وصل للفريق الأول يلزمه أن يكون على علم ودراية بذلك.. ويأتي دوري المتمثل في كيفية التعامل مع رفاقه في الملعب والتكيف مع طريقة اللعب.. عملي يرتكز بالأساس على تطوير كل لاعب وتحسين طريقة تعامله، وعندما ننجح في ذلك يعود بالنفع على الفريق كمجموعة.. وما يتم التركيز عليه بشكل كبير في العمل هو خلق وحدة المجموعة لكي لا تتأثر بأي غياب، وسبق أن غاب لاعبون مهمون في الفريق ولم نتأثر.
الجريء ظلمني
كشف فوزي البنزرتي أنه فوجئ بقرار إقالته العام الماضي من تدريب المنتخب التونسي وقال: وديع الجريء رئيس الاتحاد التونسي لكرة القدم، هو من قرر الاستغناء عن خدماتي، مما أثار استغرابي الكبير.. أؤكد أنه لم يحدث أي شيء يدعو إلى ذلك، سوى أن شخصيتي يمكن اعتبارها صلبة وصعبة في التعامل، أنا بطبيعتي في الميدان جاد وصلب ولا أقبل أي تدخل في اختصاصاتي.. صحيح أنني أقبل الحوار والنقاش مع أي كان، لكن القرار الأخير يرجع لي وحدي.. لأنني أنا المسؤول عن الفريق والنتائج.. وكنت قد وضحت كل شيء في مجموعة من التصريحات الإعلامية.. ألقابي واسمي يسبقني والأرقام تقول أنني قد أكون أكثر مدرب تتويجاً في العالم العربي وأفريقيا.