الشارع المغاربي -كريمة السعداوي: لا تفصل تونس سوى عشرون يوما تقريبا عن بداية حلول اجال تسديد قروض كبرى خارجية وداخلية للبنوك بالعملة الاجنبية وذلك بالتوازي مع خلاص الأجور وفواتير الدعم وغيرها من التعهدات الحارقة التي تدل العديد من المؤشرات بشكل محقق على ان التعثر في الإيفاء بها وارد الى حد بعيد مما يؤذن بإعلان وشيك لاحد الدائنين بعدم خلاصه وطلبه بالتالي بجدولة الاقتراض او تفليس الدولة.
ويبدو انه ولسد ثغرة الأجور والدعم التي تتجاوز ملياري دينار ونصف شهريا لم تجد الحكومة من حل سوى القيام باقتطاع جديد من المؤسسات والمواطنين في صيغة معتادة وهي “المساهمة الوطنية” في الاكتتاب في قرض رقاعي جديد لم تحدد بعد قيمته المالية وموعد انطلاقه.
وكان مجلس الوزراء المنعقد، اول أمس الاثنين قد صادق على مشروع أمر حكومي ينص على إصدار قرض رقاعي وطني يتم الاكتتاب فيه من طرف الأشخاص الطبيعيين والمعنويين حتى تتمكن الدولة من توفير جزء من الحاجات الضرورية لهذه الفترة والتي اتسمت باستمرار الضغوطات المالية الناتجة بالأساس عن تواصل تداعيات جائحة فيروس “كورونا”.
وتم الإعلان في سياق يتسم بتداين فاق 105 بالمائة من الناتج الداخلي الخام وخوف عبر عنه راشد الغنوشي مؤخرا من اللجوء لاصدار النقد على انه من المتوقع ان يمكّن هذا القرض الرّقاعي الوطني من إعطاء فرصة لكافة مكونات المجتمع للمساهمة في “دعم ومساندة” البلاد لتتجاوز هذه المرحلة المالية الصعبة رغم علم الحكومة بأن هذه المكونات التي تعول عليها توشك بدورها على الاندثار بعد انهيار قطاعات اقتصادية كاملة بسبب سوء التصرف في المال العام لسنوات طوال واهداره فضلا عن الإدارة الكارثية للازمة الصحة.
وبرّرت الحكومة، لجوءها الى هذه الالية، بحاجة تونس إلى تعبئة موارد مالية بقيمة 5ر18 مليار دينار لتمويل ميزانية الدولة لسنة 2021، واشارتها الى ان القروض تتوزع بين اقتراض داخلي في حدود 6ر5 مليارات دينار واقتراض خارجي بقيمة 13 مليار دينار.
ويبرز مشروع الامر الحكومي أنّ بداية سنة 2021 اتسمت باستمرار الضغوطات المالية الناتجة بالأساس عن تواصل تداعيات جائحة فيروس كورونا وتأثيراتها على نسبة النمو وعلى التوازنات العامة لميزانية الدولة وعلى حاجات سيولة الخزينة.
يذكر ان السلط الحكومية كانت قد اعلنت في جوان 2020 عن إصدارها قرضا رقاعيا تضامنيا، ضمن مرسوم تعلق بإجراءات لدعم أسس “التضامن الوطني” ومساندة الأشخاص والمؤسسات تبعا لتداعيات انتشار فيروس كورونا “كوفيد 19”.
وتجدر الملاحظة إلى أن تونس أصدرت منذ الاستقلال أربعة قروض رقاعية وطنية، الأول كان سنة 1964 عند بناء الدولة والثاني سنة 1986 لما مرت البلاد بأزمة مالية واقتصادية حادة والثالث سنة 2014 لتعبئة موارد مالية لفائدة ميزانية الدولة والرابع في سنة 2020 للمساهمة في التقليص من تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد.