الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: أصدر اليوم الخميس 17 جوان 2021 المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية تقريرا حول ظاهرة التمييز ضد النساء في ميدان التشغيل واستفحال ممارسات ضرب الاستقلالية المادية للمرأة وذلك في إطار تغييب الحكومة اي مسعى لدعم المكانة الاقتصادية للنساء.
وابرزت المذكرة ان التمييز في هذا السياق والمصطلح معياريا على تسميته بالتمييز “الجندري” يعرف بالتمييز على أساس الجنس كمصطلح تعددت مفاهيمه وأشكاله التي تظهر في العديد من الأوساط منها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي، وأنه مع أنّ هذا النوع من التمييز يمكن ممارسته ضد الرجال والنساء فإنّه يوجّه بشكل كبير ضد النساء والفتيات فقط.
وفي الوقت الذي تُتيح مختلف البلدان مزيدا من الفرص للنساء للمشاركة في الاقتصاد، فرص تتجاوز كثيرا حدود الفتاة أو المرأة لتصل إلى تحقيق منافع على مستوى المجتمع والاقتصاد على اتساعه،فإنّ ما تسعى إليه الحكومة التونسية اليوم، حسب المنتدى، هو حرمان النساء العاطلات من حقهن في التشغيل وتقييد مصادر رزقهن بدعوى أنهن متزوجات وان أزواجهن يعملون مما يعد شكلا من أشكال ضرب التمكين الاقتصادي للمرأة ومحاربة حقها الكوني في التمتع بالكرامة الإنسانية عبر تحقيق استقلالها المادي.
وذكر تقرير المنتدى بوضعية اتخاذ قرار إقصاء النساء المتزوجات من الحق في المشاركة في احدى المناظرات الجهوية من طرف والي قفصة بداية 2019 بحجة زواجهن من رجال يعملون في القطاع الحكومي في انتهاك واضح لحقهن في التشغيل ومزيد ترسيخ تبعية المراة اقتصاديا للرجل.
كما تم التشديد على ما تواجه النساء في تونس من منظومة واسعة من الحواجز القانونية والاجتماعية التي تساهم بشكل واسع في إرساء غياب صارخ للمساواة الاقتصادية. وتتعرض فئة العاطلات عن العمل من حاملات الشهائد الجامعية إلى هذا التمييز بشكل كبير خاصة على مستوى التعاطي الحكومي مع ملف البطالة. ورغم أن النساء يشكلن أكثر من 50 بالمائة من حاملي الشهائد الجامعية ورغم مشاركتهن في جميع الأشكال الاحتجاجية منذ أحداث 14 جانفي من وقفات احتجاجية واعتصامات وإضرابات للجوع إلى جانب خوضهن جميع المعارك التي نادت بالتشغيل وتحقيق الكرامة الإنسانية لهن وتعرضهن إلى أشكال عدة من القمع والعنف المادي والمعنوي أثناء ممارستهن حقهن المشروع في التظاهر فإنّ الفجوات ما فتئت تتوسع بين الجنسين، وفقا لتقييم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في سبيل حصول النساء على وظائف تحفظ كرامتهن الإنسانية.
يذكر ان اخر ارقام المعهد الوطني للإحصاء تكشف مدى تضخم البطالة لدى الإناث في تونس رغم مؤهلاتهن العلمية المرتفعة، حيث تتراوح النسبة بشكل عام بين 22 و 50 بالمائة في حين تبلغ النسبة 40 بالمائة لدى النساء الحاصلات على شهائد عليا.
كما أن تونس لا تزال تحتلّ مراتب متدنية من حيث الفارق بين النساء والرجال وفقًا للتقرير السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي، حيث تشير معطيات التقرير إلى تدني مرتبة تونس إلى دون المتوسط العالمي في التصنيف لتحتلّ المرتبة 119 عالميًا من جملة 149 دولة. كما تبرز بياناته أن الفارق بين النساء والرجال يبقى مرتفعًا بالنسبة للتمدرس وان تونس تراجعت عالميًا إلى المرتبة 108 سنة 2018، وكذلك بالنسبة للمشاركة الاقتصادية وفرص العمل اذ تراجعت مرتبة تونس إلى 135 وهي أدنى مرتبة لها، وذلك في سياق ارتفاع معدّل نسبة البطالة بالنسبة للنساء بما يمثّل ضعف ما هو عليه للرجال.
وتدعو عدة منظمات وهيئات إلى الحدّ من الفارق بين النساء والرجال في تونس عبر المساواة في الميراث حتى تتوفر لهن الضمانات اللازمة لبعث المشاريع الاقتصادية والمشاركة المؤثرة في سوق الشغل، إلى جانب تقدير المساهمة الفعلية للنساء في النشاط الاقتصادي عن طريق تقييم العمل غير المدفوع للنساء كساعات العمل المنزلي غير مدفوعة الأجر، وتحقيق تكافؤ الفرص في تقلّد المناصب العليا مع المطالبة بتفعيل القانون عدد 58 لسنة 2017 المناهض للتمييز ضدّ النساء خاصة على المستوى الاقتصادي، وزيادة معدّل مشاركتهن ي سوق العمل من خلال سياسات عامة للترفيع من نسبة توظيفهن.