الشارع المغاربي -كريمة السعداوي: اشرف رئيس الحكومة هشام المشيشي يوم الخميس 15 أفريل 2021 بقصر الحكومة بالقصبة على توقيع اتفاق تسوية حول الديون المتخلدة بذمة الجمعيات الرياضية بعنوان أنظمة الضمان الاجتماعي. ووقع على هذا الاتفاق كل من وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي، ووزيرة الشباب والرياضة والادماج المهني بالنيابة سهام العيادي، والرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عماد التركي.
ويأتي هذا الاتفاق، حسب موقّعيه، في إطار “سعي” الدولة للنهوض بالرياضة التونسية و”دعم” الجمعيات لمجابهة الصعوبات الناجمة عن التقلص الكبير لمواردها جراء الأوضاع الأمنية بعد 2011 وانحسار عائدات الاشهار، زادتها تداعيات تفشي وباء كورونا حدة بعد منع حضور الجمهور مختلف المباريات الرياضية مقابل ارتفاع التكاليف وغلاء الأسعار. وقد أدى هذا الوضع، وفقا للإفادة الرسمية، إلى تراكم ديون مختلف الجمعيات الرياضية وبخاصة لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مما انعكس سلبا على الأوضاع الاجتماعية للعاملين بهذه الجمعيات وحال دون تحويل الدعم المقدم إليها بصورة منتظمة.
وزيرة الشباب والرياضة والادماج المهني بالنيابة سهام العيادي، اكدت أن هذا الاتفاق مهم جدا بالنظر للظروف التي تعيشها الأندية التونسية في مختلف الاختصاصات بحكم انتشار فيروس كورونا وعدم حضور الجماهير في التظاهرات الرياضية مما أثر على المداخيل المالية للجمعيات وجعلها تعيش أزمات مالية خانقة.
من جهته، اعتبر وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي أن هذا الاتفاق يندرج ضمن إجراءات مجابهة أزمة كوفيد-19 وجاء لإخراج الجمعيات الرياضية من الضائقة المالية التي تعيشها من جهة، وتدعيم صندوق الضمان الاجتماعي، من جهة أخرى. وأفاد الرئيس المدير العام للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عماد التركي، بان متخلدات الجمعيات الرياضية لدى الصندوق إلى حدود ديسمبر 2020 تبلغ 5.5 مليون دينار سيتم جدولتها على خمس سنوات، وبذلك يتمكن الصندوق من استرجاع أمواله وتتمكن الجمعيات من ضمان ديمومتها.
وجاء هذا القرار ليشكّل صدمة اجتماعية في اطار ترى فيه وزارة الشباب والرياضة والشؤون الاجتماعية ان الجمعيات الرياضية اولوية مطلقة في الوقت الذي تحتضر فيه المؤسسات وقطاعات برمّتها أطاحت بها ظروف ما بعد 2011 وتداعيات الجائحة وهي تعيش كالجمعيات الرياضية على الإشهار وجمهورها وزخم الحركية الاقتصادية وذلك على غرار المؤسسات الاعلامية فضلا عن مؤسسات القطاع السياحي في ظل رفض لأية جدولة لديونها الاجتماعية والجبائية حتى وان كلّف الأمر اندثار هذه القطاعات والتي انضافت إليها منذ مدة المؤسسات الصغرى والمتوسطة وحتى بعض المجامع الاقتصادية الكبرى في سياق دخول الجميع مرحلة الاحتضار المالي.
غير أن قرار الجدولة يطرح عدة إشكالات أهمها مخالفته الصارخة للقانون وتحديدا لمقتضيات الأمر الحكومي عدد 164 لسنة 2020 المؤرخ في 14 أفريل2020 والمتعلق بضبط صيغ وإجراءات وشروط تطبيق أحكام المرسوم عدد 4 لسنة 2020 المؤرخ في 14 أفريل 2020 والخاص بسن إجراءات اجتماعية استثنائية وظرفية لمرافقة المنشئات والهياكل والإحاطة بها على مستوى التداعيات المنجرة عن تطبيق إجراءات الحجر الصحي الشامل توقيا من تفشي فيروس كورونا “كوفيد – 19”.
ويتمثل خرق القانون من حيث الأصل في ان الجمعيات الرياضية تمتعت بامتياز جدولة متخلداتها الاجتماعية صبرة واحدة أي دون التطرق الى دراسة حالاتها بشكل فردي بمعنى ان اعتى الجمعيات قد تمتعت بالامتياز كأصغر جمعية رياضية الى جانب ان جل الجمعيات سيما الناشطة كمحترفة وعددها جد مهم هي في الواقع مؤسسات مزدهرة يمولها رجال اعمال كبار ويتقاضى اللاعبون فيها ومسيروها رواتب ومنح تصل في اغلب الحالات الى عشرات الاف من الدنانير سواء ضربت البلاد جائحة كورونا او انخفضت عائدات الاشهار او غاب الجمهور، بل ان اغلب الجمعيات قد تحولت منذ سنوات الى أسواق مضاربة للاعبين “البارزين” مع تحكم سماسرة في هذه الوضعية بالكامل.
اما الخروقات من الناحية الإجرائية فبالرجوع لأحكام القانون عدد 30 لسنة 1960 المؤرخ في 14 ديسمبر 1960 المتعلق بتنظيم أنظمة الضمان الاجتماعي، فان تسوية الديون تدخل فعليا في باب النزاعات وتتطلب القيام بمطالب مختلفة واجراءات عديدة تثبت وجود محاسبة معيارية ومؤيدات ومستندات تفيد بتعثر نشاط طالب الجدولة بشكل يهدد ديمومة وجوده ومواطن الشغل التي يوفرها علما ان اكبر الجمعيات الرياضية لا تفصح تقريبا وبشكل كامل على قوائمها المالية ويصعب كثيرا ان تدخل تحت طائلة اجراءات اعادة جدولة الديون الاجتماعية التي تحدد بأوامر خاصة وليس بمجرد توقيع بروتوكول وزاري.
يذكر ان تعيين الإعلامية سهام العيادي وهي التي شغلت موقع معدة ومقدمة برامج إذاعية وتلفزية، ككاتبة دولة مكلفة بالرياضة، ضمن وزارة الشباب والرياضة، بداية العام الفارط قبل تثبيتها كوزيرة بالنيابة في اوت 2020 جدلا واسعا لم يتوقف الى اليوم. ويعتبر العارفون بخفايا القطاع، أن تعيين العيادي جاء بمقترح من رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم، وديع الجريء، الذي يملك علاقات جيّدة مع هذه الإعلامية.
ويرى هؤلاء، أن العيادي تمثّل مصالح الجامعة وتصورها، وقد حاول الجريء “غرسها” صلب الوزارة، بغاية التأثير في صنع القرار السياسي في المجال الرياضي، بما يتماهى وأطروحة الجامعة.
ومن المعروف، أنّ خلافات بل صراعات عميقة، نشبت خلال مرحلة حكم “الترويكا”، بين وزير الرياضة، طارق ذياب، ووديع الجريء، الذي كان بعث برسالة إلى رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، يتظلم فيها من طارق ذياب، وبلغ الصراع أوجه، بتدخل من الــ “فيفا” التي أوقفت هذا الصراع، بحكم مكانة طارق ذياب على الصعيد الدولي.
من ناحية أخرى، يرى مراقبون أنّ تعيين كاتبة دولة صلب وزارة الشباب، يعدّ إهدارا للمال العام، وهو أمر غير مقبول في ضوء الأزمة المالية والاقتصادية التي تمر بها موازنة البلاد.
كما تعرف باستمرار كواليس تعيينات وزراء شؤون الشباب و الرياضة منذ مدة طويلة تجاذبات بطلها الأساسي رئيس الجامعة التونسية لكرة القدم وديع الجريء الذي ينزل بكل ثقله المعنوي و صداقاته مع كل من رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي وقيادات من الاتحاد الغام التونسي للشغل. وسعى الجريء في عدة وضعيات الى استعمال علاقاته وبشكل قوي لقطع الطريق أمام عدة اسماء اقترحت على مستوى الحكومتين السابقة والحالية التي لم ترض له، وغيّر رئيس الجامعة باستمرار خططه لينجح اخيرا في تثبيت سهامالعيادي ككاتبة دولة لتكون أكيد العين الساهر على مصالح جامعة كرة القدم داخل هيكل الوزارة.
http://chaexpert.com/documents/D%C3%A9cret%202020_164%20Ar.pdf
http://fxhoss.idcmatrix.com/flzx/lawdb/afria/tn/act/socia.pdf