الشارع المغاربي – بقلم لطفي النجار : من أصغر المترشّحين سنّا إلى جانب يوسف الشاهد (44 سنة لكليهما)، محام متحصّل على الماجستير في علوم الإجرام من كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس وعلى شهادة في التحكيم التجاري والدولي. شارك سيف الدين مخلوف في مراقبة انتخابات 2011 و2014 ضمن مرصد ملاحظة الانتخابات التابع للهيئة الوطنية للمحامين بتونس، كما كانت له أيضا مشاركة في جلّ التظاهرات التي قادها المحامون أيّام الثورة.
يعتبر مخلوف نفسه “التعبيرة الأرقى عن الثورة” و”الوفيّ لشعاراتها ومبادئها” كما صرّح بذلك عديد المرّات خلال إطلالاته المتعدّدة بمناسبة حملته الانتخابية، ويعرّف نفسه بأنّه صوت “الشباب الثائر” وآخر حصون الثورة التي لم تطلها أيادي “الثورة المضادة”، وتيّار مناوئ للمنظومة القديمة صحبة جمع من بقايا “رابطات حماية الثورة”إضافة إلى آخرين اشتهروا في الفضاء العام بمواقفهم القصووية والمتشدّدة من خصومهم ومنتقديهم . سيف الدين مخلوف مترشّح عن “ائتلاف الكرامة” ومؤسّس له في جانفي 2019 وناطق بإسمه رفقة مجموعة من الناشطين نذكر منهم راشد الخياري، رضا الجوادي، عماد دغيج، ماهر زيد ويسري الدالي الذين يتصدرون بعض قائماته في التشريعية.
اختار مخلوف وصحبه شعارا انتخابيا يختزل إلى حدّ بعيد الرؤية والبرنامج والتوجّه العام لائتلاف الكرامة: “كرامتك أوّلا”. وهو قول في ظاهره وباطنه أيضا حقّ ومقصد راق ومطلوب، ولكن في سياقه الانتخابي يستحق النظر والتحقيق. وأوّل التأويل السياسي لهذا الشعار هو اعتبار “ائتلاف الكرامة” ورموزها مخلوف ودغيج وزيد والجوادي والخياري هم حصرا الذائدين عن الكرامة الوطنية (“الكرامة أوّلا”)، كما هم الوكلاء الرسميين على الثورة ومطالبها باعتبار الشعارات التي رفعت خلال اندلاعها.
الكرامة مطلب أخلاقي ومبدأ أساسي تقوم عليه كلّ مواطنة وهذا من تحصيل الحاصل، ولكنّ تقديمها كشعار انتخابي حصري فيه “دغدغة شعبوية” ظاهرة، إذ لا ندري مثلا أي صنف من الكرامة يشير إليها الشعار: كرامة المواطن والوطن التونسي هنا والآن أم كرامة “الأمّة” كمقولة إطلاقية مبهمة وغير محدّدة في بيان المترشّح مخلوف؟ كرامة المرأة التونسية الحرّة والمساوية للرجل حقّا وواجبا أم “كرامة” أخرى على قياس “ائتلاف الكرامة” نراها مبثوثة في بيان مخلوف الانتخابي من قبيل الإشارة إلى “دراسة ظواهر الطلاق وتأخّر سنّ الزواج” وما يمكن أن يخفي هذا المطلب (مكرا) من إعادة طرح مسألة تعدّد الزوجات مثلا؟.
البيان الانتخابي لسيف الدين مخلوف أو البرنامج ذو الـ67 نقطة بالتمام والكمال جاء دون تبويب أو تقسيم منهجي حسب المحاور إذ جمع الحابل بالنابل “حشيش وريش” وكأنّه أعدّ على عجل فهو يحدّثك عن: الطاقة الشمسية، السيّارات الكهربائية، مكاتب الصرف، المسابح، قاعات الرياضة، الأفلام، الخطّ العربي، حصص قارّة للتنظيف، أحواض مائية، جزر وقمم جبال، مدينة ألعاب، “أكواريوم”، تأخّر سنّ الزواج، حلبة سيّارات الفورمولا 1، منع بيع التبغ صبّة…مع مقدّمة ( في البيان) عن مطالبة فرنسا بالاعتذار (ولا ندري لماذا استثنى مخلوف وائتلافه تركيا وريثة الامبراطورية العثمانية التي أهدتنا إلى المستعمر الفرنسي !؟)، وخاتمة كلاسيكية تطالب بمحاسبة اتحاد الشغل وحظر العمل السياسي على النقابات.
بيان مخلوف ونقاطه الـ67 “خارج في معظمه عن الموضوع “وبعيد كلّ البعد عن صلاحيات رئيس الجمهورية، فهو أقرب إلى برنامج حزبي يتقدّم إلى التشريعية وهو هدف ترشّح مخلوف الذي يبدو أنّ تقدّمه وإصراره على المضي في الترشّح للرئاسية هو الإعداد للتشريعية ومحاولة لحشد وتوحيد “الصفّ الثوري” أي صفّ دغيج والخياري ورضا الجوادي وماهر زيد أبرز قيادات “ائتلاف الكرامة”…
دأب مخلوف على الحديث باسم “الرجولة والفحولة” ، ولا تغيب عن تصريحاته الثورجية نعوت تشكك في “رجولة خصومه” ، فتراه مثلا هائجا مائجا في بلاتو او في تدوينة او في شارع من الشوارع يكيل النعوت السوقية ، وبين ثناياها تجد دائما “كانك راجل” او تلميح الى “شذوذ”. اما اذا كان الخصم امراة فمخلوف سريع البديهة هنا ، ولا يتحدث الا بمنطق “ذكوري” .
ماذا يعرف المتابع عن مخلوف ؟ لا شئ تقريبا باستثناء الدفاع عن الارهابيين ، المحامي المتشنج بات “حملا ثقيلا ” على معشر المحامين ، كثيرون تبرؤوا منه ومن عنترياته المضحكة المبكية ، ومن ضربه عرض الحائط بالمبادئ النبيلة للمحاماة ، المحامي الشاب سيحارب ” اعلام العار واتحاد الخراب وكمال اللطيف والمستعمر الفرنسي” ويكون بذلك وفيا لما يطلب جمهور “رابطات حماية الثورة والثورجيون بصفة عامة” ، ويُقدم نفسه كعارف بخفايا قضايا تهم الامن القومي ويقول انه سيكشف عن قتلة شكري بلعيد والبراهمي.
نقطة أخيرة، ترشّح سيف الدين مخلوف سيضعف جبهة “الثوريين” بتشتّت الأصوات على مترشحين مشابهين له على الأقل في الخطاب والمبادئ العامّة…