الشارع المغاربي: اعتبر ارام بلحاج الباحث واستاذ الاقتصاد اليوم الخميس 10 اوت 2023 ان الاتفاق المبدئي الموقع بين تونس وصندوق النقد الدولي في اكتوبر الماضي لم يعد صالحا وانه حتى اذا ارادت تونس العودة للمفاوضات مع الصندوق فان ذلك سيكون وفق معطيات ومؤشرات جديدة مشددا من جهة اخرى على انه لا يمكن حل المشاكل المتعلقة بالتزود بالمواد الاساسية دون اصلاح منظومة الدعم.
وقال بلحاج في مداخلة على اذاعة “الديوان اف ام”:” نظريا مازال ملف تونس لدى صندوق النقد الدولي قائما لان لنا اتفاقا مبدئيا لكن هنا هو الاشكال فعلى ارض الواقع لم يعد الاتفاق المبدئي صالحا فقد تم في شهر اكتوبر الماضي ونحن الان في شهر اوت يعني مر على ذلك قرابة العام والاكيد ان المعطيات والمؤشرات تغيرت والتوازنات الاقتصادية تغيرت ولم تعد هي نفسها ..واقول انه حتى لو عادت تونس للتفاوض مع الصندوق فان الاتفاق المبدئي لم يعد صالحا وان الاوراق ستوزع من جديد وسوف تتم اعادة كل الاتفاق ولذلك لا يمكن الحديث عن اتفاق مبدئي وحتى في صورة العودة فان ذلك سيكون باتفاق جديد وبمعطيات وتوازنات جديدة وهذا نأسف له لانه كانت لنا فرصة امضاء اتفاق وتسلم التمويلات ولكن هذا لم يحصل ..صحيح ربما هناك تحسن في مؤشرات السياحة والتونسيين بالخارج لكن هذا غير كاف”.
واضاف “حسب اعتقادي رغم التحسن في بعض المؤشرات اذا لم يكن هناك اتفاق مع صندوق النقد الدولي فان اشكالية تعبئة الموارد ستبقى واذا طالت المدة فانه من الممكن لا قدر الله ان نذهب للسيناريو اللبناني وانا اقول بضروة العودة الى طاولة المفاوضات مع الصندوق وحتى اذا كانت لرئيس الجمهورية نظرة اخرى في ما يتعلق بالدعم فانه يمكن اعادة صياغة الملف وفق رؤية رئيس الدولة”.
واكد بلحاج من جهة اخرى ان التحديات والاوليات المطروحة لم تتغير بتغيير رئيس الحكومة وقال في نفس الاطار “التحديات والاوليات الحارقة لم تتغير بتغيير رئيس الحكومة ونفس المشاكل والتحديات تبقى قائمة واولا هناك مشكل التزود بالمواد الاساسية والغذائية باسعار معقولة والتحكم في التضخم بالتنسيق مع البنك المركزي الذي يلعب دورا كبيرا في هذا الاطار والملف الحارق الثاني هو ملف المالية العمومية ولذلك استقبل رئيس الحكومة الجديد وزيرة المالية فاشكالية تعبئة الموارد كبيرة واليوم نحن في اوت وليس لنا فكرة عن تنفيذ الميزانية ولما عدت لارقام تنفيذ الميزانية بوزارة المالية لم اجد ارقاما محينة بل وجدت ارقام شهر مارس ونحن في اوت ولم نتعود على التاخير في ارقام تنفيذ الميزانية واقول انه من الواضح ان هناك صعوبات كبيرة في تعبئة الموارد خاصة الخارجية منها ونعلم ان تونس في حاجة الى قرابة 15 الف مليار لغلق ميزانية 2023 وهذا شبه مستحيل في ظل توقف ملف تونس مع صندوق النقد الدولي وحسب اعتقادي لم يعد بالامكان الحديث عن ملف تونس مع الصندوق ..”
وتابع ” قلت ان الملفين الحارقين هما اولا ملف توفير المواد الاساسية باسعار معقولة والحقيقة ان ازمة الخبز بدورها لم تُحل بعد ومازلنا نرى الطوابير والاشكاليات الى جانب فقدان مواد اخرى على غرار القهوة والارز والسكر وغيرها ثم الى جانب ذلك هناك مشكل تعبئة الموارد …صحيح هناك الكثير من الاشياء الايجابية مثل الانتعاشة في السياحة ومداخيل التونسيين بالخارج وتحسن انتاج الفسفاط لكن ذلك ليس كافيا لان الاحتياجات خاصة الخارجية منها كبيرة جدا .. لكل مشكل اسبابه وبخصوص المواد الاساسية اولا هناك مشاكل في التزويد بالفارينة ومن وراء ذلك استيراد القمح اللين والمشكل الثاني هو عدم خلاص مستحقات المهنيين نظرا لمنظومة الدعم التي يجب اصلاحها بصفة جذرية والحقيقة انه يوجد في كل قطاع تلاعب وفساد و بعض الاحتكار واذا لم يتم اصلاح المنظومات فانه لا يمكن ان نتقدم و ينبغي اصلاح منظومة الدعم لانه لا يمكن حل مشاكل المواد الاساسية دون اصلاحها وهذا يكون في اتجاه توجيه الدعم لمستحقيه وهذا يمر عبر المعرّف الاجتماعي والحل يكمن في تفعيل المعرف الوحيد ونحن نسمع المسؤولين يتحدثون عن المعرف لكننا لم نر تفعيلا على ارض الواقع ..ربما سبب ذلك التغييرات على راس المسؤوليات والتعطيل على مستوى الادارة وهناك ايضا مشاكل تنسيق لان المعرف لا يخص وزارة الشؤون الاجتماعية وحدها.. وبصفة عامة تعترض الاصلاحات نفس الاشكاليات يعني عدم استقرار سياسي وعدم تناسق بين الفاعلين المعنيين وايضا غياب الارادة …عملية الاصلاح تتطلب جراة ورؤية و تنسيقا وعملية تطبيق الاصلاح على ارض الواقع تتطلب تنظيما ولذلك لم نتقدم في عملية الاصلاح ليس في علاقة بمنظومة الدعم فحسب ولكن ايضا في المنظومات الاخرى.”