الشارع المغاربي: اوضح سمير البراهيمي اول كاتب عام للجنة التونسية للتحاليل المالية والرئيس السابق لمجموعة العمل المالي GFI في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا اليوم الثلاثاء 19 سبتمبر 2023 ان لجنة التحاليل المالية التي كثر الحديث عنها في الاونة الاخيرة تستند في اختصاصاتها للقانون وانه لا يمكنها اضافة اختصاصات جديدة لنفسها محذرا من ان من شأن نزع اختصاص تلقي التصاريح عنها ومعالجتها ان يفقدها المعايير الدولية وان تصبح تونس مهددة بعقوبات والعودة لقائمات مجموعة العمل المالي.
وقال البراهيمي في حوار على اذاعة “شمس اف ام” تعليقا على الاتهامات الموجهة من قبل رئيس الجمهورية للجنة التونسية للتحاليل المالية ” فعلا كثر الحديث في الاونة الاخيرة عن لجنة التحاليل المالية الـ ” كتاف ” واعطوها نفوذا وصلاحيات لا تتمتع بها في الواقع لا بمقتضى القانون ولا بمقتضى الاعراف والمعايير الدولية… موضوع اللجنة يتعلق فحسب بمكافحة غسل الاموال وتمويل الارهاب فقط لا غير لان هناك خلطا كبيرا في ما يتعلق بجريمتي غسل الاموال وتمويل الارهاب وبين ما هو في علاقة بالمال وبالجريمة المالية عموما مثل الجريمة الديوانية وجريمة الصرف والجريمة الجبائية… في كل هذا هناك خلط في الاذهان بين جريمتي غسل الاموال وتمويل الارهاب .. لماذا تم احداث اللجنة التونسية للتحاليل المالية ؟ هي خلية لمعالجة تصاريح تتعلق بغسل الاموال وتمويل الارهاب. لماذا لا يتعهد القضاء الواقف بهذه الجريمة مثل الجرائم الاخرى؟ المفروض ان القانون يؤهل النيابة العمومية لمعالجة مثل هذه الجرائم .والمعايير الدولية تقول ان غسل الاموال وتمويل الارهاب يتمان اما عبر مؤسسات مالية مثل البنوك او شركات التامين او البورصة او بعض المهن غير المالية والمهن التي يمكن التعسف في استعمالها مثل الكازينوهات وباعة الصاغة والاشياء الثمينة وسماسرة العقارات يعني الوسطاء ومهن القانون لان المحامي يكتب العقود التي تنقل الملكية وكذلك مهن المحاسبة ..غسل الاموال وتمويل الارهاب يتمان غالبا عبر هذه القنوات ولذلك اعطت منظومة مجموعة العمل المالي ” غافي” للقطاع المالي وللقطاع غير المالي التزامات ولقائل ان يسأل ما دخل هؤلاء في مكافحة الجريمة ؟ لان لمثل هذه الجريمة خصوصيات والمشرع ارتأى تاهيل بعض الاشخاص لمعاضدة مجهود الدولة في مكافحة الجريمتين فالبنوك هي اصول تجارية وليست وكالات بحث او تقص وليست مراكز شرطة وليس لها خبرة في موضوع الجريمة عموما ولذلك تم ارساء لجنة منذ سنة 1989 بينها وبين القضاء اسمها خلية معالجة التصاريح. فمجموعة السبع كانت قد كلفت مجموعة من الخبراء وطلبت منهم ايجاد حلول لان مسألة غسل الاموال اخذت ابعادا كبيرة جدا ناهيك ان صندو ق النقد الدولي يقول ان الاموال التي تغسل كل سنة توازي ما بين 3 و 5 بالمائة من الناتج الاجمالي العالمي …..فخلايا التحاليل المالية خُلقت لتكون واسطة او غربالا بين المصرحين الذين اشرت اليهم سابقا في القطاع المالي والقضاء بمعنى ان الخلية او اللجنة تتلقى تصاريح في شبهات غسل الاموال او تمويل الارهاب من المصرحين اي من البنوك او الشركات او الاشخاص وليس لها القدرة للتحرك لان الاموال تمر عبر البنوك وليس عبرها هي.”
واضاف “اللجنة التونسية للتحاليل المالية اذا تلقت تصريحا بشبهة تتحرك واذا لم تتلق لا تتحرك لان القانون لم يعطها صلاحية التحرك من تلقاء نفسها … من المبادى الكبيرة التي تقوم عليها مؤسسات الدولة مبدا الاختصاص واذا كان للجنة ما اختصاص معين فلا يمكنها تجاوزه وايضا لا يمكنها عدم الاضطلاع به واذا كنا نرغب في اسناد اختصاصات اكبر للجنة فالقانون هو الذي يسند لها ذلك ولا يمكنها ان تسند اختصاصات لنفسها .. فاهليتها تاخذها من القانون على انه لا يمكن عند تغيير القانون ان ننزع عنها مسالة تلقي التصاريح ومعالجتها لانها تصبح حينها غير مستجيبة للمعايير الدولية وتصبح تونس مهددة بالعقوبات وبالعود لقائمات “غافي” … المطلوب في منظومة مجموعة العمل المالي هو استجابة الاشخاص الخاضعين للتصريح للمعايير والتي ألخّصها في 4 اركان هامة هي : اولا تكريس المنهجية القائمة على المخاطر وثانيا واجب العناية ازاء الحرفاء وثالثا تسجيل وتدوين كل ما يحصل على الحساب لمدة 10 سنوات ورابعا واجب التصريح بشبهات غسل الاموال وتمويل الارهاب..”
وتابع البراهيمي” يمكن القول اننا بتونس لسنا في مرحلة الاكتمال خاصة بالنسبة لبعض المهن التي ذكرتها فهناك مهنة لا تعترف اساسا بواجب التصريح وهي المحاماة والتي رفضت ذلك ونحن قلنا لها ان التصريح ليس بصفة محام وانما كمحرر عقود …هناك نقص كبير على مستوى الالتزام والامتثال للمعايير التي جاء بها القانون والتي تستمد كلها من معايير لجنة التحاليل المالية .. هناك نقص على مستوى الوعي والتطبيق ثم خاصة هناك نقص على مستوى الرقابة من السلطة الرقابية وهي بالنسبة للبنوك البنك المركزي وبالنسبة لشركات التامين السلطة المكلفة بمراقبتها وهيئة السوق المالية بالنسبة للبورصة ..فالقانون رتب عقوبات على البنوك التي لا تكرس المعايير مثل التعرف على الحريف والعناية الواجبة .القانون هنا رتب عقوبات والعقوبات تصدرها السلطة الرقابية ..'”
وبخصوص الجمعيات التي تتلقى تمويلات من الخارج ذكر البراهيمي بان مرسوم سنة 2011 احدث نقلة جوهرية من نظام الترخيص الى نظام التصريح ملاحظا انه كان من المفروض ارساء منظومة مراقبة مناسبة لهذا التغيير .
وقال في نفس الاطار ” لما نسند الى الكتابة العامة للحكومة اهلية الرقابة ولا نعطيها الامكانات البشرية والمادية واللوجستية فالنتيجة انها لن تقدر على المراقبة والنتيجة ان الجمعيات ستخرق القانون. وتمويل الجمعيات يتم عبر تحويلات من الخارج ومن واجب الاشخاص الخاضعين للتصريح او المصرحين التثبت من الملاءمة بين نمط الحريف والذي هو جمعية ونمط العمليات التي تتم في حساب الجمعية وهذا الواجب محمول على البنك اذا كانت الاموال تمر عبر بنك وعلى البريد اذا كانت التحويلات تمر عبر البريد .”