الشارع المغاربي: اكد عبد الوهاب الهاني الناشط السياسي والخبير الاممي اليوم الخميس 3 فيفري 2022 ان طائرة عسكرية روسية عبرت الاجواء التونسية في اتجاه مالي مستغربا من صمت السلطات عن ذلك ومتسائلا عن موقف تونس من “انقلاب باماكو” معربا عن مخاوفه من اختطاف صلاحيات الامن القومي من رئيس الجمهورية وتخليه عنها لفائدة من اسماها بالغرف الخلفية الخفية المظلمة.
وكتب الهاني في تدوينة نشرها على صفحته بموقع فايسبوك تحت عنوان”خطير جدَّا.. طائرة عسكريَّة روسيَّة تعبر الأجواء التُّونسيَّة باتِّجاه مالي، وتساؤلات حول موقف تونس من انقلاب باماكو، ومخاوف من اختطاف صلاحيَّات الأمن القومي والدِّفاع الوطني من رئيس الجمهوريَّة بعد عزلته الدِّيبلوماسيَّة”:”نشر الجيش الرُّوسي خطَّ سَيْر الطَّائرة العسكريَّة “توبوليف ت.ي.ـ154م” (Tupolev Tu-154M) الحاملة لرقم التَّسجيل الدُّولي “RA-85041” التَّابعة لسلاح الجو الرُّوسي في رحلتها من القاعدة العسكريَّة “شكالوفسكي” (Чкаловский (Chkalovsky)) في ضواحي موسكو (روسيا) باتِّجاه اللَّاذقيَّة (سوريا) ومنها إلى الخرطوم (السُّودان) عبر المجال الجوِّي المصري (مصر) ثمَّ من الخرطوم باتِّجاه بنغازي (ليبيا ) ومناب باتِّجاه باماكو (مالي) عبر المجال الجوِّي التَّونسي (تونس) والجزائري (الجزائر).. وبالتَّثبُّت في رصد حركة طائرة توبوليف العسكريَّة على مواقع رصد حركة الطَّيران، تبيَّن أنّ الطَّائرة المذكورة غادرت فعلا مطار بنغازي يوم 29 جانفي على السَّاعة 01:24 بالتَّوقيت الدُّولي (00:24 بتوقيت تونس)، مرَّت فعلا عبر الأجواء التُّونسيَّة في مستوى خليج قابس (تحت رقابة أبراج المراقبة والطَّيران المدني والعسكري بمطارات جربة وقابس ورمادة).. وغادرت باماكو مساء نفس اليوم على السَّاعة 18:07 بالتُّوقيت الدُّولي (17:07 بتوقيت تونس) وبنفس خط السَّير عبر الأجواء الجزائريَّة والتُّونسيَّة باتِّجاه غير معلوم.. ولكنَّ بالتَّثبُّت في خط السَّير لاحقا تبيَّن أنَّها اتَّجهت صوب مطار طُبرق (ليبيا، قرب الحدود اللِّيبيَّة المصريَّة)، وثَّم من طُبرق باتِّجاه اللَّاذقيَّة (سوريا) ثُمَّ من القاعدة العسكريَّة بشكالوفسكي (ضواحي موسكو، روسيا)..”
واضاف “الغريب أنَّ خط السَّير العادي من قاعدة شكالوفسكي أو من اللَّاذقيَّة أو من الخرطوم أو من بنغازي باتِّجاد باماكو لا يمرُّ أبدا عبر الأجواء التُّونسيَّة إطلاقا.. ولا حتَّى باموكو طُبرق في العودة.. بل إنَّ المرور عبر الأجواء التُّونسيَّة يُطيل من مُدَّة الرَّحلة وليست له أسباب لوجيستيَّة منطقيَّة مفهومة إلَّا غاية في نفس بوتين قضاها.. …وإذا كان السُّؤال لا يطرح بالنِّسبة لمصر للعلاقات الحميميَة بين البلدين والجيشين ولأن الطَّائرة اتَّجهت للخرطوم، ولا يطرح بالنِّسبة لسودان الانقلاب المدعوم روسيًّا، ولا لبنغازي ولا لطُبرق تحت سيطرة المُشير خليفة حفتر المدعوم روسيًّا عسكريًّا وعن طريق مرتزقة شركة فاغنار العسكريَّة الخاصَّة، ولا حتَّى الجزائر الَّتي ترتبط بشراكة استراتيجيَّة مع روسيا ومع الجيش الرُّوسي ولها دور محوري في الأزمة الماليَّة،.. فإنَّ الأمر مثار استغراب شديد بالنِّسبة لتونس، نظرا لموقف الحياد الإيجابي لبلادنا منذ الاستقلال المجيد بين الغرب والشَّرق السُّوفياتي ووريثه الرُّوسي، ونظرا لمواقف بلادنا الثَّابتة في رفض الانقلابات وفي الانضباط لقرارات اتِّحادنا الإفريقي ولقرارات الشَّرعيَّة الدُّوليَّة.. ويأتي هذا الخرق بعد الفوضى الدِّيبلوماسيَّة الَّتي عرفتها آخر أيَّام عضويَّة تونس في مجلس الأمن والتَّخبُّط وعبث التَّخندق والاصطفاف الرَّسمي التُّونسي مع موقف روسيا، عبر رفض المشاركة في التَّصويت على تمديد بعثة الأمم المُتَّحدة للاستفتاء حول الصَّحراء في أكتوبر الماضي، في خرق خطير لثوابت الدِّيبلوماسيَّة التُّونسيَّة وفي انتهاك صارخ للإجماع العربي والإفريقي والأممي.. كما يأتي في وقت تتصاعد فيه أصوات “السُّوفياتات” الرُّوسيَّة في تونس لخرق العقيدة الدِّيبلوماسيَّة والعسكريَّة التُّونسيَّة والاصطفاف مع الرُّوس وحلفائهم في المنطقة..ولم تنشر لا وزارة الدِّفاع ولا وزارة الخارجيَّة في حكومة التَّدابير الاستثنائيَّة، ولا رئاسة الجمهوريَّة القيادة العليا للقوَّات المسلَّحة التُّونسيَّة إلى الآن، أيَّة معلومات عن ملابسات السَّماح لطائرة توبوليف سلاج الجو الرُّوسي باستعمال المجال الجوِّي التُّونسي باتِّجاه بُؤرة توتُّر شهدت انقلابا أدانه اتِّحادنا الإفريقي ومنظَّمة الأمم المُتَّحدة.. ناهيك عن تواجد تونسيِّين من بين عناصر الجماعات الانفصاليَّة والإرهابيَّة وبالأخص “جماعة أنصار الدِّين”، ممَّا وثَّقه المبعوث الأممي الخاص الأسبق لمالي ووزير الخارجيَّة الأسبق الصَّديق سي منجي حامدي..
وتابع “الأسئلة الحارقة الَّتي على وزير الدِّفاع ووزير الخارجيَّة في حكومة التَّدابير الاستثنائيَّة الإجابة عنها حالًّا وبوضوح، لطمأنة الرَّاي العام عن ثبات تونس في مواقفها وفي عقيدتها الدِِّيبلوماسيَّة والعسكريَّة: هل كانت طائرة توبوليف العسكريَّة الرُّوسيَّة تحمل مرتزقة شركة “فاغنار” العسكريَّة الخاصَّة أم ضبَّاطا عسكريِّين روس لتقديم الدَّعم العسكري للانقلاب العسكري في باماكو؟؟؟هل توقَّفت طائرة توبوليف العسكريَّة الرُّوسيَّة في مطار جربة أو قابس العسكري أو رمادة؟؟؟ وما هو مُبرِّر خط سيرها عبر أجوائنا التُّونسيَّة؟؟؟ ومن سمح لها بعبور أجوائنا التُّونسيَّة وخرق الموقف الثَّابت لتونس في إدانة الانقلابات وتغيير أنظمة الحكم بالقُوَّة وبلانقلابات العسكريَّة؟؟؟ ومن سمح بخرق موقف تونس الثَّابت الملتزم بقرار اتِّحادنا الإرفيقي والأمم المُتَّحدة بإدانة الانقلاب العسكري في مالي ومن يقف وراءه؟؟؟ وما هي الكُلفة الدِّبلوماسيَّة والاستراتيجيَّة لهذا الموقف الغريب؟؟؟
وشدد الهاني على ان “واجب الحفاظ على المصالح العليا لتونس والحفاظ على عقيدتها الدِّيبلوماسيَّة يقتضي الابتعاد عن العبث وعدم الانسياق وراء “السُّوفياتات” الرَّوسيَّة في تونس.. خاصَّة مع مخاطر تسلُّل المنظر لينين والوالي ستالين وغيرهم من “المنظِّرين السُّوفياتيِّين” والفوضويِّين والبوخونين، واختراقهم لأجهزة الدَّولة عبر نافذة ضعف إلمام رئيس الجمهوريَّة بمتطلِّبات تسيير الدَّولة وعزوفه عن ممارسة صلاحيَّته السِّياديَّة في السِّياسة الخارجيَّة، والآن في الأمن القومي وفي الدِّفاع الوطني.. بعد أن “انعزلته” الغرف الخفيَّة الخلفيَّة المظلمة، ورمت به في أتُّون الانغماس اليومي في إدارة صغار وصغائر الأمور التَّرتيبيَّة للتَّدبير والتَّسيير اليومي لعمل الإدارة بما يُشوِّش ذهنه ويُكدِّر نفسيَّته، ليترك تدريجًّا وظائفه السِّياديَّة الَّتي انتخبه من أجلها الشَّعب لفائدة الغرف الخفيَّة الخلفيَّة المظلمة، لتتفرَّد وفي جُنح الظَّلام بالعبث بالسِّياسة الخارجيَّة للدَّولة وبأمننا القومي وبدفعانا الوطني وبسيادتنا، في غفلة من الوطن..”
وختم الهاني تدوينته بالقول: “واجب الشَّفافيَّة يقتضي ندوة صحفيَّة لوزيري الدِّفاع والخارجيَّة في حكومة التَّدابير الاستثنائيَّة.. وواجب الحفاظ على المصالح العليا لتونس والحفاظ على عقيدتها الدِّيبلوماسيَّة يقتضي الابتعاد عن العبث..”