الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: انعقد نهاية الأسبوع الفارط لقاء جمع وزير الصحّة عبد اللطيف المكي بالممثّل المقيم للبنك الدولي بتونس “طوني فارهايجن”.
وافادت الوزارة بان اللقاء تمحور حول سبل دفع التعاون بين تونس والمؤسسة المالية الدولية في المجال الصحّي وخاصّة في ما يتعلّق بمرافقة ودعم البرامج المتّصلة برقمنة الخدمات إلى جانب ترشيد وإحكام التصرّف في مجال الأدوية.
كما تم التطرق في ذات السياق، وفق وزارة الصحة، إلى مشروع يتصل بإحداث وكالة جديدة تشرف عليها الوزارة تحت مسمى “الوكالة الوطنيّة للأدوية” وذلك بالتعاون مع البنك العالمي بحجة مزيد تطوير القطاع الصحي في البلاد.
غير أن هذه الوضعية التي تم إغفال تداولها تشير الى احتمالين أولهما ارادة وزارة الصحة ومن ورائها الحكومة تصفية الصيدلية المركزية نهائيا وحلول هذه الوكالة محلها وهو أمر عدمي بالكامل بحكم أن تعويض مؤسسة عمومية بأخرى لها نفس الصلاحيات لا يعني شيئا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية، في حين يتمثل ثانيهما في إحداث مؤسسة لا يمكن إلا أن تكون “موازية” للصيدلية المركزية باعتبار احتكار المؤسسة العمومية قطاع توزيع الادوية في البلاد وتتعلق مهامها الرئيسية بإحكام التصرف فيها وترشيد استعمالها مما يجعل من إحداث “الوكالة” الجديدة مسألة ليس لها أي مردود صحي أو اقتصادي عدا منافسة الصيدلية المركزية والنشاط بصفة موازية معها في نفس السوق.
في جانب اَخر وبالرجوع إلى عدة معطيات أبرزها أن الصيدلية المركزية بدأت مؤخرا في تحسين مؤشراتها وتمكنها من تجاوز وضعية نقص الادوية وهي وضعية عاشت على وقعها البلاد سنوات طوال سيما زمن الترويكا وفترة حكم الشاهد، إذ استعادت مخزونها العادي بمعدل شهرين إلى 3 أشهر مع استعدادها للترفيع في نسبة المخزون من الأدوية إلى حدود 70 % من الاستهلاك الوطني للأدوية، فإن موضوع إحداث الوكالة لا يمكن أن يكون الا مشروعا غايته الإجهاز على محور حيوي من محاور القطاع الصحي العمومي وانهائه.
يذكر ان منظمة “اوكسفام” الدولية كان قد اصدرت مؤخرا تقريرا عن الأوضاع الاجتماعية في تونس يبين أن المواطنين لا يستفيدون من خدمات اجتماعية متكافئة اذ تشير بيانات المنظمة إلى انخفاض الاستثمار في قطاعين عموميين أساسيين، هما التعليم والصحة، بين سنتي 2011 و2019 وتراجع حصتي كل منهما في ميزانية الدولة على التوالي من 26.6% إلى 17.7% للتعليم ومن 6.6% إلى 5% للصحة.
كما تبرز العديد من الإحصائيات التي قدمها التقرير تخلي الدولة بشكل ملحوظ عن المرافق الحيوية في قطاع الصحة بالخصوص، اذ حلّت المصحات الخاصة محل المستشفيات العمومية لتخلق نظام تقاس فيه قيمة الحياة بالدينار غداة ارتفاع عدد الأسرة في المصحات الخاصة، بين سنتي 2014 و2019 بنسبة 85% مقارنة بزيادة نسبتها 6% في المستشفيات العمومية.
وفضحت معطيات “اوكسفام” اوضاع الفقر والهشاشة الاجتماعية التي يعيشها التونسيون على نطاق واسع وأوجه اللامساواة التي ظهرت بشكل فاجع مع تفشي جائحة كوفيد-19 وما تسبب فيه انسحاب الدولة من المرافق الحياتية الاساسية، من كوارث وماَس سواء على الصعيد الفئوي او الجهوي.
https://oi-files-d8-prod.s3.eu-west-2.amazonaws.com/s3fs-public/2020-06/La%20justice%20fiscale%20en%20Tunisie%20un%20vaccin%20contre%20l%E2%80%99aust%C3%A9rit%C3%A9_1.pdf?fbclid=IwAR21HQU6I0v1IJHAaF0EmTdXikMvISJIhNeDpdvjXLpMGCZRHYsStT91ry0