الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: تحدث يوم أمس الثلاثاء 12 جانفي 2021 رئيس الاتحاد الوطني للفلاحة والصيد البحري عبد المجيد الزار حديث الواثق والمطمئن من تطاوين اين بشر التونسيين بأن لا خوف على البلاد والعباد من نقص في الغذاء وذلك في سياق تأكيده أن أزمة الأعلاف في ولاية تطاوين وهي ازمة تعصف بكافة الولايات منذ مدة تعود إلى مجرد نقص في التزويد بالكميات الكافية من السداري والشعير العلفي وليس إلى خلل في منظومة التوزيع المعتمدة، داعبا الحكومة إلى العمل على توفير حاجات المربين من المادتين المذكورتين.
وبخصوص تأثير الوضع الوبائي على منظومة الإنتاج الفلاحي، بشر الزار أهالي جهة تطاوين ومعهم ضمنيا كل التونسيين بأن الحرص قائم لتأمين السيادة الغذائية كجزء لا يتجزأ من السيادة الوطنية مبرزا ان ذلك يتجلى في العمل على إنتاج حاجات المواطنين الغذائية حتى لا يكونوا مرتهنين لأي طرف خارجي.
وأوضح الزار ان ذلك لا يعني أنه تم بلوغ الاكتفاء الغذائي الذاتي وانه مع ذلك لم يتم فقدان الغذاء في هذا الظرف الصحي الاستثنائي كما في بداية الثورة وان الأمور ستبقى كذلك مهما طالت مدة الجائحة ليجري إنتاج كل حاجات التونسيين مع العمل على ان تكون الفلاحة مقوما من مقومات الاقتصاد الوطني باعتبارها قارب النجاة للوطن ولاقتصاده فضلا عن قدرتها التشغيلية الهامة للشباب.
ولكن الزار غفل او بالأحرى تغافل عن ان الميزان الغذائي هو في حالة عجز هيكلي و عن انه تقلص نهاية شهر نوفمبر 2020 إلى 679 مليون دينار مقابل 1423 مليون دينار سجلت خلال الفترة نفسها من سنة 2019 وفق بيانات المرصد الوطني للفلاحة. ويرجع ذلك الى حالة اغلاق الحدود في العالم لا غير بما تسبب في انخفاض قيمة الصادرات بنسبة 16.3 بالمائة وعدم تجاوز نسبة تغطية الواردات بالصادرات 86.7 بالمائة.
كما غفل الزار عن ان التونسيين يعانون من الجوع اذ يُظهر تقرير سنة 2019 للمعهد الدولي للدراسات في مجال السياسة الغذائية الذي أنجز بالتعاون مع منظمتي “ويلتهونغرحيلفي” و”كونسرن وورلدوايد” تحت عنوان “المؤشر العام لحالة الجوع 2019” أن نسبة الجوع في تونس بلغت 7.9 في المائة وأن الظاهرة تعد اقتصادية بالأساس بصفتها مرتبطة بالفقر وبتدني خدمات التحويل الغذائي والاجتماعي أو بالدعم اذ تصل نسبة الفقر المتعدد الأبعاد في البلاد الى 29 بالمائة.
كما تبرز ارقام المرصد التونسي للاقتصاد أن 3 ملايين أسرة تونسية تعیش في حالة من الھشاشة الاجتماعية والاقتصادية في ظل وجود ملیون و300 ألف تونسی يُبرز مستوى مداخيلهم وقدرتھم الشرائیة أنھم يعانون من سوء التغذية ومن بینھم أطفال، إلى جانب المشاكل في نوعیة الأغذية ومعاناة ملیون و900 ألف تونسي من صعوبة الحصول على الغذاء بطريقة عادية.
ومن الواجب أيضا التذكير بان رئيس منظمة الفلاحين نسي او تناسى ان جاز التوصيف مافيا الاعلاف التي أطاحت بمنظومة غذاء الحيوان والقطاع الفلاحي على صعيد العديد من فروع نشاطه اذ ما فتئ مربّو الماشية يطالبون باستمرار بمزيد مراقبة عملية توزيع العلف التي تحوم حولها شبهات على غرار منحها بالمحاباة، مع الدعوة إلى ضرورة تقليص توريد العلف المركب ودعم قطاع إنتاج العلف المحلي بأقل كلفة، والذي كان يستعمل في السابق قبل ظهور ما يعرف بتوريد العلف المركب من الخارج بكلفة باهظة تستنزف العملة الاجنبية.
وتستورد الدولة العلف المركب المتكون من قوالب اللفت السكري وقوالب “الفصة” والذرة والشعير و”الصوجا” عن طريق شركات خاصة في سياقات احتكارية بعد تخلي الديوان الوطني لتربية الماشية وتنمية المراعي عن القيام بهذا الدور لأسباب يحيط بها الكثير من اللبس والغموض.
ويؤكد العديد من منتجي الحليب واللحوم استغناء أغلب منتجي الأبقار عن قطعانهم نتيجة ارتفاع كلفة العلف المركب بالإضافة إلى عدم توزيعه بصفة عادلة على الفلاحين وخاصة صغار مربيي الأبقار والمواشي سيما أنّ أغلب الفلاحين كانوا يعتمدون على العلف المنتج في تونس أو على زراعة الأعلاف في أراضيهم، وأن جل مربيي الأبقار والماشية لا يملكون اليوم مراعي.
ويستوجب الوضع بداهة عودة الديوان الوطني لتربية الماشية لتوفير المرعى والعودة إلى سالف نشاطه وتشجيع مربيي الأبقار وكافة الفلاحين كما جرى العمل سابقًا، إلى جانب العمل على توسيع المساحات المخصصة لزراعة الذرة العلفية وبقية الأنواع المحلية للتقليص من استيراد العلف. ولكن أطرافا عديدة ونافذة تعرقل هذا التمشي وتستغل الازمة الحالية في قطاع الأعلاف لتحقيق ثروات طائلة.
ويتحدث الفلاحون عن شبهات فساد في توزيع الأعلاف في ظل الاستياء من طريقة التوزيع التي لا تعتمد، وفق تقديرهم، الطرق القانونية خاصة قاعدة بيانات تلقيح المواشي المتوفرة بخلايا الإرشاد الفلاحي بالجهات التي تعتبر المرجع الأساسي لتوزيع العلف على الفلاحين من مربيي المواشي.