الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: يسجل منذ مدة رصيد العملة الأجنبية، المقدر بـ 98 يوم توريد تراجعا متواصلا أصبح ملموسا بشكل يومي تقريبا وذلك في ظل تراجع غير مسبوق لموارد القطاع الخارجي، من جهة وارتفاع الواردات من المواد الاساسية المتكونة بالخصوص من المحروقات والمنتجات الغذائية، من جهة أخرى. وأصبحت المخاوف اليوم جدية على مستوى إمكانية انهيار احتياطي البلاد من النقد الأجنبي وعدم قدرة السلطات على تلبية الحاجات الاستهلاكية المتزايدة.
وكشف في هذا الإطار التقرير الشهري حول الظرف الطّاقي الذّي نشرته يوم امس الثلاثاء 15 نوفمبر الجاري وزارة الصناعة والطّاقة والمناجم عن تعمق عجز الميزان التجاري الطّاقي بنسبة 84 بالمائة لترتفع قيمته من 3832 مليون دينار نهاية سبتمبر 2021 إلى 7046 مليون دينار اواخر سبتمبر 2022 مع أخذ الإتاوة الموظّفة على أنبوب الغاز الجزائري الموجّه إلى إيطاليا بعين الاعتبار.
وارتفعت قيمة الصادرات من منتوجات الطاقة بنسبة 66 بالمائة لتبلغ قيمة 3884 مليون دينار في سبتمبر الفارط غير ان الواردات ارتفعت بنسبة 77 بالمائة لتصل إلى 10929 مليون دينار.
وتطورت قيمة الواردات من المنتوجات البترولية خلال الأشهر التسع الأولى من العام الحالي، على مستوى القيمة، بنسبة 83 بالمائة لتصل إلى 6598 مليون دينار. وازدادت كذلك واردات النفط الخام والغاز، على التوالي بنسبتي 34 و108 بالمائة.
وعلى هذا الأساس، ارتفع عجز ميزان الطّاقة الأوليّة بنسبة 9 بالمائة في نهاية سبتمبر 2022 مقارنة بالفترة ذاتها في سنة 2021. ويعزى هذا الارتفاع إلى زيادة الطلب على الطاقة الأوليّة إلى جانب انخفاض إنتاج المحروقات.
وتراجعت نسبة الاستقلالية الطاقية، التي تمثل نسبة الموارد المتاحة من الطاقة الأوليّة من 53 بالمائة إلى 49 بالمائة بين سبتمبر 2021 وسبتمبر 2022.
وبلغت موارد الطاقة الأولية 3.6 ملايين طن مكافىء نفط في نهاية اوت 2022، مسجلة انخفاضا بنسبة 7 بالمائة مقارنة بالعام السابق ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى انخفاض الإنتاج الوطني من النفط والغاز.
ولا يزال إنتاج النفط والغاز الوطني يهيمن على موارد الطاقة الأوليّة وكلاهما يمثّل 75 بالمائة من جميع موارد الطاقة الأولية. وتبقى حصّة الطاقة الكهربائية من الطاقات المتجدّدة منخفضة اذ لا تمثّل سوى 1 بالمائة من الموارد الأوليّة. وفي ما يتعلق بالطلب على الطاقة الأولية فقد ارتفع بنسبة طفيفة لا تتجاوز 1 بالمائة ليناهز 7.29 ملايين طن مكافئ نفط في نهاية سبتمبر 2022. وتراجع الطلب على الغاز الطبيعي بنسبة 0.3 بالمائة بسبب تقلص الواردات من الجزائر وفق شروط التعاقد وتوجه الشركة التونسية للكهرباء والغاز نحو السوق الدولية لتغطية حاجاتها في حين ارتفع الطلب على المنتجات البترولية بنسبة 2 بالمائة.
وتشهد البلاد منذ عدة أشهر أزمات متواترة على مستوى شح الوقود والمحروقات تتواصل احيانا لأيام وذلك بسبب عجز الهياكل العمومية وأبرزها الشركة التونسية لصناعات التكرير – ستير – عن خلاص المزودين العالميين في ظل غياب دعمها من قبل الحكومة وانهيار توازناتها المالية.
وكثرت مؤخرا وفي عدة مناسبات مشاهد تكدس الطوابير امام محطات بيع الوقود في البلاد وسط تطمينات حكومية بتوفر المحروقات رغم اقرار السلطات بوجود نقص في التزود بها لكنها لا تقر بوجود أزمة ذلك أن وزيرة التجارة فضيلة الرابحي كانت قد صرحت مؤخرا بان المحروقات متوفرة بالكميات الكافية داعية الى تجنب اللهفة مع التأكيد على ان سبب ندرتها في بعض الحالات يرجع الى الاضطراب الُمسجل على مستوى الامدادات في السوق العالمية.
يذكر ان تونس فشلت في تحقيق أهدافها في مجال تطوير الطاقات المتجددة وتقليص التعويل على استيراد المحروقات رغم إقرارها للمخطط الشمسي الذي يرمي الى تطوير حصّة هذه الطاقات كمصدر لإنتاج الكهرباء إلى 30 بالمائة بحلول سنة 2030 حيث لا تتجاوز قدرة الطاقات المركزة، سوى نسبة 3 بالمائة اي اقل من 400 ميغاواط رغم التطلعات الى استغلال الإمكانات وتطوير الخبرات. وجعل هذا الوضع البلاد تعتمد على الوقود الأحفوري وتعاني وطأة تبعيتها الطاقية للخارج.