الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: تبعا لإنهاء مهام بشير الكثيري رئيس مدير عام ديوان الحبوب في خضم أزمة نقص المواد الأساسية والخبز انتقدت اليوم الثلاثاء 15 اوت 2023 منظمة “آلارت” “لمقاومة الاقتصاد الريعي” الاقالة مذكرة بأن منظومة الحبوب متهالكة وبأنها بعيدة عن الإصلاح الهيكلي والحقيقي .
وتكون الاقالات في العادة بمثابة البحث عن كبش فداء في ظل غياب الاصلاحات والاخلالات الكبيرة وغير مسبوقة في التوازنات المالية للدولة .
وذكرت المنظمة المتخصصة في مكافحة اقتصاد الريع وممارسات الاحتكار والمنافسة غير المشروعة ان دور ديوان الحبوب يقتصر في واقع الامر على توفير الكميات المطلوبة من الحبوب للسوق وهي كميات تحددها وزارة التجارة حسب طلب السوق وحسب الميزانية المرصودة سنويا لصندوق الدعم وذلك بعد مصادقة وزارة المالية .
وذكرت بأن وزارة التجارة هي من تتحكم تقنيا في اسعار الحبوب المدعمة واسعار المواد المستخرجة المدعمة من سميد وفارينة ونخالة وفي ميزانية الدعم عبر تحديدها وصرفها لديوان الحبوب. كما انها تتحكم في منظومة توزيع الحبوب لدى المطاحن وتوزيع الفارينة المدعمة للمخابز المصنفة والفارينة غير المدعمة والسميد للمخابز المصنفة وغير المصنفة إلى جانب تجار الجملة والتفصيل، ومعامل المقرونة، والبسكويت، وغيرها.
وتمثل، حسب المعطيات الإحصائية، مداخيل الدعم بالنسبة لديوان الحبوب الجزء الأهم من جل مداخيله إذ تتجاوز نسبة 70 بالمائة منها خاصة في فترات ارتفاع الأسعار بالأسواق العالمية واستمرار أسعار البيع المحددة في السوق التونسية. ويغطي الديوان بهذه المداخيل الفارق بين اسعار شراء القمح والشعير بالسعر العالمي او السعر المحدد بالنسبة للفلاح التونسي واسعار بيعها بالسعر المدعم للمطاحن ومصانع العلف.
كما بينت “الارت” ان المطاحن تتلقى جزءا من هذا الدعم رغم تزودها بالحبوب بأسعار مدعمة وان المخابز المصنفة تتلقى من جهتها جزءا هاما من هذا الدعم رغم تزودها بالمواد الأساسية بأسعار مدعمة. ةتفسر المنظمة ذلك بغلاء كلفة الانتاج من سنة إلى أخرى مع عدم الترفيع في اسعار المواد المستخرجة مشيرة الى انه ببلوغ ازمة المالية العمومية اوجها في تونس منتصف سنة 2023 تتأخر وزارة المالية عن صرف ميزانية الدعم لمدة تتجاوز 14 شهرا والى ان ذلك يحرم ديوان الحبوب من مداخيل هامة تبلغ 2.4 مليار دينار ويولد توترا في ميزانيته وفي طريقة عمله وقدرته على الإيفاء بالتزاماته المالية تجاه المزودين الأجانب والمحليين. وذكرت المنظمة انه في ظل هذه الوضعية يقوم البنك الوطني الفلاحي بتغطية عجز ديوان الحبوب، مشددة على ان العجز بلغ 4،5 مليارات دينار نتيجة تأخر صرف ميزانية الدعم وان ذلك جعل البنك عاجزا عن تحمل المزيد.
وتوضح هذه الصورة اقتصار ديوان الحبوب على لعب دور لوجستي في منظومة الحبوب أمام سيطرة وزارة التجارة (بالتعاون مع وزارة المالية) على كامل سلسلة الدعم والإنتاج وتوزيع الحصص علما انه يشوب عمليات التوزيع على حد تقدير المنظمة غياب الشفافية وهيمنة للغرف النقابية لاتحاد الصناعة والتجارة على دواليب وزارة التجارة. ووفق نفس المصدر يضعف ذلك من قدرته على الضغط على الكلفة الاجمالية للدعم والتعديل في الحصص بين الجهات وبين المطاحن حسب مصلحة المستهلك الأخير.
وجرت الإشارة في هذا الصدد، الى محاولة وزير الفلاحة سنة 2019 بعث لجنة يرأسها ديوان الحبوب قصد تحيين منظومة توزيع الحصص وقد وجه حينها مراسلتين لوزارة التجارة والغرفة الوطنية للمطاحن لفتح ملف توزيع الحبوب بعد تشكيات عدد من المطاحن. وأجاب وزير التجارة في ذلك الوقت، وزير الفلاحة بأن اللجنة موجودة وانه وزارة التجارة ترأسها وأنه لا دخل لأي طرف غير وزارة التجارة في التصرف في الحصص باعتبارها المسؤولة الوحيدة عن صندوق الدعم. أكدت ذلك رئيسة وحدة التعويض وصندوق الدعم حينها السيدة فضيلة الرابحي عبر مراسلتها السيد الرئيس المدير العام لديوان الحبوب وأمره بعدم التدخل.