الشارع المغاربي: حذر نور الدين الطبوبي الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل اليوم الاثنين 1 ماي 2023 من استعداء العمل النقابي والتضييق على الحريات مبرزا ان ذلك لن يقود البلاد الا الى التشتت والانقسام وبالتالي الى استفحال الازمات علاوة على خطر الرجوع الى مربع الاستبداد والحكم الفردي والقضاء تدريجيا على المكاسب الديمقراطية التي تحققت بعد الثورة مشددا على ان الحوار اضحى مسألة حياتية لبلادنا وعلى انه لا خيار امام التونسيين الا الحوار.
واكد ان سياسة التضييق على الحريات النقابية والزج بمناضلين نقاببين في السجون وشن ما وصفها بالحملات المسعورة ونشر الاكاذيب على النقابيين لن ترهب الاتحاد ولن تجعله يتراجع عن الدفاع عن استقلالية المنظمة او عن عن حقوق الشغالين او الرضوخ لخيارات وصفها بالـ”لاشعبية” متهما بعض الوزاء بمعاداة العمل النقابي عبر حياكة ملفات ضد النقابيين.
وجدد الطبوبي في كلمة بمناسبة عيد العمال العالمي التاكيد على ان صوت المنظمة سيبقى مرتفعا وعلى انه لا احد قادر على خفضه مشددا على ان الاتحاد سيظل مناضلا في كل القضايا العادلة بكل قواه وعلى انه سيبقى منظمة مستقلة.
وقال الطبوبي بالمناسبة ” ان الاتحاد ما انفك يؤكد منذ تأسيسه على ان اولوية الاعتماد على النفس وعلى كفاءاتنا وعدم الرضوخ لاملاءات خارجية والعمل الجدي على الرفع من قدرات اقتصادنا الوطني ودعم المؤسسة والانتاجية وخلق الثروة عبر مشاريع كبرى هي الخيار الامثل الذي ينبغي التوحد حوله كما ان الاتحاد يؤمن بتقاسم التضحيات في كنف العدل والشفافية ووضوج الاهداف ضمن رؤية ومشروع وطني تشاركي هو اساس النجاج خاصة في زمن المصاعب والازمات الكبرى ولكن توحيد مختلف الشرائح الاجتماعية والقوى الوطنية حول مشروع وطني يقوم على تثمين مواردنا الذاتية والاعتماد على قدراتنا الوطنية واقناع الجميع باهمية العمل والبذل وتقديم التضحيات ليس ممكنا اذا لم تشارك هذه الشرائح والقوى الوطنية مشاركة فعلية عبر صيغ واضحة وشفافة ويبقى مرتبطا وجوبا بتماسك الجبهة الداخلية ووحدة مختلف مكونات الشعب ووقوفها صفا واحدا وهذا ما يجرني الى تناول الدرس الاخر الذي ينبغي اخذ العبرة منه في علاقة بصندوق النقد الدولي وهو ان سيادة واستقلالية القرار الوطني يظلان مرتبطين بمدى التفاف الشعب وبقدر التفاف الشعب حول ملف او قضية بقدر ما تتعزز القدرة التفاوضية للد ولة ونقترب اكثر من تحقيق غاياتنا ..فكيف تم التفاوض بين حكومتنا وصندوق النقد الدولي ؟وكيف تم اعداد محتوى البرنامج ؟ لقد تم التفاوض في تعتيم تام وقدمت التعهدات الحكومية دون تشاور او تشريك ومازلنا الى اليوم نجهل ما تفاوضت عليه الحكومة مع النقد الدولي ومازال الكتمان والتعتيم يلفان الوثيقة الاولية الموقعة بين الطرفين … .لقد تخلت الحكومة بهذا التمشي عن السند الشعبي في هذا الملف واسقطت بذلك ورقة هامة لتعديل ميزان التفاوض ..ووضعت نفسها في موقف الضعيف”.
واضاف “لقد ركزت على ملف العلاقة مع صندوق الدولي والتمشي الذي اعتمدته الحكومة في مفاوضاتها معه اعتبارا اولا للانعكاسات الخطيرة للتعهدات المقدمة على اوضاع العمال والطبقات الشعبية وعلى مستقبل الاجيال القادمة والتي نبه اليها رئيس الجمهورية نفسه في كلمته بالمنستير ولطالما طالب الاتحاد الحكومة بالشفافية والوضوح في هذا الملف واطلاع الراي العام عن مساره منذ بداية جلسات التفاوض سواء في تونس او في واشنطن وأصل هنا الى الدرس الثالث الذي ابرزته هذه القضية ذلك ان ادارة ملف التفاوض تختزل لوحدها مظاهر الازمة العميقة التي تعيشها بلادنا والاخطاء الجسيمة التي ارتكبتها السلطة القائمة في معالجة مختلف مظاهرها وفشلها في ايجاد الحلول لها وعجزها عن تجميع التونسيين في مواجهتها والاصرار على امتلاك الحقيقة المطلقة. والتفرد بالراي واقصاء الراي المخالف وكيل الاتهامات للخصوم بالخيانة والعمالة والفساد دون اثبات واستعداء العمل النقابي والتضييق على الحريات لن يقود البلاد الا الى التشتت والانقسام وبالتالي الى استفحال الازمات علاوة على خطر الرجوع الى مربع الاستبداد والحكم الفردي والقضاء تدريجيا على المكاسب الديمقراطية التي جاءت بها ثورة 17 ديسمبر و 14 جانفي “
وعرج الطبوبي على مبادرة الحوار الوطني قائلا “…تداركا لذلك قمنا صحبة عمادة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ببادرة لم نسع من ورائها الى اعتلاء مناصب او الوصول الى السلطة او معاداة السلطة القائمة او تحقيق اي مكسب مادي ….كان غرضنا الاضطلاع بدورنا كقوى وطنية مدنية في اخراج البلاد من ازمتها الخانقة وتوحيد كل القوى الوطنية التي من الممكن توحيدها حول جملة من المبادىء والاهداف لانهاء حالة الاستقطاب والانقسام والضبابية وصولا الى مشروع وطني يدعم مكاسبنا في مجال الحريات والديمقراطية ويطورها ويعيد لبلادنا نسق نموها ويلبى طموحات شعبنا وشبابه بالخصوص في المساواة والعدالة الاجتماعية وسيادة القوانين ..اننا في حاجة الى وحدة حقيقية -ليست وحدة مزيفة- من شأنها حشد كل طاقات شعبنا في الداخل والخارج للنهوض بتونس اقتصاديا واجتماعيا وعلميا وثقافيا واستعادة مكانتها واشعاعها على المستوين الاقليمي والدولي واستعادة مكانتها واريد ان اؤكد ان اية وحدة او مصارحة لا تعني التسامح مع من تورط في الارهاب والعنف ولا تعني غض النظر عمن مارس الفساد او من استفاد منه ولا تعني ايضا فسح المجال السياسي لمن لا يؤمن بالدولة التونسية وقوانيها فلا وحدة ولا مصالحة مع من تورط في الارهاب ولا وحدة ولا مصالحة مع من يعادي الدولة التونسية ولا يعترف بسيادتها ولذلك كان شعارنا على خلاف الكثيرين المحاسبة والمصارحة ..”
واضاف “تعلمون جيدا ان الاتحاد تفاعل ايجابيا مع 25 جويلية .وكان املنا كبيرا في تفادي الاخطاء …لقد تقاسمت معنا هذ الاعتقاد العديد من القوى والشخصيات الوطنية ومن ضمنها المنظمات المشاركة في المبادرة الوطنية التي من المقرر تقديمها لرئاسة الجمهورية وذلك على امل اطلاق حوار شامل من اجل الاتفاق على اصلاحات حقيقية بديلة عن تلك الاصلاحات المزعومة التي تضغط دوائر مالية في اتجاهها والقوى المرتبطة بها محليا في اتجاهها.. ..كنا نامل ان تكون لحظة 25 جويلية ايذانا بالشروع في هذه الاصلاحات وتجديدا لكل طاقات شعبنا لانجاحها ولكننا صدمنا مرة اخرى باستمرار هذه السلطة مثل سابقاتها في انتاج نفس المنوال التنموي بنفس الاليات وبنفس الارتجال لنصل في نهاية المطاف الى نفس النتائج لنجد انفسنا مرة اخرى واقفين على ابواب الجهات المانحة واستعطاف بعض الدول المانحة للحصول على قروض لن تزيد الا اثقال مديونية الدولة وتهديد استقلالية قرارنا الوطني .. ..”
وتابع “….ان ما دفعنا للقيام بهذه المبادرة المشتركة هو حرصنا على امن البلاد واستقرارها وحماية استقلالها والتوحد حول مشروع وطني متكامل لاخراجها من ازمتها الخانقة ومن عزلتها الاقليمية والدولية وانقاذها من شبح الافلاس واكدنا تبعا لذلك ان اطلاق هذا الحوار اصبح مسألة حياتية بالنسبة لوطننا وشعبنا بما يستوجب توفير المناخ المناسب لمشاركة واسعة فيه وهي مشاركة لا تكون حقيقية وفاعلة الا باحترام الحريات وتوسيع مجالاتها وصيانة حرية التعبير والصحافة والحرص على استقلالية القضاء واحترام حرية العمل النقابي. واننا ونحن نحتفل اليوم بعيد العمال العالمي لنؤكد ونكرر ايماننا الراسخ بانه لا خيار لتونس غير الحوار لفض مشاكلنا داخل البيت الوطني .. حوار ينبني على التمسك التام بالخيار الديمقراطي وضمان حق الجميع في التعبير والتنظم والمشاركة بعيدا عن كل اشكال التفرد بالرأي واستعداء العمل النقابي او ترذيل وتخوين الراي الاخر وبعيدا عن كل تدخل خارجي مهما كان …اكرر انه لا خيار امام التونسيين الا الحوار والتعايش المشترك وتغليب المصالح العليا للوطن لان بديل الحوار والتوافق لن يكون سوى مزيد الانقسام ومزيد التبعية ولن يؤدي الا الى مزيد تدهور المقدرة الشرائية وتفاقم معدلات الفقر مع ما يمكن ان ينجر عن ذلك من اخطار على الدولة وعلى السلم الاجتماعية….”
وواصل “….لتكن رسالتنا واضحة ان سياسة التضييق على الحريات النقابية واستعداء الاتحاد والعمل النقابي والزج بمناضلين نقابيين في السجون وحياكة الملفات من قبل بعض الوزراء المعادين للعمل النقابي وشن الحملات المسعورة ونشر الاكاذيب لن ترهبنا ولن تجعلنا نتراجع عن الدفاع عن استقلالية منظمتنا والحريات ولن تنجح في الضغط علينا للتخلي عن الدفاع عن حقوق العمال او الرضوخ لخيارات لاشعبية… لقد خبر الاتحاد مثل هذه السياسات وعرف مناضلوه زمن الكفاح الوطني او بعد الاستقلال شتى انواع التعذيب وتوظيف للقضاء لفبركة محاكمات جائرة ولكنه كان يخرج اثر كل محنة وحملة اكثر قوة واكثر تماسكا واكثر قدرة على تاطير الشغالين ..”