الشارع المغاربي: تواصل المد والجزر وتبادل الاتهامات بين جمعية القضاة التونسيين والرئيس الاول للمحكمة الادارية . فبعد اتهام المكتب التنفيذي لجمعية القضاة رئيس المحكمة الادارية بعدم إعلام الدائرة التي أصدرت الحكم في قضية مصادرة اموال رجل الاعمال مروان المبروك موضوع الشكاية بأي مطلب من مطالب التلخيص التي وردت بشأنه على إدارة المحكمة وعدم توجيه تلك المطالب للدائرة المتعهدة. أصدرت الجمعية بيانا جديدا ردا على “التوضيح” الصادر عن الرئيس الأول للمحكمة الإدارية بتاريخ 20 جوان الجاري والذي اتهم فيه الجمعية بالمغالطة واتهمته بدورها بـ”تحريف الوقائع”.
وفي بيان صادر عنه اليوم الثلاثاء 23 جوان 2020 نشره بصفحة جمعية القضاة على موقع “فايسبوك” أكد مكتبها التنفيذي “تمسكه بكل ما جاء في بيانه الصادر بتاريخ 17 جوان الجاري وخاصة طلبه أن يشمل أي بحث جزائي أو غيره حول ملف رجل الاعمال مروان المبروك كل الإخلالات التي حصلت في مساراته الإجرائية وخاصة كل المراسلات التي انخرط فيها الرئيس الأول بتقديم مطالب أو الرد عليها للمساعدة على التنفيذ لفائدة المبروك والتي تنفي ادعاءه بأنه لم يحصل في تاريخ المحكمة الإدارية أن أصدر الرئيس الأول قرارا بتوقيف التنفيذ أتبعه بمراسلة تحث على تنفيذه وأنّه لم يتولّ إعادة إعلام مصالح وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية بالقرارات الصادرة في حق رجل الأعمال المذكور ومنها المراسلة المؤرخة في 14 جويلية 2017 والمراسلات التي سبقتها والتي تلتها لإنارة العدالة حولها ولتحديد المسؤوليات وتحميلها لمن يتحملها مهما كان موقعه”.
وأكد على” اتخاذ جمعية القضاة من الوهلة الأولى موقع المطالب بإنارة العدالة وشمولية التحقيقات والذهاب بها إلى منتهاها في هذا الملف بما ينأى بها عن اتهامات الدفاع عن مصالح شخصية ضيقة مثلما ورد بخطاب الرئيس الأول تجاه الجمعية في حين لم يبد في مقابل ذلك موقفا من ضرورة شمولية الأبحاث واستعداده لذلك في مثل هذا الملف لإظهار كامل الحقيقة” معبرة عن استغرابها من “مسارعة الرئيس الأول إلى الرد على المعطيات الواردة في بيانها ونعتها بالمغالطات والحال أن جلها مستقى من تصريحات موثقة لوزيريْ أملاك الدولة السابق والحالي والتي لم يحرك الرئيس الأول حيالها ساكنا وتخصيص جمعية القضاة بالرد في شخص رئيسها والحال أن الكشف على سوء تسيير الرئيس الأول غير المسبوق للمحكمة الإدارية والذي أدى إلى المساس بسمعتها وسمعة قضاتها لم يقتصر على بيانات جمعية القضاة وتصريح رئيسها بل أصبح موضوع إجماع نادر من عموم القضاة وهياكلهم في مواقف وتصاريح رسمية معلنة ومتواترة.
واعتبر أن “جواب الرئيس الأول لم ينر الرأي العام حول مطالب التلخيص التي قُدمت من المكلف العام بنزاعات الدولة وغيره من الأطراف المعنية التي تخص قضايا مصادرة أموال رجل الأعمال مروان المبروك التي تم اخفاؤها على رئيسة الدائرة ، إذا اكتفى بالتعرض إلى التذاكير العامة التي يوجهها إلى كل رؤساء الدوائر بخصوص الملفات التي لم تستوف تحرير الأحكام فيها” معبرا عن “أسفه وبشدة تعمد الرئيس الأول تحريف الوقائع المتعلقة بالمسار الإجرائي لتلخيص الأحكام صلب المحكمة الإدارية بادعائه أنّ تلخيص الأحكام من المهام المنوطة بعهدة رئيس الدائرة دون سواه طبقا لأحكام الفصل 53 من قانون المحكمة الإدارية “.
ولاحظ أن “رد الرئيس الأول على المعطى المذكور في بيان الجمعية بخصوص أن أول أحكام بالرفض صدرت عن دائرة القاضية المعنية بالشكاية الجزائية لم يتسم بالدقة المفروضة في التوضيحات الرسمية وورد في صيغة عامة لم تتضمن لا أعداد القضايا ولا تواريخ الأحكام السابقة ولا أي معطيات احصائية حول الأحكام الصادرة عن المحكمة الإدارية في مادة المصادرة فضلا عن تعمد تغييبه جوهر ما أشارت إليه الجمعية في بيانها والذي يتجاوز منطوق الأحكام الصادرة عن تلك الدائرة إلى سندها المتفرّد بإقرار شرعية مرسوم المصادرة ومطابقته للدستور ولاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المصادق عليها بالقانون عدد 16 لسنة 2008 وبالتالي شرعية كل القرارات التي تأسست عليه ومن بينها قرارات المصادرة موضوع الطعن بما يحفظ حقوق الدولة والمال العام طبق مقتضيات القانون والدستور”.
وأوضح المكتب التنفيذي ان الجمعية ” عملت في كل ما يتعلق بإشكاليات العمل بالمحكمة الإدارية ودوائرها الجهوية إلى استقاء المعلومة من مصادرها المتعددة ومنها الرئيس الأول ذاته خلافا لما جاء برده إلا أنها لم تلق سوى المماطلات المتكررة من جانبه في إيجاد الحلول لما يُطرح عليه من إشكاليات جدية وعدم تيسير النفاذ إلى المعلومة بشكل عام طبق مبادئ الشفافية التي تخضع لها كل المؤسسات كلما توجهت إليه بطلبات كتابية حول معلومات تخص المحكمة الإدارية بما أضطرها في عدة مناسبات إلى تقديم مطالب نفاذ إلى المعلومة على معنى أحكام القانون الأساسي عدد 22 لسنة 2016 المؤرخ في 24 مارس 2016 المتعلق بالحق في النفاذ إلى المعلومة ونشر قضايا في الغرض لدى هيئة النفاذ إلى المعلومة حسب المراجع التالية: القضية عدد 1172/2019 – القضية عدد 1173/2019 – القضية عدد 1175/2019 – القضية عدد 1174/2019″.
واشار الى ان الجمعية “تفوّض للمجلس الأعلى للقضاء فتح تحقيق جدي في ما ورد من معطيات إعلامية وغيرها وما جاء في بيان الجمعية وفي توضيح الرئيس الأول بخصوص تلخيص الأحكام الصادرة في قضايا رجل الأعمال مروان المبروك وفي غيرها من القضايا التي ترجع بالنظر مباشرة إلى الرئيس الأول ومن ضمنها قرارات الجلسة العامة القضائية للمحكمة الإدارية المتعلقة بالنزاعات الانتخابية وقضايا توقيف التنفيذ وما اتسمت به من بطء شديد لم يسبق أن عرفته المحكمة الإدارية في تاريخها وتحميل المسؤوليات لمن يتحملها”.
وعبر المكتب التنفيذي للجمعية عن” اعتزازه بالمحكمة الإدارية وبقضاتها لما مثلت وما تمثل عبر الأجيال والمراحل التاريخية من صرح قضائي حام للشرعية ولدولة القانون رغم بعض الشوائب العابرة وينبّه في هذا السياق إلى محاولة الرئيس الأول التلبيس على الرأي العام الوطني والرأي العام القضائي بتقديم ما رصدته الجمعية من سوء إدارة فادحة للمحكمة الإدارية خلال فترة ترأسه على أنه استهداف للمحكمة نفسها ولقضاتها”.