الشارع المغاربي: منذ ما يقارب الاسبوعين تقريبا ، ومن مراكش اين انتظمت الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق الدولي ، قدم مروان العباسي في خطاب طمأنة نبذة عن تحسن بعض المؤشرات االاقتصادية المالية التي تحولت بسرعة الى مادة سياسية تتداول كنجاحات وانجازات . الا ان تصريحات العباسي اليوم الاربعاء 1 نوفمبر 2023 جاءت مغايرة. فقد حافظت على نفس الاشادة بسياسات البتك المركزي فيما حذرت من انهيار الادخار والتاخير في الانتقال الطاقي .
ودعا العباسي الى إجراء تغيير جذري في المنظومة الإدارية التونسية التي وصفها بـ”المقيتة” والمعيقة للإستثمار في تونس موصيا اعضاء مجلس النواب بالتسريع في المصادقة على مشاريع القوانين، التّي ستتم احالتها من طرف الحكومة مشيرا الى انها تخص أساسا، قانون الصرف وقانون الاندماج المالي وقانون الاستثمار والى انها ستغيّر واقع الاستثمار وتحرير المبادرة في البلاد، بشكل جذري.
ونقلت وكالة تونس افريقيا للانباء عن العباسي تشديده خلال يوم دراسي بالبرلمان حول البنك المركزي على وجوب وضع المسألة الإقتصادية في تونس على الطاولة وعلى ضرورة تقديم الحلول وانتقاده في الوقت ذاته، عددا من خبراء الإقتصاد الذين اقتصروا في ظهورهم الاعلامي، على تشخيص الوضعية الاقتصادية دون تقديم اقتراحات وحلول عمليّة للخروج من الأزمة الاقتصادية، التّي تمر بها البلاد.
ونقلت الوكالة عن العباسي قوله ” من المهم استرجاع الثقة في الدولة وخاصة الثقة في الإقتصاد مع التأكيد على إجراء تغيير عميق وجذري في الإدارة التونسية” وشدّد في السياق ذاته على أهمية وضوح الرؤية في البلاد وتحرير المبادرة والإستثمار.
وتابع أنّه في ظلّ المشهد الاقتصادي القاتم بالبلاد “فإنّه بامكان تونس أن تحقق نتائج اقتصادية جيدة وان لها فرص أوسع للإقلاع الاقتصادي”.
وعلى صعيد آخر استعرض جملة المؤشرات الاقتصادية لتونس من 2010 الى 2023 التّي أظهرت تراجعا بشكل لافت مستدلا في ذلك على هبوط قيمة السندات التونسية من 130 بالمائة في 2010 إلى حوالي 60 بالمائة حاليا.
واعتبر العباسي ان هذه المؤشرات تعكس مخاوف المستثمرين وخاصة المموّلين الأجانب، من الإقتصاد التونسي وعدم وضوح الرؤية السياسية والاقتصادية.
كما اعتبر ان نسب النمو المحققة في العشرية الاخيرة هشة وانها لم تكن مدمجة خاصّة، بالنسبة للشباب داعيا في هذا الصدد، إلى إقرار منوال نمو دامج ومستديم وقادر على استيعاب جل الشرائح.
وقال العباسي في معرض حديثه عن عجز الميزان التجاري وعجز الميزانية اللذين بلغا في العقد الأخير معدل 8 و7 بالمائة ان “من شأن هذا العجز أن يؤدّي إلى هشاشة الإقتصاد التونسي ويؤثر سلبا على نسب التضخم، وخاصّة، سعر صرف الدينار.”
ولفت الى الهبوط الحاد والمحير لنسبة الاستثمار من 24 الى 16 بالمائة والادخار من 21،3 الى 8،7 بالمائة بين 2010 و2023 واصفا الوضعية بـ”الكارثية”.
وتابع تحليله للوضعية الإقتصادية والمالية للبلاد بالتطرق الى التراجع غير المبرر لتدفق الاستثمار الخارجي المباشر وانهيار انتاج وتصدير الفسفاط، رغم الامكانات الهائلة لقطاع المناجم في البلاد.
وانتقد العباسي بشدة التأخر اللافت في تجسيد مشاريع الطاقات المتجددة، لا سيما، انتاج الكهرباء من الطاقات البديلة مستبعدا بلوغ الهدف المتعلّق بإنتاج 30 بالمائة من الطاقة الكهربائية باعتماد الطاقات المتجددة في أفق سنة 2030.
واستغرب من انه بالإمكان انتاج الكهرباء بسعر منخفض لا يتجاوز 70 مليما للكيلواط في حين ان تونس تستورده بمعدل 400 مليم.
ودافع العباسي من جهة اخرى عن السياسة النقدية لا سيما في مجال التحكم في التضخم وقدرتها على الحد منه رغم ان النسبة لازالت في مستويات مرتفعة (9 بالمائة).
وإعتبر أن الترفيع في نسب الفائدة المديرية وما ينجر عنه من زيادة في نسبة الفائدة في السوق النقدية يرمي بالأساس الى السيطرة على نسب التضخم، التي بلغت مستوى 11 بالمائة في وقت سابق من هذه السنة.
وذكر بأنه في حال عدم الترفيع في الفائدة المديرية ستزداد نسبة التضخم بنسب لا يمكن تحملها على غرار بعض الدول التّي بلغت فيها نسب التضخم مستوى 40 بالمائة في مصر و60 بالمائة في تركيا.
وقال إن الترفيع في نسب الفائدة المديرية لم ينفر المستثمرين وان وضعية الركود الإقتصادي وعدم وضوح الرؤية جعلت المستثمرين لا يقبلون على القروض البنكية”.