الشارع المغاربي: دعا رئيس الجمهورية يوم أمس الخميس 28 اكتوبر 2021 إلى ضرورة القيام بجرد شامل ودقيق للهبات والقروض التي تحصّلت عليها تونس في السنوات الماضية. وقال سعيد: “ونحن اليوم في ظل أوضاع مالية صعبة لا بد من معرفة مآل القروض التي جاءت من الخارج، المليارات التي تم ضخها في تونس، ولكن لا أثر لها في الواقع، وسيتحمل في هذا المجال كل واحد مسؤوليته، أين ذهبت أموال الشعب التونسي”. كما طالب الرئيس، خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء، بقصر قرطاج، وزيرة المالية بالقيام بجرد كامل لكل هذه الأموال ومعرفة أين ذهبت قائلاً إن بعضها ذهب خارج تونس مشدداً على أنها أموال الشعب وعلى انه يجب أن تعود للشعب.
غير ان عديد الجهات المالية المانحة تؤكد انها تقوم بتدقيق دوري للأموال الممنوحة لتونس وذلك على غرار البنك الدولي حيث أكد فريد بلحاج نائب رئيس مجموعة البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يوم 1 سبتمبر 2021 ان البنك الدولي يقوم كل ستة أشهر بالتدقيق في الاموال التي منحها لتونس وانه لا غبار على هذه الاموال. كما ان القروض والهبات لا تعطى عموما في شكل نقد سائل، بل ان صرفها يتم بالنسبة لقروض الاستثمار في صيغة قروض مزودين وفي ما يهم قروض دعم الميزانية فإنها تؤمن لدى البنك المركزي في بند احتياطي العملات وبالتالي فانه لا يمكن الاستيلاء عليها من خزائن او ما شابه ذلك.
ويرجع في الواقع تضخم الدين العمومي التونسي الى سوء التصرف وإنفاق الأموال في محاور لا تهم المواطن ولا تعود على المجتمع بالنفع كشراء الإدارة سيارات وظيفية وتخصيصها اعتمادات قياسية للترقيات والتسميات (1600 مليون دينار في اوت 2021)، من ناحية والى قرار تعويم الدينار سنة 2016 الذي تسبب في انهياره بما أدى الى انفجار الدين العمومي من ناحية أخرى.
وفي هذا الإطار نشر بداية هذا الأسبوع المرصد التونسي للاقتصاد مذكرة تحليلية تحت عنوان “تخفيض قيمة الدينار منذ سنة 2016 يفجر الدين العمومي” ابرزت اساسا ان العجز في الميزانية لم يكن أكبر مساهم في زيادة الدين العمومي منذ سنة 2016 وانه ابتداء من سنة 2018، تجاوزت مساهمة فوائد الدين مساهمة العجز في الميزانية في الزيادة في الدين العمومي وان انخفاض قيمة الدينار منذ عام 2016 هو المساهم الرئيسي في زيادة الدين العمومي.
كما بين المرصد ان الأسباب الرئيسية الثلاثة للزيادة في الدين العمومي ووفقا لوزارة المالية هي العجز في الميزانية والفائدة على الدين وكذلك تأثير سعر الصرف.
وأوضحت مذكرة المرصد انه في عامي 2014 و 2015، ساهم العجز في الميزانية بشكل كبير في زيادة الدين العمومي وانه مر من 2 مليار دينار سنتا 2014 و 2015 الى 3.4 مليارات دينار سنة 2017. ثم انخفضت مساهمة العجز في الميزانية بشكل حاد الى 1.8 مليار دينار في سنة 2018 بعد سياسة التقشف المتبعة من طرف الحكومة. وبالتوازي، زادت مساهمة الفائدة في توسع الدين العمومي بشكل مطرد من 1.5 مليار دينار سنة 2014 إلى 2.8 مليار دينار سنة 2018 وهو ما يناهز الضعف وعلاوة على ذلك، ساهمت فوائد الدين في تراكم الديون أكثر مما فعل العجز في الميزانية.
اخيرا، يتعلق، حسب المرصد، التطور الأهم بتأثير سعر الصرف على الدين العمومي حيث ساهم في الواقع تأثير سعر الصرف في تفاقم الدين العمومي بمقدار يتجاوز المليار دينار في عام 2014. وفي أعقاب قانون استقلال البنك المركزي التونسي وتحرير سعر الصرف في أفريل 2016، تفاقم تأثير سعر الصرف على الدين العمومي بشكل لافت. اذ انه اعتبارا من سنة 2016، شكل تخفيض قيمة الدينار السبب الرئيسي لزيادة الدين العام الذي كان تأثيره في حدود 3.9 مليارات دينار تلك السنة لكي تنفجر مساهمة سعر الصرف على الدين العمومي لتصل الى 9.5 مليارات دينار في عام 2018 وحده، اي أكثر بخمس مرات من عجز الميزانية.
وضاعف وفقا للمذكرة التحليلية للمرصد التونسي للاقتصاد تراجع قيمة الدينار من قيمة الدين العمومي الخارجي الذي مر من 29.9 مليار دينار في سنة 2015 الى 60.2 مليار دينار في سنة 2018. كما اعتبرت انه ينبغي أن تتضاعف جهود السلطات لتثبيت قيمة الدينار بقدر تركيزها على العجز في الميزانية الذي لا تتجاوز مساهمته في زيادة الدين العمومي مساهمة خدمة الدين بمفردها.
https://economie-tunisie.org/sites/default/files/20190612-datanalysis-22-ar-bap.pdf?fbclid=IwAR3L3GL7s0aToAYFnrOPfP0CmedeC2JSDMvTTjk8K_xRafRnuTKhVChyB7E