الشارع المغاربي- كريمة السعداوي: أكد لطفي حشيشة رئيس لجنة التحاليل المالية التابعة للبنك المركزي التونسي يوم اول أمس الأربعاء 16 ديسمبر 2020، خلال ندوة انتظمت عن بعد، لتقديم نتائج تقرير نشاط اللجنة للفترة 2018 / 2019 أنه جرى تجميد مبالغ مالية قيمتها 86 مليون دينار (26 مليون أورو) في إطار مقاومة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب قال انها تتعلق اساسا بغسل الأموال والجرائم الأصلية المرتبطة بها.
وأفاد حشيشة بأنه تم حل وتجميد نشاط عديد الجمعيات، مبرزا أن مستوى مخاطر الجمعيات في علاقة بتمويل الإرهاب انخفض من درجة مرتفع إلى متوسط فضعيف. كما صرح بأن تونس امتثلت كليا للتوصية الثامنة لمجموعة العمل المالي الخاصة بالمنظمات غير هادفة للربح.
وأظهر في جانب اخر، تقرير لجنة التحاليل الماليّة أنّ تونس هي الدولة الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا المتحصلة على هذه الدرجة إلى جانب 6 دول أخرى في العالم على غرار كندا والمملكة المتحدة والصين بمعنى أن تونس تسبق في هذا المجال دول الاتحاد الأوروبي ومعظم بلدان العالم تقريبا.
غير أنه وبالرجوع لتقرير نشره نهاية ديسمبر 2019 المرصد التونسي للاقتصاد وهو مركز بحثي أكاديمي، فان تونس تصنف البلد الأول عربيا من حيث التدفقات المالية غير المشروعة وذلك بنسبة 16.2% من إجمالي حجم التجارة الخارجية للبلاد باستثناء المنتجات البترولية مما يعادل بحساب الأسعار القارة أواخر السنة المنقضية 15313.3 مليون دينار وبذلك تمثل الأموال المجمدة (86 مليون دينار) 0.56% فقط من التداولات النقدية غير المشروعة في تونس.
وتبرز هذه المعطيات أن التعاملات النقدية في تونس هي مشبوهة او غير مشروعة او تكاد بما يطرح عدة أسئلة حول فعالية عمل الجهات المتخصصة في مكافحة تحول البلاد الى ساحة للجريمة المالية سيما أنه وفقا للمرصد، فإن الحد من التدفقات المالية غير المشروعة بحلول عام 2030 يشكل جزءاً من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة. وأنجزت في هذا السياق، اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا، “الاسكوا”، دراسة حول التدفقات المالية غير المشروعة في العالم العربي.
وتتأتى حسب الدراسة بعض التدفقات المالية غير المشروعة من الجريمة المنظمة والتي يصعب قياسها ولكن أغلب التدفقات المالية غير المشروعة القابلة للقياس تأتي من نظام التلاعب بالفواتير على مستوى التجارة الخارجية لكل بلد. وقدمت “الاسكوا” الأرقام كنسب مئوية من التجارة الخارجية باستثناء المنتجات البترولية تفاديا للتحيز في المقارنة بين البلدان المنتجة للنفط وغير المنتجة له.
كما بين تقرير المرصد التونسي للاقتصاد انه وفقاً للإسكوا، تتجاوز تونس بكثير البلدان العربية من حيث التدفقات المالية غير المشروعة باعتبار النسب التراكمية. وتحل لبنان بالمرتبة الثانية بنسبة تقدر بحوالي 13.2% من تجارتها الخارجية، تليها مصر والأردن والجزائر والمملكة العربية السعودية بنسب تتراوح بين 11 و12% من تجارتها الخارجية باستثناء المنتجات البترولية.
وتعد الآلات، من أهم المنتجات المعنية بالفواتير المزورة في العالم العربي. ويتوافق هذا الاستنتاج مع دراسة المجموعة رفيعة المستوى بشأن التدفقات المالية غير المشروعة التابعة للجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا والتي أفادت بأن 70.9% من التزوير الالي في القارة الأفريقية مصدره المغرب وتونس.
يذكر أنه كان قد تم تعطيل جلسة نيابية طلبت عقدها يوم الثلاثاء 15 ديسمبر الجاري كتلة الحزب الدستوري الحر لتخصيصها لإصدار لائحة حول “تبييض العنف والإرهاب” ومطالبة الحكومة بحل الجمعيات المرتبطة بالإرهاب ثقافة وتمويلا، في إطار مساعي الكشف عن منظومات مسترابة وخفية لتمويل الجمعيات والأحزاب وعدد من المنظمات المشبوهة في تونس، حسب تقدير الكتلة الحزبية. ولم تنعقد الجلسة لعدم توفر النصاب، وتعد هذه هي المرة الثانية التي ترفع فيها جلسة مخصصة لهذه اللائحة.
وكشفت عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر مؤخرا عن وجود شبكة تمويلات أجنبية غير مشروعة في البلاد، داعية لجنة التحاليل المالية في البنك المركزي ومحافظه، إلى كشف حقيقة التمويلات الأجنبية للأحزاب والجمعيات. واعتبر، في هذا الصدد، أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة منوبة، عبد الجليل بوقرة أن معركة كشف منظومة تمويل الجمعيات والأحزاب وعدد من المنظمات، هي معركة أساسية اليوم، وان لا معنى لأية انتخابات في ظل منظومات ممولة من الخارج، وداعمة لأحزاب وأذرعها من الجمعيات.