الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: تبلغ قيمة نفقات التدخلات الاجتماعية المقررة بعنوان ميزانية السنة الحالية نحو 7050 مليون دينار موزعة اساسا بين دعم المواد الاساسية (1800 مليون دينار) و دعم النقل (500 مليون دينار) والحسابات الخاصة في الخزينة (236 مليون دينار) ، وهي حسابات لا وجود لمعطيات دقيقة حول مواردها وكيفية التصرف فيها، وتدخلات ذات طابع اجتماعي بنحو 2634 مليون دينار.
واجمالا، تبرز بيانات ميزانية الدولة لسنة 2020 انه تم تقليص نفقات التدخلات الاجتماعية بنسبة 6.1% رغم ما تشهد البلاد من تفش لظواهر الفقر وقلة ذات اليد والخصاصة وسوء التغذية، بصفة غير مسبوقة منذ الاستقلال. غير ان اللافت للانتباه يتمثل في ان الدولة لم تخصص لرعاية المعاقين، على فداحة وضعياتهم على جميع المستويات، الا 60.1 مليون دينار مما يشكل نسبة 0.85% فقط من التدخلات ذات الطابع الاجتماعي، برمتها.
وبالرجوع لتفصيل هذه الميزانية الهزيلة للغاية والتي يصعب ان تطلق عليها هذه التسمية، فان الدولة خصصت هذا العام 2.5 مليون دينار لإسناد مساعدات على بعث موارد رزق لفائدة المعاقين و26 مليون دينار كمنح للجمعيات العاملة في مجال الاعاقة و31.6 مليون دينار لتسيير مراكز رعاية المسنين والمعاقين ومركبات الطفولة ومراكز الاطفال في سن ما قبل الدراسة علما ان عدد هذه الهياكل يعد بالمئات وموجود بكافة انحاء الجمهورية ويعيش جلها على الصدقات وعطايا اهل البر والاحسان مما يفقد الشرائح الاجتماعية المقيمة فيها او المستفيدة من خدماتها، كرامتها وانتماءها المواطني.
في جانب اخر وفي اطار عملية تحايل سمجة، ضمنت حكومة الشاهد المغادرة في ميزانية 2020 بعض الارقام لتأكيد التزامها بقيامها بدورها الاجتماعي، اذ جرت الافادة بانها رصدت اعتمادات بـ 2000 مليون دينار بعنوان النهوض بالفئات محدودة الدخل وتنويع مصادر تمويل الصناديق الاجتماعية واعانة الجماعات المحلية ورصد تمويلات للمنح والقروض الجامعية لأبناء الاسر الفقيرة والمعدمة.
إن الحديث اليوم عن الدور الاجتماعي للدولة الذي كانت تونس سباقة الى ارسائه منذ فجر الاستقلال، فقد أي معنى باعتباره الدور الذي يجب أن تقوم به مؤسسات الدولة من تدخلات لحماية مواطنيها اقتصاديًا واجتماعيًا من خلال وضع السياسات وسنِ التشريعات اللازمة لتحقيق الحد الادنى من العدالة الاجتماعية وضمان الاستقرار وتوفير شبكات الأمن الاجتماعي ضد المخاطر والأمراض وظواهر التخلف التنموي والفقر والتهميش والفوارق الجهوية وتوفير المواد المدعمة لمستحقيها والخدمات العامة.
ووفق دراسة أنجزها المعهد الوطني للإحصاء و التي يحجبها منذ سنة 2016 حول “الفقر متعدد الأبعاد في تونس” فان نسبة الفقر بهذا المفهوم تناهز على الصعيد الوطني28.97%، ويأخذ هذا المؤشر بعين الاعتبار أربعة أبعاد تتمثل في الصحة والتعليم والشغل وظروف العيش، وكل واحد من هذه الأبعاد يتم قياسه حسب جملة من المعايير. كما ان حديث الحكومات المتعاقبة منذ مدة طويلة وخصوصا حكومة الشاهد عن تعدد البرامج الاجتماعية لتخفيف وطأة سلبيات السياسة الاقتصادية في مستوى تهميش قطاعات واسعة من المواطنين سيما المعاقين وفاقدي السند والسكان المحرومين من مقومات العيش اللائق في الاحياء والارياف، لم يتجسم عبر تنفيذ أية خطة لتمويل برامج أمن اجتماعي عدا مساعدات رمزية ضمن برامج مسقطة، بل إن الكثير من المتابعين يربطون بين هذه المساعدات وخاصة منحة العائلات المعوزة والعلاج المجاني بالفساد والمحسوبية.