الشارع المغاربي – لسعد الدريدي: الأرقام وحدها لا تكفي...ونريد ردّ الدين لجمهور الافريقي

لسعد الدريدي: الأرقام وحدها لا تكفي…ونريد ردّ الدين لجمهور الافريقي

قسم الرياضة

16 نوفمبر، 2019

الشارع المغاربي – قسم الرياضة : خلافا لكلّ التوقّعات التي سبقت انطلاقة الموسم الرياضي نجح النادي الافريقي في تحقيق سلسلة من النتائج الباهرة في سباق البطولة من خلال تسجيل 7 انتصارات من جملة 8 خاضها الفريق. وكان صانع هذا الانجاز الوقتي والذي يتزامن مع ضائقة مالية خانقة يعيشها النادي منذ الصائفة الماضية هو مدرّب الفريق لسعد الدريدي الذي استطاع رغم ضيق الامكانات ومحدودية الرصيد البشري بناء فريق صلب ومتجانس بأفضل خطّي دفاع وهجوم.

عن مسيرة الفريق الى حدّ الآن والأهداف التي رسمها لنفسه وللفريق في الموسم الحالي وعن الصعوبات المالية والهبة الشعبية لجمهور الافريقي وعن عديد المحاور الأخرى تحدّث لسعد الدريدي لـ”الشارع المغاربي”.

– 7 انتصارات في 8 مباريات متتالية أرقام لم يحققها النادي الافريقي منذ سنوات؟

الحمد لله نسير في الطريق الصحيحة واستطعنا بفضل تظافر عديد الجهود في إعادة الفريق الى موقعه الطبيعي على الأقلّ في النصف الأوّل من السباق.

– بهذه الأرقام كسرت الرقم المسجّل باسم الهولندي أدري كوستر الذي حقّق 6 انتصارات وتعادل وهزيمة في 8 مباريات؟

بالفعل وهذا يجعلنا نطمح لتحقيق المزيد من النتائج الايجابية ولكن دون الوقوع في فخّ الغرور أو الاندفاع المبالغ فيه… يجب على اللاعبين والاطار الفنّي وضع أقدامهم على الأرض والمحافظة على التركيز والانضباط لأنّ كرة القدم هي تركيز وجهد وعرق وليست مجرّد أرقام ثابتة…

– كانت أرقام كوستر أرقام الفريق البطل في ذلك الموسم فهل يمكن القول إنّ الافريقي اليوم يملك مواصفات البطل؟

كانت أرقام فريق بطل ولكن كذلك كان الافريقي يومها يملك رصيدا بشريا. يملك مقوّمات البطولة وكانت هناك في ذلك الوقت امكانات مادية رهيبة موضوعة على ذمّة الفريق وكان هناك استقرار على جميع المستويات وهذا ليس موضع الحال…ثمّ إن الحديث عن البطولة ليست أمورا اعتباطية أو من باب الصدفة ومن يريد التتويج في آخر الموسم عليه التحضير مبكّرا لكلّ الجوانب الفنيّة والادارية. الأرقام وحدها لا تكفي…وبالنسبة لنا نحن اليوم هدفنا هو إعادة الفريق الى مكانه الطبيعي والمهم أكثر هو استرجاع هويّة النادي الافريقي وشخصية الفريق الكبير خاصة أن الموسم القادم يتزامن مع المائوية. بالإضافة الى ذلك علينا بذل جهد أكبر على المستوى الاداري وعلى مستوى التأطير خاصة في ظلّ المشاكل المادية التي يمّر بها النادي اليوم وعلينا ألا ننسى أن صعوبات الافريقي المادية ليست ديون الفيفا فقط فالإفريقي له التزامات محلية مع اللاعبين وهناك عديد المشاكل التي لن أخوض فيها لكنها قادرة على خلق مشاكل صلب المجموعة خاصة إذا تواصلت سلسلة النتائج الايجابية والقصد هنا مستحقات اللاعبين التي تعتبر شغلي الشاغل.

– على ذكر اللاعبين ما الذي تغيّر في المجموعة وخاصة في حجرات الملابس حتى يصبح الوضع في الافريقي على ما هو عليه اليوم؟

لا يوجد سرّ في الأمر… كان هناك خطابا واضحا مع اللاعبين منذ اليوم الأوّل… تحدثت مع اللاعبين وكنت أعرف جيدا مشاكل الفريق وكل الصعوبات التي يمر بها وطالبت من جميع اللاعبين أن يكون هدفنا واحد وهو إعادة الافريقي الى مداره الطبيعي ونبّهت الجميع الى أنّ اللاعب الذي سيكون معزولا عن المجموعة ولا يفكّر سوى في مصلحته لن يكون فردا منّا وحمينا المجموعة من الظروف المحيطة بالفريق ويبدو أن رسالتي وصلت واللاعبون حقيقة شعروا بالمسؤولية وباتت لهم الرغبة في ردّ الفعل ومحو خيبة الموسم الماضي وأيضا في إسعاد الجماهير… اليوم هناك لحمة كبيرة بين اللاعبين وكوّنا مجموعة متجانسة بالحدّ الأدنى المطلوب… اللاعبون بات لهم هدف واضح والانتصارات تحفزّ كذلك على المواصلة بنفس الروح وحتى عندما انقاد الفريق الى الهزيمة لم يتسرّب اليأس والشكّ الى المجموعة وواصلنا بنفس العزيمة والاصرار وتجاوزنا مخلفاتها سريعا. أنا أولي عناية كبيرة للجانب الذهني لذلك يكون دائما خطابي الموجّه للاعبين مليئا بالحماس والروح الانتصارية لأني أرفض الاستسلام ورمي المنديل.

– نبقى دائما مع لغة الأرقام… هل تخشى أن يتسبّب تتالي الانتصارات في تسليط ضغط على اللاعبين؟

لذلك يجب أن تكون الرسالة الى جمهور الافريقي واضحة ومفهومة… أنا كمدرّب جاهز لتحمّل الضغط ولكن أريد أن يبقى اللاعبون بمنأى عن هذه الهزّات النفسية… علينا ألاّ نطالب المجموعة بأكثر من طاقتها وعلينا أن نعرف جيدا حدود امكاناتنا وقدراتنا… لدينا الثقة والعزيمة لتحقيق موسم مشرّف لكن الطريق لازالت طويلة وتنتظرنا عديد المواعيد الكبيرة وكل ما نطلبه هو أن يبقى الجمهور هو سندنا الأوّل خاصة في الأوقات الصعبة.

– على ذكر الجمهور يبدو أن الهبّة الشعبية للتبرّع لحسابات النادي جعلت اللاعبين والاطار الفنّي يتحملون مسؤولية اكبر خاصة أمام التضحيات التي يبذلها “شعب” الافريقي إن جاز القول؟

هذا أقلّ شيء يمكن أن نقدمه لجمهورنا الكبير…بصراحة “لحمك يقشعر” عندما تشاهد الملاحم البطولية التي يقوم بها عشاق الافريقي وحركة التضامن الكبيرة التي قاموا بها لإنقاذ النادي… لقد وصلتنا رسالة الجمهور ونحن من جانبنا حاولنا ردّ الجميل والدين وحقيقة كل الشكر “وبرافو” لجمهور الإفريقي على كل ما يقدمه للنادي وكل ما نطلبه في هذا الوقت هو أن يكون جمهور الافريقي أمامنا وخلفنا وحاضرا في كل الملاعب فهو اللاعب رقم 1 في الفريق وليس رقم 12.

– لندخل مرحلة التقييم الفنّي هل تعتبر نفسك راض عن مسيرة الفريق الى حدّ الآن؟

الحمد لله يمكن القول إننا وفقنا الى حد الآن… الطريق لازالت طويلة والتقييم يبدو الآن سابقا لأوانه…عند نهاية مرحلة الذهاب يمكن أن نقيّم الفريق ونتعرّف أكثر على حاجياته ومن ثمّة يمكن أن نعرف طبيعة أهداف المرحلة القادمة ومنطقيا الفريق في حاجة الى تدعيم بشري والى تعاقدات مع 5 أو 6 لاعبين لتقديم الاضافة… مبدئيا الفريق على السكّة الصحيحة ولكن لا يجب علينا أن نتوقّف عند هذا الحدّ وهذا ما قلته للاعبين مباشرة بعد نهاية مباراة النادي البنزرتي… تنتظرنا مرحلة صعبة وعلينا أن نكون جاهزين لهذه الاختبارات… ثمّ لا ننسى أننا خضنا نصف السباق برصيد بشري محدود جدّا ولم يكن لنا هامش كبير من الاختيار وخضنا عديد المباريات بلاعبين ليسوا في أفضل حالاتهم البدنية والصحية لأنه لم يكن لنا معوّضون على البنك وكلّ هذه الاعتبارات لا بدّ ان نضعها في الحسبان.

– ما تبقّى من مرحلة الذهاب تحمل في طيّاتها مواجهات من العيار الثقيل والبعض يعتبرها الاختبار الحقيقي لمدى جاهزية الافريقي؟

بالنسبة لي المباريات الكبيرة لا تشكّل اختبار الحقيقة والبطولة كانت دائما تلعب وجهتها في ملاعب أخرى من بن قردان الى تطاوين وقابس وغيرها من الفرق التي لا تكون عادة معنية بحسابات التتويج… اليوم تستطيع الفوز بالمواجهات المباشرة لكنك قد لا تنهي السباق وأنت البطل أو في ركب المقدّمة… صحيح الكلاسيكو له قيمته وخاصة وزنه على الصعيد النفسي والدربي يبقى دائما دربي بكل ما تحمله الكلمة والدربي يلعب يوم المباراة وفوق الميدان ولا يخضع لأيّة أحكام ولا لأيّة فوارق في الامكانات أو في الترتيب… بالنسبة لي هذه المباراة علينا تحضيرها بنفس الروح والعزيمة وبنفس التركيز… المباريات تربح على الميدان وعلينا أن نكون في أقصى درجات جاهزيتنا حتى نكون في الموعد لأننا نلعب دائما لفنس الهدف وهو تحقيق الانتصار… ثمّ علينا عدم نسيان مباراة بن قردان وكذلك مستقبل سليمان وكل مباراة علينا أن نخوضها بعقلية مباريات الكأس.

– لنعد قليلا الى الوراء… البعض وصف قبولك تدريب النادي الافريقي في تلك الوضعية بالعملية الانتحارية خاصة أن الوضعية كانت كارثية على عديد المستويات وأنت المدرّب “الشاب” كما يصفك البعض رغم تجاربك المتعدّدة والناجحة؟

“ماعادش شاب…ديجا الواحد تعب وولّى شايب” (ضاحكا)… بدأت التدريب سنة 2012 ومررت بتجارب عديدة ومن مدارس كبيرة على غرار النادي الصفاقسي والنادي البنزرتي والملعب التونسي… تعاقدي مع النادي الافريقي كان بناء على قناعة راسخة وهي أنّني جاهز لهذه المهمّة وأنها كانت فرصتي وكنت مستعدا للبقاء في حالة بطالة في صورة تعثّر المفاوضات مع الافريقي خاصة أني رفضت وقتها عديد العروض من الداخل والخارج… هدفي كان تدريب الافريقي والهدف أو المجازفة التي يتحدّث عنها البعض أعتبرها موفقّة الى حد الآن والحمد لله أنا بصدد كتابة اسمي في تاريخ جمعية كبيرة بحجم النادي الافريقي وعلينا أن نتوقّف عند هذا الحدّ ويجب أن يكون التقييم دائما موضوعيا… في نهاية الموسم نقارن الامكانات التي وضعت على ذمّة الاطار الفنّي ونعاين مدى قدرة المدرّب على تحقيق النجاح من عدمه قياسا بما توفّر له.

– عمليات “الانقاذ” التي مررت بها خلال تجاربك السابقة أفادتك في تجربتك مع الافريقي؟

بكل تأكيد… الوضعيات النفسية والضغط الكبير الذي يكون مسلطا عليك في مهمة الانقاذ وتفادي النزول هي أكبر بكثير من اللعب على الألقاب لأنّ الامكانات تكون شبه معدومة وظروف العمل تكون صعبة جدا… تلك التجارب علمتني كيفية التعامل مع المشاكل في الافريقي وحتى على مستوى التحضير النفسي للاعبين… النادي الافريقي تاريخ كبير وهرم من أهرامات كرة القدم التونسية ولكنه عاش ظروفا استثنائية والخبرة التي تسلحت بها في التجارب السابقة ساعدتني على تحمل الضغوط والمشاكل وتخفيف العبء على اللاعبين.

– سمعنا أنه بحوزتك عديد العروض من الداخل والخارج… هل تترك باب مغادرة النادي الافريقي مفتوحا؟

الحديث عن العروض مهما كانت وجهتها مؤجّل… صحيح هناك اتصالات وعروض ولكن بالنسبة لي أهمّ شيء هو تقديم موسم استثنائي مع النادي الافريقي والنجاح في هذه التجربة ونحت اسمي بأحرف خاصة في صدور عشّاق الافريقي.


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING