الشارع المغاربي-وكالات: أعلنت الرئاسة الفرنسية اليوم السبت 25 جويلية 2020 أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كلف يوم أمس رسميّاً المؤرّخ بنيامين ستورا بمهمّة تتعلق بـ”ذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر”، قالت إنّها تهدف لتعزيز “المصالحة بين الشعبين الفرنسي والجزائري”.
وأكّد “الايليزي” أنّ هذه المهمّة التي يُنتظر صدور نتائجها في نهاية العام “ستُتيح إجراء عرض عادل ودقيق للتقدّم المحرز في فرنسا في ما يتعلق بذاكرة الاستعمار وحرب الجزائر، وكذلك للنظرة إلى هذه الرهانات على جانبَي البحر الأبيض المتوسّط”.
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون قد أعلن من جانبه الأسبوع الماضي، أنّ حكومته انتدبت المؤرّخ الجزائري عبد المجيد شيخي المستشار لدى رئاسة الجمهورية المكلّف بالأرشيف الوطني والذاكرة الوطنية للعمل مع الجانب الفرنسي في هذا الشأن.
وقال تبون “سيتولّى شيخي تمثيل الجزائر في العمل الجاري حالياً مع الدولة الفرنسية في ما يتعلّق بالملفّات ذات الصلة بالذاكرة الوطنية، والذي يُقابله، عن الجانب الفرنسي المؤرّخ بنيامين ستورا” كما صرح مؤخراً في مقابلة مع صحيفة “لوبينيون” اليومية الفرنسية “إنّ المؤرّخَين الجزائري والفرنسي سيعملان سويّاً وتحت الوصاية المباشرة لرئيسي البلدين في سبيل التوصل للحقيقة”.
وأضاف “نأمل أن يُنجزا عملهما في جوّ من الحقيقة والصفاء والهدوء لحلّ هذه المشاكل التي تسمّم علاقاتنا السياسية ومناخ الأعمال وحسن التفاهم” مؤكدا “يجب ان نُواجه هذه الأحداث المؤلمة لنبدأ مرّة أخرى في العلاقات المثمرة بين البلدين، وخاصّة على المستوى الاقتصادي”.
من جانبه شدّد ستورا في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية يوم الخميس، عشيّة تلقّيه رسالة تكليفه المهمة،على أنه “ليس ممثلاً للدولة الفرنسية” مضيفا “لا يمكننا أبدا التوفيق بين الذاكرات بشكل نهائي، لكنّي أعتقد أنه يجب علينا أن نتحرّك نحو سلام نسبي للذاكرات من أجل مواجهة تحدّيات المستقبل على وجه الخصوص، حتى لا نبقى أسرى الماضي طوال الوقت، لأنّ الجزائر وفرنسا بحاجة إلى بعضهما بعضاً”.
وأكد أنّ “التاريخ في الجزائر كما في فرنسا ينطوي على رهانات…علينا فعلا أن نقوم على جانبي المتوسط بمحاولة الاقتراب لأكبر قدر ممكن من تاريخ هو تاريخ الوقائع بحد ذاتها وليس تاريخا مؤدلجا دائما أو يستخدم أداة باستمرار”.
يُشار إلى أنّ ستورا ولد سنة 1950 في مدينة قسنطينة في الجزائر، وإلى أنّه أحد أشهر الخبراء المتخصصين بتاريخ الجزائر، خصوصا في الحرب التي استمرت من 1954 إلى 1962 وأفضت إلى استقلال هذا البلد.
وقد كتب ماكرون في رسالة تكليف ستورا “من المهم أن يُعرف تاريخ حرب الجزائر وينظر إليه بشكل واضح. الأمر يتعلق براحة وصفاء الذين أضرت بهم” مضيفا “يتعلّق الأمر بمنح شبابنا إمكانية الخروج من النزاعات المتعلقة بالذاكرة…أتمنى أن أشارك في إرادة جديدة لمصالحة بين الشعبين الفرنسي والجزائري لأن موضوع الاستعمار وحرب الجزائر عرقلا لفترة طويلة بناء مصير مشترك في البحر المتوسط بين بلدينا”.
وفي مؤشر واضح على بعض الانفراج في العلاقات بين الجزائر والقوة المستعمرة السابقة، سلمت باريس مطلع جويلية 24 مقاتلا جزائريا سقطوا في بداية الاستعمار الفرنسي في القرن التاسع عشر، واعتبرت الجزائر في المقابل هذه المبادرة “خطوة كبيرة”.
وقال ستورا في مقابلة مع وكالة فرانس برس حينذاك “بهذا النوع من المبادرات، تعيد فرنسا اكتشاف تاريخها” مضيفا “هناك حركة عالمية لاستعادة تاريخ الشعوب وفرنسا لا يمكنها تجاهلها”.
وكان ماكرون قد اعترف في بداية ولايته الرئاسية بأن موريس أودان عالم الرياضيات المؤيد لاستقلال الجزائر والذي فقد في 1957 “مات فعلا تحت التعذيب بسبب النظام الذي أرسته فرنسا في الجزائر” وأنّه قام بتكريم الحركيين، أي المقاتلين الجزائريين الذين خدموا فرنسا ثم تخلت عنهم باريس في ظروف مروعة.