الشارع المغاربي-قسم الاخبار: وصف رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد شوقي الطبيب اليوم الجمعة 3 جويلية 2020 الوضعية الحالية لشفافية تمويل الأحزاب بـ”الخطيرة” بسبب ما اعتبره “تسيبا وافلاتا من العقاب” بالاضافة الى “تراجع دور القضاء وتقصير هيئة الانتخابات في مراقبة تمويل الاحزاب السياسية”.
ونبّه الطبيب في مداخلته خلال ندوة حول ”مراقبة تمويل الأحزاب السياسية في تونس: الواقع وسبل تحسين النجاعة” من وجود “بوادر خطيرة لإندلاع حرب اقليمية بالوكالة تخوضها أطراف أجنبية من خلال تمويل بعض الأحزاب” مشدّدا على ضرورة التصدي لهذا الوضع” قائلا ” نلاحظ في بلادنا بعد الثورة نوعا من الحرب الاقليمية بالوكالة وهذه الاطراف الاجنبية والاقليمية التي تخوض هذه الحرب بواسطة بعض الاحزاب … ورأينا بعض تجليات ذلك على مستوى البرلمان … والاداة التي تخوض بها هذه الاطراف الاجنبية الحرب بالوكالة هي التمويل” متابعا “نموّلك باش تدافع عليّ وباش تتهجم على خصومي الذين لهم اشخاص يمثلونهم على المستوى الداخلي وهذا امر خطير” محذرا من “لبننة تونس بعد الثورة”.
وأكّد أنّ “ضرب مصداقية الاحزاب امر خطير ويمس كل التونسيين لانه لا يمكن ان تكون هناك حياة سياسية دون احزاب” مردفا بالقول ” ضرب مصداقيتها هو ضرب لاركان الدولة لان الاحزاب هي من ضمن اركان ومؤسسات الدولة بالمفهوم الواسع”.
واضاف الطبيب “يتنزل تنظيمنا هذه الندوة للمرة السادسة تقريبا أو أكثر بشراكة مع احد الاطراف في اطار ما نشعر به من قلق وحتى نوع من الحيرة كهيئة وطنية لمكافحة الفساد ازاء هذا الموضوع الذي يحتمل خطورة لأنّه يتناول بالأساس الملف الذي نحن نعتبره خطيرا وخطيرا للغاية لأنّه يمسّ أحد مكاسب الثورة التونسية وهي حرية التنظم والاعلام والرأي”.
وتابع “حرية التنظم هذه استفادت منها الاحزاب والمجتمع المدني واكبر تهديد لها هي وضعية التسيب ووضعية اللاّقانون ووضعية الافلات من العقاب التي نعيشها في علاقة بملف تمويل الاحزاب والحملات الانتخابية وما الى غير ذلك …وأعتقد أنّ جميعنا متفق في هذا التوصيف وربما بدرجات متفاوتة والبعض يعتبرها كارثية وخطيرة والبعض يقول لا يجب أن نُهوّل المسألة وعلينا التدرج ويلزمنا نسايسو رواحنا ولكن الكل تقريبا يقر بأنّ هناك نوعا من العجز ونوعا من الافلات من العقاب”.
ولفت الى أنّ الاعلام موكول بمراقبة تمويل الاحزاب والحملات الانتخابية قائلا “الاعلام قاعد يقوم بدوره نوعا ما … ولكن هذا الدور يكاد ينحصر في الجانب الرقابي ولهذا الدور في بعض الاحيان حدوده لأنّ تمويل الاحزاب ليس من المواضيع التي نسمع بها أو نقرأها كثيرا في الاعلام التونسي نتيجة عدة اكراهات التي نحن نفهمها والتي هي مرتبطة بمسألة التمويل”.
وواصل المتحدّث قائلا ” هذا الدور يبقى محدودا بالنسبة للمجتمع المدني لعدّة اعتبارات لعلّ أهمها أنّ هذه العملية هي عملية فنية قانونية معقدة تتطلب خبرة ونفاذا الى معلومات غير متاحة وهذا ما يفسر ان عدد الجمعيات التي هي بصدد القيام بهذا الدور لا يكاد يتجاوز اصابع اليد الواحدة…يجب ان تكون للمجتمع الامكانات المادية واللوجستية والبشرية حتى يستطيع الاضطلاع بهذا الدور”.
وأشاد الطبيب بأهمية دور القضاء في هذه المسألة معتبرا أنّ دوره هو الاهم والابرز، قائلا “كما تعلمون لدينا أقضية ثلاثة..قضاء اداري وقضاء مالي وقضاء عدلي ولأي منصف أن يقول إنّ القضاء التونسي لم ينجح في القيام بهذا الدور لعدّة اعتبارات ربما سيتم التطرق لأهمها خلال هذه الندوة ولكن كلنا نعرف أنّ من أبرز هذه العوائق هي المسألة المتعلقة بالجوانب الماديّة والبشرية واللوجستية التي يفتقدها القضاء التونسي والتي هي من أبرز العوائق التي تقف في وجهه وهو يطالب بأن يتم منحه الاليات الكافية ليضطلع بدوره خاصة في الملفات المتعلقة بمكافحة الفساد”.
وقال “ثم يأتي دور السلطة التنفيذية ودور رئاسة الحكومة والوزارات المكلفة بالعلاقة ودور الادارة العامة للأحزاب الى غير ذلك ولا يمكن لنا أن ننكر أنّ هذا الدور هو منقوص ان لم يكن معدوما لأنّ العبرة بالنتائج …بإمكان السلطة التنفيذية ان تحرك الدعوة العمومية ولكن الى اليوم لم نسمع بأنّ السلطة التنفيذية قامت بذلك في ما يتعلق ببعض الخروقات التي نشهدها أحيانا أو التي يتم حتى توثيقها في بعض الاحيان من طرف دائرة المحاسبات مثلا … وحتى نكون منصفين لم نسمع كذلك بقرارات حاسمة في تنفيذها صدرت عن الاقضية الثلاثة في علاقة بمعضلة تمويل الاحزاب… دائما نجد للسلطة التنفيذية الاعذار بحكم أنّها منبثقة بالأساس عن توازنات سياسية وانتخابات”.
وأكّد الطبيب أنّ الاحزاب هي من أكثر المستفيدين من هذه الوضعية واصفا اياها بـ”الوضعية الكارثية” مضيفا ” وسيظهر ذلك في المدى المتوسط والبعيد وربما بدأ يظهر”.
واشار الى أنّ الطرف الاخر هو هيئة الانتخابات التي قال إنّ لها مسؤولية كبيرة في الاطار، متابعا “أصبحنا نشعر مع الوقت أنّ الهيئة أصبحت تكتفي بالتنظيم اللوجستي للانتخابات واصبحت تكتفي بعملية تحصين صندوق الاقتراع يوم الاقتراع ولم نعد نسمع عن دورها في تحصين العملية الانتخابية او مراقبة الانتخابات برمتها مثل تمويل الحملات وما الى غير ذلك ولم نعد نسمع عن قرارات جريئة”.
واضاف “نريد ان نستمع الى رأيها في هذا المجال حتى ان كان لنا منها موقف نقدي في الانتخابات الاخيرة بحكم انها عطلت حتى عمل اللجنة الوطنية التي تم تكوينها بمبادرة من هيئة مكافحة الفساد ومن دائرة المحاسبات والبنك المركزي وحتى الديوانة … اجتمعت كل هذه الاطراف مع بعضها في الانتخابات الاخيرة لتكوين لجنة وطنية لمراقبة الانتخابات وكنا على ذمة هيئة الانتخابات”.
وقال الطبيب “غالبية الاحزاب حتى لا نقول كل الاحزاب ترفض مسألة الشفافية بخصوص مسألة تمويل الحملات الانتخابية وهذا واضح… هناك نوع من الممانعة في هذا الاطار القانوني ولا تنشر كلّ الاحزاب تقاريرها …واقول إنّه على اللجنة الوطنية مراقبة تمويل الاحزاب ومعاينة الخروقات وان تطلب تفعيل العقوبات بالنسبة لمن لم يمتثلوا للقانون…هناك شبهات كبيرة تحوم حول الاحزاب وهناك تقارير صحفية وتقارير استقصائية وعديد القرائن التي تدلّ على أنّ هناك تمويلا غير مشروع لبعض الاحزاب وللحملات الانتخابية والاخطر من هذا هو التمويل الاجنبي الذي سيقودنا لوضعية كارثية والذي يعد من قبيل الجناية”.