الشارع المغاربي: أدلى نوفل سعيّد شقيق رئيس الجمهورية قيس سعيد اليوم الخميس 7 جانفي 2021 بدلوه في الجدل الذي أُثير مؤخرا حول تأكيد سعيّد على انه القائد الأعلى للقوات العسكرية والأمنية مستنجدا تارة بفصول من الدستور واخرى بالتأويل مستنتجا ان قوات الامن الوطني تدخل في خانة القوات المسلحة وانه لا مجال ولا حاجة للتفريق بينها وبين مختف الجيوش متسائلا ” كيف لا يكون رئيس الجمهورية القائد الأعلى لقوات الأمن الوطني بالاضافة الى القيادة العليا لمختلف الجيوش وهو الذي يترأس مجلس الأمن القومي؟” .
وتحت عنوان “نقطة قانونية حول النص الدستوري المتعلق بالقيادة العليا للقوات المسلحة من طرف رئيس الجمهورية” كتب نوفل سعيّد في تدوينة نشرها بصفحته على موقع “فايسبوك”:”دار نقاش هذه الأيّام الأخيرة حول التصريح الذي قام به رئيس الجمهورية يوم 31 ديسمبر 2020 عندما أعلن أنّه هو القائد الأعلى للقوات العسكرية والأمنية و تراوحت ردود الفعل في هذا الخصوص يبن مؤيد ورافض لهذا التصريح. على ايّة حال أريد من خلال هذه التدوينة أن ابيّن و اطرح للنقاش القانوني الهادئ المسائل التالية :
1- في الصفحة 21 من الوثيقة المعنونة “الصيغة النهائية لمشروع لجنة السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والعلاقة بينهما على ضوء الملاحظات المشتركة للتنسيق والصياغة المتفرعة عن المجلس الوطني التأسيسي ( انظر الصورة المصاحبة ) يمكن أن نقرأ ما يلي :” يتولى رئيس الجمهورية :…….القيادة العليا للقوات المسلحة وقوات الأمن الوطني.
2- في الصيغة النهائية للدستور حذفت الجملة ” و قوات الأمن الوطني”…بل نقرأ فقط في الفصل 77 من الدستور أنّ رئيس الجمهورية يتولى :” القيادة العليا للقوات المسلّحة”… ولكن دون أن ينص الدستور في أي مكان آخر منه على اسناد قيادة قوات الأمن الوطني الى أي جهة أخرى.
3- يفهم ممّا سبق أنّ المشرع الدستوري التونسي أعتبر في نهاية المطاف وحسب الصيغية النهائية للفصل 77 من الدستور أنّ قوات الأمن الوطني بجميع فروعها تدخل في خانة واحدة هي خانة القوات المسلحة ولا مجال ولا حاجة الى التفريق يبنها وبين مختلف الجيوش.
4- ممّا يؤيد هذا التأويل وفي سياق القانون الدستوري المقارن يمكن التعرض مثلا للفصل 15 من الدستور الفرنسي الذي ينص بالتخصيص على أنّ:” رئيس الجمهورية هو قائد الجيوش …” ARTICLE 15. Le Président de la République est le chef des armées. فمصطلح “الجيوش” مصطلح مخصص ومحدد ولا يمكن أن يشمل مثلما هو الشأن في الفصل 77 من الدستور التونسي قوات الأمن الوطني….فلو تعلقت ارادة المشرع الدستوري التونسي بحصر قيادة رئيس الجمهورية في قيادة الجيوش لقال ذلك بشكل صريح فكان يمكن له أن يقول مثلا “يتولى رئيس الجمهورية قيادة الجيوش”.
5- في غياب التنصيص الصريح من قبل المشرع الدستوري على جهة مغايرة أخرى بخلاف رئيس الجمهورية لا يمكن أن نتصور أن تبقى قوات الأمن الوطني بلا قيادة عليا …وهو ما يرجح التأويل القائل بأنّ رئيس الجمهورية هو أيضا القائد الأعلى لا فقط للجيوش بل أيضا لقوات الأمن الوطني.
6- لو لم يكن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى لقوات الأمن الوطني لما جاء الفصل 78 من الدستور ناصا على أنّ : ” رئيس الجمهورية يتولى بأوامر رئاسية التعيينات والاعفاءات في الوظائف العليا العسكرية والديبلوماسية والمتعلقة بالأمن القومي بعد استشارة رئيس الحكومة”.
7- جاء الفصل 92 من الدستور التونسي ليمنح الاختصاص الحصري لرئيس الحكومة ” لاجراء التعيينات والاعفاءات في الوظائف المدنية العليا” فقط. لا غير.
8-جاء القانون عدد 33 لسنة 2015 المؤرخ في 17 أوت 2015 ( أنظر الصورة المصاحبة ) موضحا وضابطا للوظائف المدنية العليا طبقا للفصل 92 من الدستورالتي تدخل في الاختصاص الحصري لرئيس الحكومة ومستثنيا بطبيعة الحال الوظائف العليا المتعلقة بالأمن القومي التي تدخل في الاختصاص الحصري لرئيس الجمهورية الذي هو القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والأمنية.
9- على رئيس الحكومة حسب الفصل 92 من الدستور أن يُعلم رئيس الجمهورية بالقرارات أي بالتعيينات التي يقوم بها- التي يتّخذها في الوظائف المدنية العليا.
10- كيف يمكن ألا يكون رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى لقوات الأمن الوطني بالاضافة الى القيادة العليا لمختلف الجيوش وهو الذي يترأس مجلس الأمن القومي .