الشارع المغاربي -نقل منى المساكني: أكّد الناشط في المجتمع المدني والمحامي احمد صواب اليوم الاحد 22 ماي 2022 في قراءته للمرسوم الرئاسي المتعلق باحداث الهيئة الوطنية الاستشارية من اجل جمهورية جديدة ان المرسوم خالف الامر 117 الذي يسميه صواب بدستور قيس سعيد الصغير مستغربا من عدم احالة المرسوم للتداول في مجلس الوزراء معتبرا ان مضمون الدستور الجديد سيكون موجها وغير نزيها داعيا العمداء الـ5 لكليات الحقوق والعلوم القانونية والسياسية بتونس إلى النأي بأنفسهم عن المشاركة في هذه العملية السياسية مذكرا اياهم بموقفهم عند اصدار قيس سعيد قرارا يقضي بحلّ المجلس الاعلى للقضاء .
ووصف صواب نص المرسوم الرئاسي بالمرتبك موضحا في تصريح لموقع “الشارع المغاربي” اليوم: ” النص مرتبك وهذا طبيعي في وضعية الانقلاب ويبرز هذا الارتباك في ان المرسوم جاء بعد الاطلاع على الدستور” متسائلا ” عن اي دستور يتحدث قيس سعيد وهو الذي كان قد الغاه وفجّره بالواقع والقانون وعوضه بدستوره الصغير وهنا اشير الى الاصدار الاخير للعميد ناجي البكوش والذي يتحدث فيه عن أنّه تم الابتعاد عن الدستور بوضع قيس سعيد الدستور الصغير او التنظيم المؤقت للسلط “.
وتابع” والارتباك يظهر ايضا في مرجعية المرسوم وهو الامر 117 الذي يقول نصه ان هناك لجنة تتولى اعانة الرئيس وتُنظم بأمر في حين ان الرئيس هو من يتولى اعداد مشروع الاصلاحات السياسية في وقت ان المرسوم يخالف بالكامل ما ورد بالامر الذي ينص على احداث لجنة واحدة فأصبحت في المرسوم الرئاسي هيئة وطنية تتضمن 3 لجان علاوة على ان اعداد المشروع كان في الامر 117 راجعا للرئيس فاصبح في المرسوم الجديد راجعا استشاريا للهيئة الوطنية. اما تنظيم اللجنة الذي كان سيحدث بامر فقد اصبح محدثا بمرسوم “.
في سياق متصل قال صواب” نقطة اخرى اثارت استغرابي تتمثل في ان كل المراسيم القديمة كانت تنص على وجوب تداول كل الاوامر والمراسيم في مجلس الوزراء حسب الفصل 4 من الامر 117 وهذا شرط جوهري غاب في الاطلاعات المضمنة في المرسوم الرئاسي الاخير وهذا يحيلنا الى الاستنتاج بان الشكل يبشر بالمضمون “.
وعن مضمون المرسوم ، أكّد صواب أن “قراءة دقيقة للنص وعند التوقف عند الفصل 2 الذي ينص على ان الهيئة الوطنية تتولى اعداد مشروع دستور جمهورية جديدة وعند التمعن فيه مرارا وتكرارا يبرز ان هذا الاعداد سيرتكز على 3 محددات او اساسيات وجب احترامها عند صياغة الدستور الجديد وهي اولا تطلعات شعب 17 ديسمبر وهذا يعني طبعا ابعادا لتطلعات شعب 14 جانفي والمحدد الثاني هو الدستور الصغير أو الأمر 117 والمحدد الثالث هو الاستشارة الوطنية او الالكترونية والذي ذكر في 3 مرات بالمرسوم ويمكن تصنيفه بالنص القصير باعتباره يتضمن 22 فصلا والاستشارة ذكرت في الفصول 2 و8 و20”.
وتابع” اما عن وجوبية مراعاة الحقوق والحريات والفصل بين السلطات والتوازن بينها ودولة القانون والمؤسسات التي يقول بعض فقهاء الرئيس انها ضمانات موجودة فذلك لا يعدو ان يكون سوى مساحيق وخزعبلات وربما وعود سيحترمها قيس سعيد تماما مثلما احترم يمينه باحترام الدستور”.
وشدد صواب على ان دستور قيس سعيد المنتظر “سيكون بمثابة اقتباس لدستور نابليون الثالث بعد انقلابه على الجمهورية الفرنسية الثانية في 1851 “.
وانتقد صواب غياب اية تشاركية وشفافية في صياغة الدستور الجديد قائلا في هذا الصدد” من الدلالات على انه تم وضع مبدأ التشاركية والشفافية في الاقامة الجبرية وذلك عبر فرض واجب التحفظ وحفض سر المداولات على كامل اعضاء اللجان الثلاث”.
وخلص المتحدث الى ان الدستور الجديد سيكون موجها وغير نزيه مذكرا بأن المرسوم نص على ان انتهاء اعمال اللجنة القانونية لاعداد مشروع الدستور يكون قبل 13 جوان وعلى ان انتهاء اعمال الهيئة الوطنية يكون قبل 21 جوان معتبرا ان ذلك سيكون بمثابة رقم قياسي عالمي في صياغة الدساتير .
من جهة اخرى ذكر صواب بموقف العمداء الخمس لكليات الحقوق من قرار حل المجلس الاعلى للقضاء واعتراضهم عليه مشددا على ان النزاهة العلمية تفرض على العمداء عدم الانخراط في لجنة الحوار وفي اللجنة القانونية مضيفا بالقول” بعد بيان صادر عنهم وموجه للراي العام والذي تضمن رفضهم حل المجلس الاعلى للقضاء وتنديدهم بالتفرد بالراي من قبل قيس سعيد ستحوم حولهم بانخراطهم في هذه العملية شبهات فساد مادي واخلاقي واضافة الى ذلك يفرض عليهم وضعهم القانوني التفرغ بالكامل لوظائفهم كعمداء خاصة اننا في فرة امتحانات وخلاف ذلك اي بالانخراط في اللجنة القانونية سيكونون في وضعية الوظائف الوهمية “.
واعتبر ان وضعية عميد المحامين الذي عين وفق المرسوم كرئيس للجنة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية غير بعيدة عن وضعيتهم لافتا الى ان العميد منتفرغ ويتحصل على راتب من العمادة .
وابرز صواب ان فرضية التتبع الجزائي بالنسبة لعمداء الكليات وعميد المحامين من اجل المشاركة في الانقلاب تبقى قائمة في حال سقوط منظومة قيس سعيد.
واضاف ساخرا ” اما الاستئصاليين والانصار والمتهافتين من اساتذة القانون والسياسيين كما صنفهم الاستاذ حمدي الرديسي في مقاله بأسبوعية “الشارع المغاربي” (العدد الفارط) ممن لم يتم تعيينهم في اللجان الثلاث فيفترض على قيس سعيد التعويض لهم بمنصب في تونس او بالخارج او على الاقل منحهم أوسمة”.
وتابع” نصيحة لمن يريد ان يهاجر هذا الجنون بقراءة مسرحية الحبيب بولعراس “مراد الثالث” او مسرحية البير كاميو ” كاليغولا “والتشبيه بداية ونهاية مقصود “.
يذكر ان الرئيس قيس سعيد كان قد اصدر يوم الجمعة المنقضي مرسوما يقضي بإحداث “الهيئة الوطنية الاستشارية من أجل جمهورية جديدة” ورئيسها العميد الصادق بلعيد وكلفت لـ”إعداد مشروع دستور جديد”.
ويتطرق المرسوم في بابه الخامس والأخير، إلى لجنة الحوار الوطني، وتتولى “التأليف بين الاقتراحات التي تتقدم بها كل لجنة بهدف تأسيس جمهورية جديدة تجسيما للتطلعات الشعبية المشروعة” على أن تقدم اللجنة إلى رئيس الدولة التقرير النهائي في أجل أقصاه يوم 20 الشهر القادم.
اما لجنة الحوار فـ”تتكون من أعضاء لجنتين استشاريتين”، إحداهما: “اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية” ورئيسها عميد المحامين ابراهيم بودربالة واللجنة الأخرى هي “اللجنة الاستشارية القانونية” وتتكون من “عمداء كليات الحقوق والعلوم القانونية والسياسية بتونس، ويتولى رئاسة اللجنة أكبر الأعضاء سنا”.
وأناط المرسوم بهذه اللجنة مهمة “إعداد مشروع دستور جديد” قال إنه “يضمن مبادئ العدل والحرية في ظل نظام ديمقراطي حقيقي”.