الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: ابرزت اخر التقديرات الصادرة عن البنك الدولي في تقرير أصدره تحت عنوان “موجز الهجرة والتنمية” انه من المتوقع أن تتراجع التحويلات التي يرسلها المهاجرون إلى بلدانهم بنسبة 14% خلال سنة 2021 مقارنة بمستويات ما قبل كورونا في 2019.
وقدرت المؤسسة المالية الدولية تراجع تدفقات التحويلات المالية الى منطقة شمال افريقيا والشرق الاوسط بنسبة 8% سنة 2020 لتصل إلى 55 مليار دينار (20 مليار دولار) بسبب الأثر السلبي لاستمرار تباطئ معدلات النمو العالمي.
وتشمل العوامل الرئيسية المسببة لهذا التراجع، حسب التقرير، ضعف معدلات النمو الاقتصادي والتشغيل في البلدان المضيفة للمهاجرين وتراجع أسعار النفط وانخفاض قيمة عملات البلدان المرسلة للتحويلات مقابل الدولار الأمريكي. وسيؤثر هذا التراجع في 2020 و2021 على جميع المناطق، سيما الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (8% و8%) وبلدان أفريقيا جنوب الصحراء (9% و6%).
واكد البنك الدولي ضرورة تعزيز التكنولوجيا الرقمية، إلى جانب تهيئة بيئة تنظيمية تشجع المنافسة في سوق التحويلات المالية ومراجعة لوائح وضوابط مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب لخفض رسوم التحويلات الخاصة.
وتبين المؤشرات النقدية والمالية الصادرة يوم امس الثلاثاء 3 نوفمبر 2020 على موقع البنك المركزي ان تحويلات التونسيين المقيمين في الخارج ناهزت نحو 4449.6 مليون دينار يوم 20 اكتوبر الفارط مقابل 4078.6 مليون دينار خلال نفس الفترة من السنة السابقة مما يعني تسجيل زيادة على هذا المستوى بقيمة 371 مليون دينار أي ما يعادل نسبة 9.1% مما يمثل نسبة مهمة في ظل ما يشهد العالم من أزمة اقتصادية خانقة بسبب تداعيات الجائحة الصحية.
وتمثل عموما وفي المعدل تحويلات المهاجرين التونسيين خلال السنوات الأخيرة حوالي 20% من الادخار الوطني و5% من الناتج المحلي الخام حسب بيانات وزارة المالية والبنك المركزي،. كما تحتل المرتبة الرابعة في مصادر توفير العملة الاجنبية، وفقا لبيانات وزارة الشؤون الاجتماعية. ورغم حجم التحويلات المالية المهم لنحو مليون ونصف مليون مواطن يقيمون في الخارج فإن تذمرا واسعا في صفوف هؤلاء المواطنين يتواصل منذ مدة من تعاملاتهم مع البنوك التونسية التي يرون وفق تقديرهم، انها تتباطؤ في إجراءات التحويل، فضلا عن عدم وجود أية امتيازات تسمح بالتصرف في المدخرات بحرية.
ويبين العديد من المقيمين في الخارج أن السلطات النقدية تفرض عليهم تضييقات مستمرة وان ذلك حدا ببعضهم الى تقديم شكاوى في عدة مناسبات.
وجرى، في هذا الخصوص، توجيه انتقادات حادة بسبب ما وقع اعتباره عوائق تفرضها البنوك على تحويلات التونسيين في الخارج مع مطالبة البنك المركزي بالتدخل، على هذا المستوى، لدى لجنة التحاليل المالية من أجل تخفيف صعوبة التحويل، أو البحث عن حلول بديلة في ظل حاجة أسر المهاجرين الماسة لأموال ذويهم سيما في هذه الفترة الحساسة.
ورفع الممثلون لدوائر التونسيين المقيمين بالخارج إلى السلطات المالية الوطنية تشكياتهم من المعاملات البنكية متوقعين أن تمنع هذه الصعوبات تدفقات مهمة من النقد الأجنبي إلى البلاد أو ذهاب جزء كبير منها إلى سوق الصرف السوداء. كما يعتبرون أن تواصل صعوبات التحويل والتصرف في المدخرات التي يواجهها التونسيون المقيمون خارج البلاد أمر ينم عن اشكال في التعامل لدى السلطات المالية تجاه هذه الفئة من المواطنين.
ويركز العديد من الخبراء، على أن مساعي عديدة، في هذا الخصوص، توجد للبحث عن حل لهذه الأزمة وعلى انه سبق ان رُفعت شكاوى للبنك المركزي ولوزارة المالية بشأن هذا الملف منذ مدة طويلة دون ان تتغير الوضعية.
ويبرز المتخصصون، في هذا السياق، أن الأزمة متواصلة منذ سنوات، وأنها زادت تعقدا مع تشديد لجنة التحاليل المالية صلب البنك المركزي الاجراءات في ما يتعلق بالتحويلات الأجنبية وذلك في إطار تتبع الأموال المشبوهة بحكم أن البنوك لا تسمح للمقيمين بالخارج عند عودتهم إلى تونس بسحب أكثر من 5 ألاف دينار، كما تطلب منهم إمهالها للتثبت من التحويلات رغم أن جلها يتم عبر مكاتب صرف الأموال وشركات معتمدة، مع التأكيد على أن هذا الصنف من الصعوبات يواجه بشكل خاص المقيمين في دول مجلس التعاون الخليجي.
كما جرت الافادة بأن بنوك أخرى تطلب من التونسيين المقيمين تجزئة المبالغ المحولة بدعوى اهميتها أو تحويلها على حسابات مختلفة أو لفائدة أكثر من فرد من أفراد العائلة أو المستفيدين من هذه التحويلات، مع التعرض إلى أن التعقيدات تزيد من نفور المهاجرين في توجيه أموالهم نحو أرصدتهم في البلاد وتمنع تدفقاتها بشكل مهم من النقد الأجنبي للبلاد.
ويجرى التشديد، في هذا الإطار، على ضرورة تكثيف الجهود بين الحكومة والسلطات النقدية لتذليل الصعوبات والسماح للتونسيين المقيمين بالخارج بفتح حسابات بالعملة الخارجية في تونس وبنسب فائدة مجزية تفوق نسب الفائدة التي يحصلون عليها مقابل ادخاراتهم في دول الغربة المقيمين فيها.