الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: وفقا للقرار الصادر عن وزارة المالية يوم 21 ماي الجاري بالرائد الرسمي تحت عدد 57 لسنة 2022، تم الإعلان عن فتح باب الاكتتاب في القسط الثاني من القرض الرقاعي الوطني بعنوان العام الحالي من 1 الى 13 جوان 2220 لتعبئة مبلغ 350 مليون دينار قابل للترفيع ويمكن غلق الاكتتاب قبل هذا التاريخ أو التمديد فيه.
و حسب احكام القرار الوزاري يمكن الاكتتاب في الصنف “أ” المخصص حصريا للأشخاص الطبيعيين، بقيمة اسمية بـ 10 دنانير للسند الواحد ومدة سداد بخمس سنوات منها 3 سنوات إمهال في حين تسدد الفوائد سنويا بنسبة فائدة ثابتة أو متغيرة حيث تساوي نسبة الفائدة الثابتة 9.25 بالمائة سنويا بينما تناهز نسبة الفائدة المتغيرة نسبة الفائدة بالسوق النقدية مع إضافة 2.15 بالمائة خام سنويا.
وتوجد امكانية للاكتتاب ضمن صنف “ب” اي بقيمة اسمية بـ 100 دينار عن كل سند ومدة سداد بسبع سنوات منها سنتا إمهال وتسدد الفوائد سنويا بنسبة فائدة اسمية ثابتة أو متغيرة اذ تساوي نسبة الفائدة الثابتة 9.35 بالمائة سنويا وتبلغ نسبة الفائدة المتغيرة نسبة السوق النقدية مع إضافة 2.20 بالمائة خام سنويا.
ويتيح هذا الصنف للمكتتب خيار الاكتتاب وفق نسبة فائدة ثابتة في حدود 9.60 سنويا تحتسب على القيمة الاسمية المتبقية من كل سند في بداية كل فترة يتم بعنوانها دفع الفوائد وبنسبة فائدة متغيرة تعادل نسبة السوق النقدية مع إضافة 2.40 بالمائة خام سنويا.
وتمت قبل إطلاق الاكتتاب في هذا القسط الثاني من القرض الرقاعي بعنوان العام الحالي تعبئة 555 مليون دينار لدى ختم الاكتتاب في القسط الأول منه في 16 مارس 2022، علما ان السلط المالية كانت تهدف الى تعبئة 350 مليون دينار فقط. وبلغت حصة الوسطاء بالبورصة 77 بالمائة من إجمالي الاكتتاب في حين استحوذت البنوك على حصة نسبتها 23 بالمائة.
وشهد الاكتتاب، وفق جمعية الوسطاء في البورصة، مشاركة مكثفة من قبل البنوك وشركات التأمين والصناديق الاستثمارية رغم دعوة الأشخاص الطبيعيين إلى الإقبال على المشاركة فيه غير انها بقيت جد محدودة. ويأتي الاكتتاب في القسط الثاني من القرض الرقاعي في سياق سعي الحكومة لتعبئة موارد مالية جد مهمة لسد ثغرة ميزانية العام الحالي والمقدرة مبدئيا بنحو 9 مليار دينار.
ومن المنتظر هذا العام إطلاق الاكتتاب في ثلاث قروض رقاعية وذلك على التوالي في جوان وسبتمبر وديسمبر بحكم أنّ الدولة التونسية تنتظر تعبئة مبلغ 1400 مليون دينار السنة الحالية علما انها لم تلجا للاقتراض الرقاعي خلال السنوات الأخيرة الا في أربع مناسبات وذلك تحديدا ابتداء من سنة 2014. وبالتالي تلجا الدولة هذه المرة الى سادس عملية اصدار قرض رقاعي في انتظار تجسيم عمليتين قادمتين مع موفي العام الجاري.
وتراوحت نسب الفائدة عموما بين 6 و9.4 بالمائة لترفع من كلفة الدين العمومي الى نحو 14.3 بالمائة وفق اخر البيانات المحينة لوزارة المالية.
ويثير لجوء الدولة المفرط إلى القروض الرقاعية عبر الاكتتاب الوطني عدة تساؤلات بخصوص جدوى هذه الالية التمويلية سيما ان استخدامها يجري بنسق متصاعد وبكلفة عالية تتجاوز أعباء اقراض حرفاء البنوك من أصناف المؤسسات والافراد والمهنيين علاوة على أنّ هذه الأموال تستخدم فقط لتمويل النفقات العامة دون رصد لاعتمادات تمكن من خلق الاستثمار بما يضمن تنمية هذه الأموال وعدم إهدارها.
وعموما تحتاج تونس، وفق تقرير ميزانية الدولة لسنة 2022، وفي إطار خطة للاقتراض الداخلي الى اصدار قرض رقاعي وطني لتعبئة 1400 مليون دينار ورقاع خزينة 52 أسبوع لتوفير مبلغ 800 مليون دينار.
وتعوّل الحكومة في إطار عمليات الاقتراض الداخلي، كذلك، على رقاع الخزينة القابلة للتنظير لتعبئة 3650 مليون دينار وإصدار القرض البنكي بالعملة لتعبئة 1481 مليون دينار.
يذكر كذلك ان سعي الحكومة الحالية بشكل مكثف للتداين الداخلي – وهو ما يرفضه بوضوح البنك المركزي التونسي – أصبح يشكل منذ مدة معضلة تبرز سوء التصرف في تعبئة موارد الدولة القائمة حصرا على المديونية وتشديد الضغط الجبائي الذي سيرتفع من 24.4 بالمائة سنة 2021 إلى 25.4 بالمائة خلال سنة 2022، وذلك بالأساس عبر اللجوء الى مزيد الاقتطاعات من المداخيل الضعيفة للفئات الاجتماعية الوسطى والفقيرة مقابل تقديم امتيازات جبائية لأصناف أخرى ميسورة الحال من “دافعي الضرائب” والتفريط في موارد هامة متأتية من الخطايا الديوانية أو الجبائية اذ نصّ قانون المالية على التخلّي عن خطايا التأخير وخطايا الاستخلاص ومصاريف التتبع المتعلقة بالديون الجبائية وإعادة جدولة هذه الديون لفترة تصل الى خمس سنوات وهو ما يعد فعليا تشجيعا على التهرب الضريبي.