الشارع المغاربي- العربي الوسلاتي: يمّر النادي الرياضي الصفاقسي بفترة صعبة على المستوى الإداري بسبب حالة شبه القطيعة التي تعيشها الهيئة المديرة مع شقّ واسع من جماهير النادي الأمر الذي انعكس سلبا على نتائج الفريق في بعض المباريات وهو ما تجلّى كذلك خلال الجلسة العامة التقييمية للجمعية والتي كادت فيها الأمور تخرج عن إطارها الرياضي بسبب المشادات التي جدّت بين بعض المنخرطين ورئيس النادي المنصف خماخم. عن وضعية النادي وطبيعة العلاقة التي تجمع بين الهيئة المديرة الحالية وجماهير الجمعية وعن حقيقة وجود مخطّط مجهّز مسبقا للإطاحة به وعمّا حصل كذلك خلال الجلسة العامة التقييمية وعن عديد المحاور الهامة الأخرى تحدّث المنصف خماخم رئيس النادي الصفاقسي لـ«الشارع المغاربي».
لنبدأ من حيث يقف الجميع في صفاقس… كيف هي الأوضاع في النادي الصفاقسي؟
على المستوى الرياضي الأمور تسير على أحسن حال والفريق بدأ يجد توازنه وثباته أمّا خارج الميدان الأمور واضحة للعيان… هناك الآن من يقوم بالمستحيل لـ«فرقعة» الجمعية وهؤلاء يرون أن الوقت قد حان لقطاف ما زرعناه طيلة الفترة الماضية. «الجمعية ربّات الريش وجاء وقت ترييشها».
ما المقصود بكلامك؟
«الجمعية شدّت الثنية»… الرصيد البشري الموجود حاليا ثريّ ومتنوّع بشهادة جلّ الفنّيين وحجم الديون بدأ يتقلّص تدريجيا والفريق بدأ يقترب من تحقيق أهدافه الرياضية وهناك مداخيل محتملة في الانتظار لذلك بدأ البعض يتحرّك للتموقع من جديد و«ترييش الجمعية» بعد أن كنا بمفردنا نجابه ونكابد لإعادة بناء النادي.
تريد القول إن تحرّكات الجماهير المنادية باستقالة الهيئة المديرة ليست عفوية؟
لا يمكن أن تكون عفوية وهذا أمر واضح وجليّ… البعض لم يعجبه «تسكير السبّالة» وحرمانه من الامتيازات التي كان يتمتع بها على غرار التذاكر والانخراطات المجانية والرحلات لذلك بدأت هذه الحملة الموجّهة ضدّي والتي هي في الحقيقة بعيدة كل البعد عن الرهان الرياضي لأنّ هؤلاء لا يعنيهم مصير الجمعية أو النتائج التي تحققها وكل ما يفكرون فيه هو مصلحتهم الشخصية وهم يعلمون جيّدا أن الفريق الآن «فيه الطميعة» خاصة أننا عززنا المجموعة بأسماء ممتازة. وهم حقيقة ينتظرون سقوطي ويبدو أنّي أطلت عليه كثيرا…
وإلى متى سيصمد المنصف خماخم؟
«يزّي… عييت»… سأكمل هذا الموسم وأتنحّى جانبا… لا يكفي أن مضحّ بصحّتي وبمالي ثمّ تقع مكافأتي بالجحود والنكران… هؤلاء يكرهون النجاح والناجح ولا يعيشون الاّ في الفوضى وهذا ما سمح للبعض بالتطاول على النادي.
أين كبارات النادي الصفاقسي؟
لا أدري… الأدهى من ذلك أن بعضهم «يضرب» في المنصف خماخم… في تونس نبحث دائما عن إفشال الشخص الناجح لأنّ فشله هو نجاح لنا… بالنسبة لي كنت دائما أحاول أن أجعل النادي الصفاقسي غير محتاج لأيّ أحد وأن أجعل النادي يعتمد فقط على موارده الذاتية وعلى انجازاته وتتويجاته دون الحاجة الى مساعدة أو هبة من أحد مهما كان اسمه أو وزنه وهذا لن يتحقّق بين ليلة وضحاها ويتطلّب الكثير من الصبر والمساندة الجماهيرية…
البعض يحمّلك مسؤولية الأزمة بوصفك «دكتاتورا» تقصي أبناء الجمعية؟
ومن يحاول توريطك وإفشالك ما الذي يريده أن يقول؟ أسهل شيء هو أن يتّهم الناس بمثل هذه التهم والعبارات… إذا لم يستطع اتهامك بالسرقة أو بالفشل أو بعيوب أخرى فإنه يبحث عن أسهل السبل وأقصرها وهي وصفك بالدكتاتور بإقصاء أبناء الجمعية. ثمّ الذين يعملون معنا في الفريق الآن أليسوا أبناء الجمعية أم أني مطالب بتعيين كلّ اللاعبين والمسؤولين القدامى للفريق في المركبّ… «نحط مسؤول على كل مسؤول؟… هذا كلام ليس عقلاني بالمرّة… ثمّ ما معنى دكتاتورية؟
يعني أنّك صاحب القرار الأوّل والوحيد في الجمعية بما في ذلك في الأمور الفنّية؟
كلام غير معقول وغير صحيح… بإمكانك الاتصال بكلّ المدرّبين الذين تعاملنا معهم والتثبّت إن كنت وراء التعاقد معهم أو لا… اتصل بفتحي جبال أو دع جبال وشأنه لأنهم سيقولون أنه يعمل معي الآن… اتصل بالمدرّب لسعد الدريدي مثلا وسيقول لك الحقيقة… هو صرّح أكثر من مرّة أنه لا يملك رقمي ولم يتّصل بي مطلقا عندما كان مدرّب الفريق فكيف إذا أكون متدخلا ومتحكّما في الأمور الفنّية؟ أنا رئيس مؤسّسة وأعرف طريقة التسيير جيّدا ولا يمكن أن تكون رئيس مؤسسة وأنت لا تملك فنّ التسيير والتصرّف… كل فرد يقوم بعمله وفق الضوابط ووفق صلاحياته ولكن أنا أحدّد خطّ الادارة العامة بمعنى السياسة العامة للنادي. ومن يتحدثّ عن الاقصاء لقد وجّهت للجميع الدعوة يوم السبت الماضي للحضور فما الذي حصل؟ وجدت نفسي وحيدا ولم يحضر أحد باستثناء المنصف السلامي وبعض منخرطي السوسيوس. المشكل الكبير في النادي الصفاقسي هو أن هؤلاء أهملوا القضيّة الأهمّ وهي مشكلة الديون واهتموا بجوانب لا تسمن ولا تغني من جوع… حتى مجرّد التفويت في أيّ لاعب لإنعاش كاسة النادي يجعلون منها قضيّة والحال أن سياساتنا كانت ناجحة بالتفويت في بعض الأسماء وتعويضها بأخرى أقلّ كلفة وربّما بمستوى فنّي أفضل. من يحاول تشويهك سيرميك بأسهل التهم ثمّ ما معني دكتاتوري؟ يريدوني أن أقول الله يبارك فقط؟ أنا لست دكتاتورا… أنا لديّ برنامج عمل أبحث عن تطبيقه… تعال وتحدّث معي ومن قال لك إنّ موقفي لن يتغيّر؟ أنا «الشاف» ومن حقّي توجيه المجموعة ما عدى ذلك سنصبح في فوضى و«الّي يقوم بكري يحكم»… يعني إمّا أن تفرض عليّ رأيك وأصغي لـ«الشعب يريد» أو أصبح دكتاتورا…؟ ألا يوجد مدرّب ممن مرّوا على النادي الصفاقسي يخرج للعلن ويقول «خماخم يحكم فيّا «؟؟؟.
هل أًصبحت أزمة النادي الصفاقسي داخلية؟
هي كذلك الآن… بالنسبة لي المعارك الخارجية لا تخيفني وحتى معركتي مع رئيس الجامعة وديع الجريء شارفت على النهاية ولم أنهزم فيها لأنّي لست «طماع ولا خوّاف» والحرب بيننا طرحت أوزارها… المعركة الحقيقية الآن هي معركة داخلية بيني وبين بعض المحسوبين على الجمعية الذين يقومون بتأليب الجماهير علينا لغاية «ترييش الجمعية». بالنسبة لي النادي الصفاقسي يسير على الطريق الصحيحة لكن للأسف هناك بعض الأطراف الداخلية أو الخارجية التي تبحث عن عرقلته. صحيح نعاني بعض الصعوبات على المستوى المادي لأنّ المصاريف أعلى بكثير من المداخيل رغم أننا لم ننخرط في سياسة تكديس اللاعبين وحتى الانتدابات التي نقوم بها فهي مدروسة والهدف هو أن نغادر النادي وهو في أفضل حالاته ماديا ورياضيا. فقط ما يعيق نجاحنا حاليا هي الأجواء العامة المحيطة بالنادي والتي لا تساعدنا ولا تساعد اللاعبين.
لماذا لم يحاول المنصف خماخم لمّ شمل كبار النادي والأسماء التي لها وزنها في الجمعية لتهدئة الخواطر؟
وجهنا لهم الدعوة ولم يلبّوا النداء… قلّة هم الذين حضروا وعبّروا عن استعدادهم لمد يد المساعدة للجمعية… بماذا تفسّر غيابهم ؟ «كل واحد عذرو معاه»…
المنصف خماخم اتخذ قرار الانسحاب بصفة نهائية؟
سأكمل مدّتي النيابية وأتنحى جانبا هذا إن واصلت الى غاية انتهاء العهدة… للأسف هناك أناس لا يتركونك تجتهد وتعمل لمصلحة الجمعية… يمكن القول إن الفريق تجاوز المرحلة الصعبة للديون ووضعيتنا المادية والقانونية مع الفيفا والهياكل الرياضية مريحة … أنفقنا قرابة 18 أو 19 مليار من «فلوس صغارنا» ومع ذلك لم نجد سوى الجحود والنكران.
تعتبر مرور المنصف خماخم على رأس النادي الصفاقسي كان ناجحا؟
أنا أوفيت بكل التعهدات التي قطعتها… عد الى الوعود التي قطعتها بالسابق والتصريحات التي قلتها وستدرك أني حققت كلّ ما قلته… عندما وصلنا وجدنا الفريق ممنوعا من الانتدابات وخطايا مالية بالجملة والرصيد البشري كان محدودا وكبيرا في السن واليوم الواقع مغاير تماما وهذا بشهادة الجميع ولولا بعض المظالم التحكيمية بالداخل والخارج لحققنا نتائج رياضية أفضل ويمكن القول إنّي ترأّست النادي لعامين فقط بما أنه في المدّة السابقة كنّا ممنوعين فيها من الانتداب…الأمر ليس سحرا ولكن نحتاج دائما للوقت الكافي لتحقيق أهدافنا. واليوم يمكن القول إننا بالفعل تخطينا بالفعل الفترة الصعبة.
هل تشعر بالندم؟
لم ولن أندم لأني كنت «نعرف روحي علاش قادم» والعاطفة تغلب دائما العقل. قد أكون أخطأت في بعض القرارات والمواقف ولكن هذا شيء بشري فالرسول صلّى الله عليه وسلّم أخطأ.
صدر بأسبوعية “الشارع المغاربي” بتاريخ 4 فيفري 2020