الشارع المغاربي – أحمد صواب لـ"الشارع المغاربي": التدقيق‭ ‬سيشمل‭ ‬نحو‭ ‬150‭ ‬ألف‭ ‬موظف‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬والداخلية‭ ‬والديوانة‭ ‬والمدرسة‭ ‬الوطنية‭ ‬للإدارة‭ ‬وعمال‭ ‬الحضائر‭ ‬والعفو‭ ‬التشريعي‭ ‬العام‭ ‬والمفروزين‭ ‬أمنيا

أحمد صواب لـ”الشارع المغاربي”: التدقيق‭ ‬سيشمل‭ ‬نحو‭ ‬150‭ ‬ألف‭ ‬موظف‭ ‬في‭ ‬الجيش‭ ‬والداخلية‭ ‬والديوانة‭ ‬والمدرسة‭ ‬الوطنية‭ ‬للإدارة‭ ‬وعمال‭ ‬الحضائر‭ ‬والعفو‭ ‬التشريعي‭ ‬العام‭ ‬والمفروزين‭ ‬أمنيا

قسم الأخبار

29 سبتمبر، 2023

الشارع المغاربي-حاوره: محمد الجلالي : اعتبر‭ ‬احمد‭ ‬صواب‭ ‬القاضي‭ ‬الإداري‭ ‬السابق‭ ‬والمحامي‭ ‬والناشط‭ ‬بالمجتمع‭ ‬المدني‭ ‬ان‭ ‬تقسيم‭ ‬تونس‭ ‬الى‭ ‬خمسة‭ ‬أقاليم‭ ‬مشروع‭ ‬شخصي‭ ‬للرئيس‭ ‬قيس‭ ‬سعيّد‭ ‬وانه‭ ‬لن‭ ‬يعمّر‭ ‬بعده‭ ‬مشدّدا‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬الهدف‭ ‬النهائي‭ ‬منه‭ ‬إرساء‭ ‬النظام‭ ‬القاعدي‭ ‬وتثبيته‭.‬

وقال‭ ‬صواب‭ ‬في‭ ‬حوار‭ ‬ادلى‭ ‬به‭ ‬لأسبوعية‭ ‬‮”‬الشارع‭ ‬المغاربي‮”‬‭ ‬ان‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعلم‭ ‬شيئا‭ ‬عن‭ ‬اختصاصات‭ ‬الأقاليم‭ ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬الإمكانات‭ ‬البشرية‭ ‬واللوجستية‭ ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬المقرات‭ ‬التي‭ ‬ستحتضنها‭ ‬مقترحا‭ ‬توفير‭ ‬حافلة‭ ‬وعربة‭ ‬مجرورة‭ ‬لكل‭ ‬إقليم‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬كل‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬تأمين‭ ‬نقل‭ ‬الاعوان‭ ‬والمكاتب‭ ‬المخصصة‭ ‬لهم‭ ‬والوثائق‭ ‬التي‭ ‬على‭ ‬ذمتهم‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬الى‭ ‬أخرى‭.‬

صواب‭ ‬أشار‭ ‬أيضا‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬سعيد‭ ‬خالف‭ ‬الدستور‭ ‬بسنّ‭ ‬الأمرين‭ ‬المتعلقين‭ ‬بالتدقيق‭ ‬الشامل‭ ‬في‭ ‬الانتدابات‭ ‬وبضبط‭ ‬نظام‭ ‬اسناد‭ ‬الخطط‭ ‬الوظيفية‭ ‬معتبرا‭ ‬انهما‭ ‬يحرمان‭ ‬الموظف‭ ‬العمومي‭ ‬من‭ ‬الضمانات‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬مساره‭ ‬المهني‭ ‬وفي‭ ‬الترقية‭ ‬والخطة‭ ‬الوظيفية‭ ‬متهما‭ ‬سعيّد‭ ‬بالسعي‭ ‬لتدجين‭ ‬الموظفين‭ ‬وضمان‭ ‬تبعيتهم‭ ‬السياسية‭ ‬بعد‭ ‬تدجين‭ ‬السلطة‭ ‬القضائية‭.‬

كيف‭ ‬قرأتم‭ ‬الأمر‭ ‬الرئاسي‭ ‬الأخير‭ ‬المتعلّق‭ ‬بتقسيم‭ ‬تونس‭ ‬الى‭ ‬5‭ ‬أقاليم؟

مفهوم‭ ‬الأقاليم‭ ‬ليس‭ ‬بالأمر‭ ‬المستحدث‭ ‬في‭ ‬بلادنا‭ ‬فقد‭ ‬تمت‭ ‬الاستعانة‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬قوانين‭ ‬المخططات‭ ‬الوطنية‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الاستثمار‭ ‬والتمويل‭ ‬والحوافز‭ ‬الجبائية‭… ‬قوانين‭ ‬التخطيط‭ ‬التنموي‭ ‬كانت‭ ‬تشتغل‭ ‬وفق‭ ‬تقسيم‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬6‭ ‬أقاليم‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬منطقي‭… ‬كما‭ ‬سبق‭ ‬لعبد‭ ‬الرزاق‭ ‬الزواري‭ ‬وزير‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الاسبق‭ ‬ان‭ ‬تطرق‭ ‬لمسألة‭ ‬الأقاليم‭ ‬في‭ ‬كتاب‭ ‬ابيض‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬نشره‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭… ‬عمل‭ ‬ثان‭ ‬تم‭ ‬إنجازه‭ ‬بعد‭ ‬الثورة‭ ‬حول‭ ‬الأقاليم‭ ‬هو‭ ‬الدراسة‭ ‬التي‭ ‬انتجها‭ ‬المعهد‭ ‬التونسي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬التابع‭ ‬لرئاسة‭ ‬الجمهورية‭.. ‬وقد‭ ‬أكد‭ ‬مديره‭ ‬العام‭ ‬الأسبق‭ ‬طارق‭ ‬الكحلاوي‭ ‬ان‭ ‬من‭ ‬خلفه‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬المؤسسة‭ ‬حذف‭ ‬الدراسة‭ ‬من‭ ‬الموقع‭ ‬الرسمي‭. ‬كما‭ ‬تضمنت‭ ‬مجلة‭ ‬الجماعات‭ ‬المحلية‭ ‬جزءا‭ ‬كاملا‭ ‬عن‭ ‬الأقاليم‭.. ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬تم‭ ‬التنكر‭ ‬له‭ ‬طبق‭ ‬الثقافة‭ ‬السياسية‭ ‬التونسية‭.. ‬للأسف‭ ‬كما‭ ‬قلت‭ ‬هناك‭ ‬خاصية‭ ‬تونسية‭ ‬مفادها‭ ‬ان‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يصعد‭ ‬للسلطة‭ ‬يهدم‭ ‬ما‭ ‬بُني‭ ‬قبله‭ ‬ومثالنا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬الذكر‭ ‬لا‭ ‬الحصر‭ ‬ما‭ ‬اتاه‭ ‬البرلمان‭ ‬الجديد‭ ‬بمسح‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬المجلس‭ ‬الذي‭ ‬سبقه‭… ‬والامر‭ ‬نفسه‭ ‬بالنسبة‭ ‬لقيس‭ ‬سعيّد‭ ‬الذي‭ ‬محا‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬كُتب‭ ‬سابقا‭ ‬عن‭ ‬الأقاليم‭.. ‬بحكم‭ ‬معرفتي‭ ‬الدقيقة‭ ‬بالإدارة‭ ‬اجزم‭ ‬بأن‭ ‬تقسيم‭ ‬البلاد‭ ‬الى‭ ‬أقاليم‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬الا‭ ‬اطارا‭ ‬إداريا‭ ‬أو‭ ‬إطارا‭ ‬للتنمية‭ ‬والاستثمار‭ ‬وهذا‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬تقاليد‭ ‬إدارتنا‭… ‬الهدف‭ ‬الختامي‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬تقسيم‭ ‬سعيّد‭ ‬تونس‭ ‬الى‭ ‬أقاليم‭ ‬هو‭ ‬هدف‭ ‬سياسي‭ ‬لهيكلة‭ ‬البناء‭ ‬القاعدي‭ ‬وتثبيته‭ ‬وإرسائه‭.‬

كيف‭ ‬سيتم‭ ‬تثبيت‭ ‬النظام‭ ‬القاعدي؟

لا‭ ‬يمكن‭ ‬التغافل‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬بناء‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬ينطلق‭ ‬من‭ ‬العمادات‭ ‬ثم‭ ‬يمر‭ ‬بالمحلي‭ ‬فالجهوي‭ ‬والإقليمي‭ ‬وصولا‭ ‬الى‭ ‬الغرفة‭ ‬التشريعية‭ ‬الثانية‭ ‬الموازية‭ ‬للبرلمان‭ ‬وهي‭ ‬مجلس‭ ‬الجهات‭ ‬والاقاليم‭… ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬تثبيت‭ ‬النظام‭ ‬القاعدي‭ ‬هو‭ ‬الهدف‭ ‬الختامي‭ ‬والاستراتيجي‭ ‬غير‭ ‬المعلن‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬التقسيم‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬الأقاليم‭… ‬هي‭ ‬مرحلة‭ ‬ضرورية‭ ‬في‭ ‬البناء‭ ‬القاعدي‭ ‬وفي‭ ‬غيابها‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إرساء‭ ‬الغرفة‭ ‬التشريعية‭ ‬الثانية‭.. ‬يذكر‭ ‬ان‭ ‬هناء‭ ‬بن‭ ‬عبدة‭ ‬أستاذة‭ ‬القانون‭ ‬العام‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬قالت‭ ‬في‭ ‬محاضرة‭ ‬سابقة‭ ‬لها‭ ‬ان‭ ‬الأستاذ‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬كان‭ ‬يؤكد‭ ‬في‭ ‬الدروس‭ ‬التي‭ ‬يقدمها‭ ‬لطلبته‭ ‬ان‭ ‬الغرض‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬غرفة‭ ‬ثانية‭ ‬اضعاف‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬ومساعدة‭ ‬السلطة‭ ‬التنفيذية‭ ‬على‭ ‬التحكّم‭ ‬في‭ ‬السلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬وانا‭ ‬اشاطرها‭ ‬الرأي‭.. ‬الرئيس‭ ‬الأسبق‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬بدوره‭ ‬أرسى‭ ‬غرفة‭ ‬تشريعية‭ ‬ثانية‭ ‬عبر‭ ‬تنقيح‭ ‬دستور‭ ‬2002‭. ‬وكان‭ ‬الأستاذ‭ ‬عياض‭ ‬ابن‭ ‬عاشور‭ ‬قد‭ ‬أكد‭ ‬آنذاك‭ ‬على‭ ‬أعمدة‭ ‬جريدة‭ ‬‮«‬الطريق‭ ‬الجديد‮»‬‭ ‬ان‭ ‬التنقيح‭ ‬يرمي‭ ‬الى‭ ‬تأبيد‭ ‬رئاسة‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬وانه‭ ‬ارسى‭ ‬الغرفة‭ ‬الثانية‭ ‬وهي‭ ‬مجلس‭ ‬المستشارين‭ ‬لتزيين‭ ‬هذا‭ ‬التأبيد‭ ‬وانه‭ ‬لا‭ ‬جدوى‭ ‬ولا‭ ‬معنى‭ ‬لغرفة‭ ‬ثانية‭ ‬في‭ ‬تونس‭ ‬لانه‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تتم‭ ‬الاستعانة‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬معينة‭ ‬لاسباب‭ ‬تاريخية‭ ‬او‭ ‬دينية‭ ‬او‭ ‬عرقية‭ ‬كأن‭ ‬تكون‭ ‬مساحة‭ ‬البلد‭ ‬شاسعة‭ ‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬الشأن‭ ‬بالنسبة‭ ‬للبرازيل‭ ‬وكندا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والهند‭ ‬وروسيا‭ ‬وأستراليا‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مستقلة‭ ‬حديثا‭ ‬كألمانيا‭ ‬خلال‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬او‭ ‬لأسباب‭ ‬عرقية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬العراق‭ ‬ونيجيريا‭ ‬او‭ ‬لسبب‭ ‬ديني‭ ‬مثلما‭ ‬هو‭ ‬الشأن‭ ‬بالنسبة‭ ‬للهند‭.. ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬قد‭ ‬تبرّر‭ ‬وجود‭ ‬غرفة‭ ‬تشريعية‭ ‬ثانية‭ ‬بينما‭ ‬تتميّز‭ ‬تونس‭ ‬بتجانس‭ ‬ديني‭ ‬وتاريخي‭ ‬ولا‭ ‬تملك‭ ‬رقعة‭ ‬جغرافية‭ ‬شاسعة‭ ‬وليست‭ ‬دولة‭ ‬حديثة‭ ‬الاستقلال‭ ‬بل‭ ‬بها‭ ‬شعب‭ ‬متجانس‭ ‬منذ‭ ‬الحقبة‭ ‬القرطاجية‭.. ‬لا‭ ‬جدوى‭ ‬إذن‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬غرفة‭ ‬تشريعية‭ ‬ثانية‭ ‬مثلما‭ ‬صدح‭ ‬بذلك‭ ‬الأستاذ‭ ‬ابن‭ ‬عاشور‭ ‬زمن‭ ‬حكم‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬حين‭ ‬فضّل‭ ‬البعض‭ ‬الاختباء‭ ‬ولجأ‭ ‬البعض‭ ‬الاخر‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حكمه‭ ‬وتبييضه‭.. ‬اعود‭ ‬وأكرر‭ ‬سعيّد‭ ‬استغل‭ ‬مسألة‭ ‬الأقاليم‭ ‬لارساء‭ ‬نظامه‭ ‬القاعدي‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬انه‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬سوى‭ ‬بضعة‭ ‬أفكار‭ ‬وهي‭ ‬المدينة‭ ‬الصحيّة‭ ‬والصلح‭ ‬الجزائي‭ ‬ومؤسسة‭ ‬فداء‭ ‬والشركات‭ ‬الاهلية‭ ‬وخاصة‭ ‬البناء‭ ‬القاعدي‭.. ‬عدا‭ ‬هذه‭ ‬الأفكار‭ ‬الخمس‭ ‬المتناثرة‭ ‬لا‭ ‬يملك‭ ‬سعيد‭ ‬أية‭ ‬فكرة‭ ‬أخرى‭…‬

هل‭ ‬من‭ ‬تحفّظات‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬الأمر‭ ‬المتعلق‭ ‬بالأقاليم؟

من‭ ‬التحفظات‭ ‬الأخرى‭ ‬على‭ ‬الأمر‭ ‬ان‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعلم‭ ‬شيئا‭ ‬عن‭ ‬اختصاصات‭ ‬هذه‭ ‬الأقاليم‭ ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬الإمكانات‭ ‬البشرية‭ ‬واللوجستية‭ ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬المقرات‭ ‬التي‭ ‬ستحتضنها‭.. ‬يفترض‭ ‬ان‭ ‬يتم‭ ‬توفير‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬5‭ ‬أو‭ ‬6‭ ‬أعوان‭ ‬على‭ ‬ذمة‭ ‬كل‭ ‬مجلس‭ ‬محلي‭ ‬مع‭ ‬تمكينه‭ ‬من‭ ‬مقر‭.. ‬حتى‭ ‬المترشحين‭ ‬للانتخابات‭ ‬الجهوية‭ ‬الذين‭ ‬سينطلقون‭ ‬في‭ ‬تجميع‭ ‬التزكيات‭ ‬لا‭ ‬يعلمون‭ ‬شيئا‭ ‬عما‭ ‬ينتظرهم‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬القادمة‭.. ‬اقترح‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬النكتة‭ ‬السياسية‭ ‬ان‭ ‬يتم‭ ‬توفير‭ ‬حافلة‭ ‬وعربة‭ ‬مجرورة‭ ‬لكل‭ ‬إقليم‭ ‬حتى‭ ‬يتم‭ ‬كل‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬تأمين‭ ‬نقل‭ ‬الاعوان‭ ‬والمكاتب‭ ‬المخصصة‭ ‬لهم‭ ‬والوثائق‭ ‬التي‭ ‬على‭ ‬ذمتهم‭ ‬من‭ ‬ولاية‭ ‬الى‭ ‬أخرى‭.. ‬باختصار‭ ‬علينا‭ ‬بعث‭ ‬إدارات‭ ‬إقليمية‭ ‬متنقلة‭.. ‬وفي‭ ‬رأيي‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬شخصي‭ ‬ولن‭ ‬يعمّر‭ ‬بعد‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭.‬

ألا‭ ‬يشفع‭ ‬تجذّر‭ ‬مشروع‭ ‬الإقاليم‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬للرئيس‭ ‬سعيد‭ ‬اعتماده‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬سياسي‭ ‬بحت؟

سعيد‭ ‬انطلق‭ ‬من‭ ‬فلسفة‭ ‬أخرى‭ ‬قائمة‭ ‬على‭ ‬انطلاق‭ ‬المشاريع‭ ‬من‭ ‬العمادة‭ ‬مرورا‭ ‬بالمعتمدية‭ ‬فالولاية‭ ‬ثم‭ ‬الإقليم‭ ‬وصولا‭ ‬الى‭ ‬البرلمان‭.. ‬هذا‭ ‬يعتبر‭ ‬عبثا‭ ‬لا‭ ‬غير‭ ‬سيقضي‭ ‬على‭ ‬الاجسام‭ ‬الوسيطة‭ ‬كالاحزاب‭ ‬ومنظمات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬والنقابات‭. ‬واكبر‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬أقدمت‭ ‬عليه‭ ‬حركة‭ ‬الشعب‭ ‬التي‭ ‬تعتبر‭ ‬اكبر‭ ‬حزب‭ ‬مساند‭ ‬للرئيس‭ ‬بتحرير‭ ‬المبادرة‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمن‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬الترشح‭ ‬للانتخابات‭ ‬القادمة‭ ‬من‭ ‬قياداتها‭ ‬ومنخرطيها‭ ‬مشددة‭ ‬على‭ ‬انهم‭ ‬لن‭ ‬يترشحوا‭ ‬بصفتهم‭ ‬الحزبية‭ ‬وعلى‭ ‬انها‭ ‬لن‭ ‬تدعم‭ ‬من‭ ‬يترشحون‭ ‬من‭ ‬قياداتها‭..‬الا‭ ‬يعتبر‭ ‬ذلك‭ ‬قتلا‭ ‬للأجسام‭ ‬الوسيطة؟‭ ‬مشروع‭ ‬الأقاليم‭ ‬باختصار‭ ‬هو‭ ‬بناء‭ ‬عشوائي‭ ‬سيكون‭ ‬مآله‭ ‬السقوط‭ ‬مع‭ ‬نهاية‭ ‬حقبة‭ ‬سعيّد‭ ‬بما‭ ‬انه‭ ‬شهد‭ ‬نقصا‭ ‬في‭ ‬التصور‭ ‬والبناء‭ ‬وغابت‭ ‬عنه‭ ‬التشاركية‭..‬

وهل‭ ‬من‭ ‬ملاحظات‭ ‬بخصوص‭ ‬الأمر‭ ‬المتعلق‭ ‬بضبط‭ ‬نظام‭ ‬إسناد‭ ‬الخطط‭ ‬الوظيفية‭ ‬بالإدارة‭ ‬المركزية؟

هناك‭ ‬اشكال‭ ‬اول‭ ‬يخص‭ ‬اقتصار‭ ‬التنقيح‭ ‬على‭ ‬الخطط‭ ‬الوظيفية‭ ‬بالادارات‭ ‬المركزية‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬موظفي‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬والمنشآت‭ ‬العمومية‭ ‬مثل‭ ‬الخطوط‭ ‬التونسية‭ ‬أو‭ ‬شركة‭ ‬فسفاط‭ ‬قفصة‭ ‬أو‭ ‬شركة‭ ‬نقل‭ ‬تونس‭ ‬او‭ ‬شركة‭ ‬السكك‭ ‬الحديدية‭ ‬ليسوا‭ ‬معنيين‭ ‬به‭. ‬وهذا‭ ‬يطرح‭ ‬إشكالا‭ ‬حول‭ ‬استثناء‭ ‬هذه‭ ‬الإدارات‭ ‬بالذات‭.. ‬الاشكال‭ ‬الثاني‭ ‬يتعلق‭ ‬بإلغاء‭ ‬الفصل‭ ‬9‭ ‬من‭ ‬أمر‭ ‬سنة‭ ‬2006‭ ‬دون‭ ‬تعويضه‭ ‬بأحكام‭ ‬أخرى‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬انه‭ ‬تم‭ ‬حذف‭ ‬الضمانات‭ ‬الأساسية‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يتضمنها‭ ‬الفصل‭ ‬9‭ . ‬الضمانة‭ ‬الأولى‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬اقتران‭ ‬الغاء‭ ‬الخطة‭ ‬الوظيفية‭ ‬بأمر‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬او‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬وفي‭ ‬غيابها‭ ‬يمكن‭ ‬لأي‭ ‬وزير‭ ‬ان‭ ‬يعفي‭ ‬أي‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬أو‭ ‬مدير‭ ‬أو‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يتمتع‭ ‬بخطة‭ ‬وظيفية‭. ‬الضمانة‭ ‬الثانية‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬ضرورة‭ ‬ارتباط‭ ‬حذف‭ ‬الخطة‭ ‬الوظيفية‭ ‬بتقرير‭ ‬كتابي‭ ‬معلل‭ ‬ممضى‭ ‬من‭ ‬الوزير‭ ‬بما‭ ‬يسمح‭ ‬للموظف‭ ‬المعني‭ ‬وللقاضي‭ ‬الإداري‭ ‬بمراقبته‭ ‬ولضمان‭ ‬جدية‭ ‬الاجراء‭. ‬اما‭ ‬الضمانة‭ ‬الثالثة‭ ‬فتتمثل‭ ‬في‭ ‬أحقية‭ ‬الموظف‭ ‬في‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬تقرير‭ ‬الوزير‭ ‬ليتمكن‭ ‬من‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقه‭ ‬والتظلم‭ ‬امام‭ ‬الإدارة‭ ‬وحتى‭ ‬اثبات‭ ‬عدم‭ ‬صحة‭ ‬المعطيات‭ ‬التي‭ ‬انبنى‭ ‬عليها‭ ‬قرار‭ ‬الاعفاء‭ ‬وبالتالي‭ ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬القرار‭.. ‬ثم‭ ‬ان‭ ‬حقوق‭ ‬الدفاع‭ ‬هي‭ ‬مبدأ‭ ‬قانوني‭ ‬عام‭ ‬يتمتع‭ ‬به‭ ‬أي‭ ‬انسان‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الموظف‭ ‬العمومي‭.. ‬وفي‭ ‬غياب‭ ‬احكام‭ ‬أخرى‭ ‬تعوّض‭ ‬الفصل‭ ‬الملغى‭ ‬نسفٌ‭ ‬لكل‭ ‬الضمانات‭ ‬التي‭ ‬تحمي‭ ‬اصحاب‭ ‬الخطط‭ ‬الوظيفية‭ ‬وهم‭ ‬بضعة‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬أي‭ ‬قرابة‭ ‬3‭ ‬أو‭ ‬4‭ ‬بالمائة‭ ‬ولكنهم‭ ‬يُعتبرون‭ ‬القيادات‭ ‬العليا‭ ‬فيها‭.. ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬بقية‭ ‬الموظفين‭ ‬هم‭ ‬عامة‭ ‬الجنود‭ ‬فإن‭ ‬القيادات‭ ‬العليا‭ ‬هم‭ ‬الضباط‭ ‬الذين‭ ‬يقودونهم‭.. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬قيادات‭ ‬عليا‭ ‬بلا‭ ‬ضمانات‭ ‬سيكون‭ ‬لديك‭ ‬جيش‭ ‬غير‭ ‬متماسك‭.. ‬الإشكالية‭ ‬الثالثة‭ ‬والأخيرة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الامر‭ ‬الرئاسي‭ ‬ان‭ ‬الغاء‭ ‬الخطة‭ ‬الوظيفية‭ ‬يعيد‭ ‬الموظف‭ ‬الى‭ ‬النقطة‭ ‬الصفر‭ ‬من‭ ‬مساره‭ ‬المهني‭ ‬أي‭ ‬تحطيم‭ ‬مستقبله‭ ‬المهني‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬مستوى‭ ‬تأجير‭ ‬عمومي‭ ‬ضعيف‭ ‬جدا‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬ان‭ ‬الإدارة‭ ‬العمومية‭ ‬أضحت‭ ‬تشهد‭ ‬هجرة‭ ‬افضل‭ ‬اطاراتها‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭ ‬إلى‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬باعتبار‭ ‬ان‭ ‬الموظفين‭ ‬العموميين‭ ‬هو‭ ‬المعذبون‭ ‬في‭ ‬الأرض‭.. ‬ملاحظة‭ ‬أخرى‭ ‬لا‭ ‬مناص‭ ‬من‭ ‬الاتيان‭ ‬عليها‭ ‬هي‭ ‬انه‭ ‬تم‭ ‬سن‭ ‬الامر‭ ‬106‭ ‬الذي‭ ‬نص‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الضمانات‭ ‬الثلاث‭ ‬للموظفين‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬الاستبداد‭ ‬أي‭ ‬زمن‭ ‬حكم‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬انه‭ ‬كانت‭ ‬للموظف‭ ‬العمومي‭ ‬ضمانات‭ ‬مهنية‭ ‬خلال‭ ‬حكم‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬أكثر‭ ‬مما‭ ‬له‭ ‬اليوم‭ ‬خلال‭ ‬حكم‭ ‬قيس‭ ‬سعيّد‭ ‬لذلك‭ ‬سيقول‭ ‬بعض‭ ‬الموظفين‭ ‬السامين‭ ‬ان‭ ‬فترة‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬احسن‭ ‬من‭ ‬فترة‭ ‬سعيّد‭. ‬

بحكم‭ ‬عملك‭ ‬لسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬كقاض‭ ‬اداري‭ ‬كيف‭ ‬تقرأ‭ ‬الأمر‭ ‬المتعلق‭ ‬بالتدقيق‭ ‬الشامل‭ ‬في‭ ‬الانتدابات‭ ‬والادماج‭ ‬بالوظيفة‭ ‬العمومية؟

هذا‭ ‬الأمر‭ ‬عرّفه‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬سياسيا‭ ‬بتطهير‭ ‬الإدارة‭ ‬وقد‭ ‬جاء‭ ‬مطلقا‭ ‬في‭ ‬عباراته‭.. ‬وإذا‭ ‬جاءت‭ ‬العبارات‭ ‬مطلقة‭ ‬وعامة‭ ‬حسب‭ ‬تنصيص‭ ‬مجلة‭ ‬الالتزامات‭ ‬والعقود‭ ‬جرت‭ ‬على‭ ‬اطلاقها‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬ان‭ ‬الانتدابات‭ ‬التي‭ ‬يتطرق‭ ‬اليها‭ ‬امر‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬لا‭ ‬تخص‭ ‬فقط‭ ‬المنتدبين‭ ‬وفق‭ ‬مناظرات‭ ‬وطنية‭ ‬بل‭ ‬تشمل‭ ‬أيضا‭ ‬صنفين‭ ‬اخرين‭ ‬هما‭ ‬الاعوان‭ ‬الوقتيين‭ ‬والاعوان‭ ‬المتعاقدين‭ ‬المنتدبين‭ ‬خارج‭ ‬مناظرة‭ ‬وطنية‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬ان‭ ‬التدقيق‭ ‬سيشمل‭ ‬الانتدابات‭ ‬في‭ ‬المؤسستين‭ ‬العسكرية‭ ‬والأمنية‭ ‬والديوانة‭ ‬والسجون‭ ‬والقضاة‭.‬

وما‭ ‬تعليقك‭ ‬على‭ ‬تركيبة‭ ‬لجنة‭ ‬القيادة‭ ‬العليا‭ ‬التي‭ ‬ستكون‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬هياكل‭ ‬التدقيق‭ ‬الشامل؟

هذه‭ ‬اللجنة‭ ‬المركبة‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬أعضاء‭ ‬ستعمل‭ ‬لمدة‭ ‬3‭ ‬أشهر‭ ‬و10‭ ‬أيام‭ ‬قبل‭ ‬الخروج‭ ‬بتقارير‭ ‬نهائية‭. ‬والسؤال‭ ‬المطروح‭ ‬هو‭ ‬هل‭ ‬سيتفرّغ‭ ‬أعضاء‭ ‬لجنة‭ ‬القيادة‭ ‬العليا‭ ‬ام‭ ‬لا‭ ‬خاصة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للقضاة‭ ‬الثلاثة‭ ‬المُعيّنين‭ ‬بأمر؟‭ ‬وهل‭ ‬سيتم‭ ‬الاستئناس‭ ‬برأي‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للقضاء‭ ‬عند‭ ‬تعيينهم؟‭ ‬خاصة‭ ‬انه‭ ‬سبق‭ ‬للمجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للقضاء‭ ‬المُحل‭ ‬ان‭ ‬تمسّك‭ ‬بضرورة‭ ‬استشارته‭ ‬عند‭ ‬تكوين‭ ‬لجنة‭ ‬الصلح‭ ‬الجزائي‭ ‬وهذا‭ ‬مضبوط‭ ‬بقانون‭… ‬وبعد‭ ‬مرور‭ ‬10‭ ‬أيام‭ ‬تكون‭ ‬لجان‭ ‬التدقيق‭ ‬قد‭ ‬شُكّلت‭ ‬للانطلاق‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬التدقيق‭ ‬التي‭ ‬يفترض‭ ‬ان‭ ‬تستهدف‭ ‬الهياكل‭ ‬وزارة‭ ‬وزارة‭. ‬واعتقد‭ ‬ان‭ ‬عملها‭ ‬سيمس‭ ‬قرابة‭ ‬150‭ ‬الف‭ ‬موظف‭ ‬عمومي‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬تم‭ ‬ادماجهم‭ ‬ومن‭ ‬انتُدبوا‭ ‬من‭ ‬عمال‭ ‬الحضائر‭ ‬ومن‭ ‬أصحاب‭ ‬العفو‭ ‬التشريعي‭ ‬العام‭ ‬والمفروزين‭ ‬امنيا‭ ‬والانتدابات‭ ‬السنوية‭ ‬التقليدية‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الجيش‭ ‬وقوات‭ ‬الامن‭ ‬الداخلي‭ ‬والديوانة‭ ‬والمدرسة‭ ‬الوطنية‭ ‬للإدارة‭..‬عموما‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬ان‭ ‬كان‭ ‬عمل‭ ‬لجان‭ ‬التدقيق‭ ‬الفرعية‭ ‬سيتركز‭ ‬على‭ ‬الانطلاق‭ ‬من‭ ‬الاشعارات‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬تقارير‭ ‬التفقد‭ ‬وتقارير‭ ‬محكمة‭ ‬المحاسبات‭ ‬ام‭ ‬أنه‭ ‬سيتم‭ ‬التثبت‭ ‬من‭ ‬المسار‭ ‬المهني‭ ‬لكل‭ ‬الموظفين‭ ‬المشمولين‭ ‬بالامر‭ ‬الرئاسي؟‭ ‬اذا‭ ‬تم‭ ‬الاشتغال‭ ‬على‭ ‬الاشعارات‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬مدة‭ ‬شهرين‭ ‬كافية‭ ‬شريطة‭ ‬الانكباب‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬ليلا‭ ‬نهارا‭ ‬وعلى‭ ‬مدار‭ ‬الأسبوع‭ ‬واذا‭ ‬انصبّ‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬مراجعة‭ ‬كل‭ ‬الانتدابات‭ ‬بطريقة‭ ‬مركزة‭ ‬وعادلة‭ ‬سيكون‭ ‬ذلك‭ ‬اجراء‭ ‬مستحيلا‭ ‬باعتبار‭ ‬ان‭ ‬هذا‭ ‬التدقيق‭ ‬سيحكم‭ ‬بالإعدام‭ ‬ان‭ ‬جاز‭ ‬التعبير‭ ‬على‭ ‬عديد‭ ‬الموظفين‭. ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬التذكير‭ ‬بعلاقة‭ ‬قيس‭ ‬سعيد‭ ‬بالآجال‭ ‬القانونية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬احترامها‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬تجربة‭ ‬لجنة‭ ‬الصلح‭ ‬الجزائي‭ ‬التي‭ ‬حصر‭ ‬عملها‭ ‬في‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬فقط‭ ‬ثم‭ ‬طلب‭ ‬منهم‭ ‬عدم‭ ‬انتظار‭ ‬نتائج‭ ‬الاختبارات‭… ‬بحكم‭ ‬معرفتي‭ ‬بالإدارة‭ ‬استطيع‭ ‬القول‭ ‬ان‭ ‬انجاز‭ ‬تدقيق‭ ‬عادل‭ ‬ومستفيض‭ ‬ومنصف‭ ‬وقانوني‭ ‬سيدخل‭ ‬عمل‭ ‬اللجان‭ ‬في‭ ‬باب‭ ‬الآجال‭ ‬المستحيلة‭.‬

الا‭ ‬يُعتبر‭ ‬تحول‭ ‬الإدارة‭ ‬الى‭ ‬خصم‭ ‬وحَكَم‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬عند‭ ‬عملية‭ ‬التدقيق‭ ‬عائقا‭ ‬آخر‭ ‬لعمل‭ ‬اللجان؟

وهو‭ ‬كذلك‭… ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬اخذ‭ ‬أعضاء‭ ‬اللجان‭ ‬العامل‭ ‬الانساني‭ ‬والاجتماعي‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭. ‬كما‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬التغافل‭ ‬عن‭ ‬التقرير‭ ‬الختامي‭ ‬الذي‭ ‬يتوجب‭ ‬على‭ ‬لجنة‭ ‬القيادة‭ ‬اعداده‭ ‬في‭ ‬ظرف‭ ‬30‭ ‬يوما‭ ‬وهي‭ ‬مدة‭ ‬غير‭ ‬كافية‭ ‬بالنظر‭ ‬لثقل‭ ‬التقارير‭ ‬التأليفية‭. ‬ثم‭ ‬من‭ ‬سيراقب‭ ‬المراقبين؟‭ ‬ومن‭ ‬سيتكفل‭ ‬بمراجعة‭ ‬أعمال‭ ‬مئات‭ ‬المدققين؟‭ ‬مسألة‭ ‬أخرى‭ ‬تتعلق‭ ‬بتثبت‭ ‬لجان‭ ‬التدقيق‭ ‬في‭ ‬مدى‭ ‬تلاؤم‭ ‬عمليات‭ ‬الإنتدابات‭ ‬والإدماج‭ ‬مع‭ ‬التشريعات‭ ‬الجاري‭ ‬بها‭ ‬العمل‭ ‬ومع‭ ‬التلاؤم‭ ‬تحضر‭ ‬السلطة‭ ‬التقديرية‭.. ‬واذا‭ ‬كان‭ ‬احترام‭ ‬الشروط‭ ‬والنصوص‭ ‬الترتيبية‭ ‬والتشريعية‭ ‬سلطة‭ ‬مقيدة‭ ‬فإن‭ ‬التثبت‭ ‬من‭ ‬ملاءمتها‭ ‬مع‭ ‬التشريعات‭ ‬يفتح‭ ‬المجال‭ ‬للتلاعب‭ ‬او‭ ‬التعسف‭ ‬حسب‭ ‬مشيئة‭ ‬المراقب‭.. ‬أرجو‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاطار‭ ‬الا‭ ‬يُفتح‭ ‬الباب‭ ‬لارتكاب‭ ‬تجاوزات‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الاتجاه‭ ‬أو‭ ‬ذاك‭.. ‬تبقى‭ ‬مسألة‭ ‬سحب‭ ‬قرارات‭ ‬الانتداب‭ ‬والادماج‭ ‬في‭ ‬صورة‭ ‬ثبوت‭ ‬عدم‭ ‬قانونية‭ ‬الانتداب‭ ‬او‭ ‬الادماج‭ ‬في‭ ‬حاجة‭ ‬الى‭ ‬التوضيح‭ ‬والتدقيق‭.. ‬من‭ ‬سيُصدر‭ ‬قرار‭ ‬السحب‭ ‬إذن؟‭ ‬من‭ ‬هي‭ ‬الهياكل‭ ‬التي‭ ‬أشار‭ ‬اليها‭ ‬الامر؟‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬لجنة‭ ‬القيادة‭ ‬العليا‭ ‬ام‭ ‬رئاسة‭ ‬الحكومة‭ ‬أم‭ ‬الوزير‭ ‬أم‭ ‬رئيس‭ ‬مدير‭ ‬عام‭ ‬المؤسسة‭ ‬المعنية‭ ‬أم‭ ‬من؟‭ ‬

الا‭ ‬ترى‭ ‬ان‭ ‬الامر‭ ‬الرئاسي‭ ‬لم‭ ‬يوضّح‭ ‬كفاية‭ ‬مسألة‭ ‬تتبع‭ ‬الموظفين‭ ‬الذين‭ ‬خالفوا‭ ‬قانون‭ ‬الوظيفة‭ ‬العمومية؟

اعتقد‭ ‬ان‭ ‬هناك‭ ‬اشكالا‭ ‬يتعلق‭ ‬بالتبعات‭ ‬المالية‭ ‬لمن‭ ‬تم‭ ‬انتدابه‭ ‬اعتمادا‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬مدلّسة‭. ‬كيف‭ ‬سيتم‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬قانونا؟‭ ‬وكيف‭ ‬سيتم‭ ‬تتبع‭ ‬من‭ ‬خرقوا‭ ‬الإجراءات‭ ‬جزائيا‭ ‬؟‭ ‬مع‭ ‬العلم‭ ‬انه‭ ‬يتم‭ ‬تكييف‭ ‬خرق‭ ‬الإجراءات‭ ‬قانونيا‭ ‬بجنحة‭ ‬وفي‭ ‬اقصى‭ ‬الحالات‭ ‬بجناية‭ ‬والجنحة‭ ‬تسقط‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬3‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬ارتكابها‭ ‬فيما‭ ‬تسقط‭ ‬الجناية‭ ‬بعد‭ ‬مرور‭ ‬عشر‭ ‬سنوات‭ ‬بمقتضى‭ ‬الفصل‭ ‬5‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجزائية‭. ‬كما‭ ‬ان‭ ‬مجال‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬في‭ ‬الزمن‭ ‬وتحديده‭ ‬من‭ ‬14‭ ‬جانفي‭ ‬2011‭ ‬الى‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬2021‭ ‬يعني‭ ‬عكسيا‭ ‬ان‭ ‬الانتدابات‭ ‬التي‭ ‬حصلت‭ ‬في‭ ‬الفترات‭ ‬الأخرى‭ ‬ونعني‭ ‬بها‭ ‬خلال‭ ‬حقبة‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬وحقبة‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬25‭ ‬جويلية‭ ‬2021‭ ‬أي‭ ‬العشرية‭ ‬الوردية‭ ‬ليست‭ ‬فاسدة‭ ‬ولم‭ ‬تتخللها‭ ‬تجاوزات‭ ‬وهذا‭ ‬مستحيل‭ ‬الا‭ ‬اذا‭ ‬كنا‭ ‬في‭ ‬الجنة‭ ‬وما‭ ‬ابعدنا‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭.‬

هل‭ ‬من‭ ‬ملاحظات‭ ‬أخرى‭ ‬بخصوص‭ ‬الأوامر‭ ‬الرئاسية‭ ‬الأخيرة؟

هنا‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬من‭ ‬التساؤل‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬دستورية‭ ‬الأمر‭ ‬المتعلق‭ ‬بالتدقيق‭ ‬الشامل‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬الانتداب‭ ‬والادماج‭. ‬فالفصل‭ ‬75‭ ‬من‭ ‬الدستور‭ ‬تطرّق‭ ‬إلى‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬ترجع‭ ‬للسلطة‭ ‬التشريعية‭ ‬وحدّد‭ ‬ماهية‭ ‬القوانين‭ ‬الأساسية‭ ‬والعادية‭… ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬نص‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬سن‭ ‬البرلمان‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تحدد‭ ‬الضمانات‭ ‬الأساسية‭ ‬الممنوحة‭ ‬للموظفين‭ ‬المدنيين‭ ‬والعسكريين‭ ‬وليس‭ ‬السلطة‭ ‬الترتيبية‭ ‬العامة‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬رئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬او‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭.. ‬وتتمثل‭ ‬الضمانات‭ ‬الأساسية‭ ‬للموظف‭ ‬في‭ ‬المناظرة‭ ‬والانتداب‭ ‬والترقية‭ ‬والاحالة‭ ‬على‭ ‬التقاعد‭ ‬لكن‭ ‬الأمرين‭ ‬نسفا‭ ‬هذه‭ ‬الضمانات‭… ‬ثم‭ ‬إن‭ ‬قانون‭ ‬الوظيفة‭ ‬العمومية‭ ‬نص‭ ‬على‭ ‬ان‭ ‬انهاء‭ ‬الانتماء‭ ‬الى‭ ‬الوظيفة‭ ‬يتم‭ ‬في‭ ‬5‭ ‬حالات‭ ‬فقط‭ ‬هي‭ ‬فقدان‭ ‬الجنسية‭ ‬التونسية‭ ‬او‭ ‬الحقوق‭ ‬المدنية‭ ‬والاستقالة‭ ‬والاعفاء‭ ‬عند‭ ‬اثبات‭ ‬عدم‭ ‬الكفاءة‭ ‬او‭ ‬عدم‭ ‬نجاح‭ ‬التربص‭ ‬والعزل‭ ‬والتقاعد‭.. ‬هذه‭ ‬الضمانات‭ ‬الخمسة‭ ‬نظمها‭ ‬إما‭ ‬قانون‭ ‬الوظيفة‭ ‬العمومية‭ ‬او‭ ‬قانون‭ ‬التقاعد‭ ‬او‭ ‬القانون‭ ‬الجزائي‭ ‬او‭ ‬مجلة‭ ‬الجنسية‭ ‬فأضاف‭ ‬الامر‭ ‬الرئاسي‭ ‬حالة‭ ‬سادسة‭ ‬مخالفة‭ ‬للدستور‭ ‬هي‭ ‬سحب‭ ‬الانتداب‭ ‬أو‭ ‬الادماج‭.. ‬إشكال‭ ‬آخر‭ ‬يتعلق‭ ‬بوجوبية‭ ‬استشارة‭ ‬المحكمة‭ ‬الإدارية‭.. ‬وجرت‭ ‬العادة‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬المحكمة‭ ‬الإدارية‭ ‬انها‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬ابداء‭ ‬رأيها‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬الا‭ ‬اذا‭ ‬كان‭ ‬مشروع‭ ‬الامر‭ ‬منتهي‭ ‬الصيغ‭ ‬والشكليات‭ ‬مما‭ ‬يعني‭ ‬انه‭ ‬يمر‭ ‬وجوبا‭ ‬بالمحكمة‭ ‬قبل‭ ‬ارساله‭ ‬من‭ ‬قصر‭ ‬قرطاج‭ ‬الى‭ ‬المطبعة‭ ‬الرسمية‭ ‬لنشره‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬ارسال‭ ‬مشروع‭ ‬أولى‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬الى‭ ‬المحكمة‭ ‬قبل‭ ‬عرضه‭ ‬على‭ ‬مجلس‭ ‬الوزارء‭ ‬وبذلك‭ ‬يتم‭ ‬حرمان‭ ‬المحكمة‭ ‬من‭ ‬ابداء‭ ‬رأيها‭ ‬في‭ ‬فصول‭ ‬او‭ ‬أجزاء‭ ‬تمت‭ ‬اضافتها‭ ‬خلال‭ ‬اجتماع‭ ‬مجلس‭ ‬الوزراء‭ ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬إحالة‭ ‬مشروع‭ ‬القانون‭ ‬بصفة‭ ‬مبكرة‭ ‬الى‭ ‬المحكمة‭.. ‬وفي‭ ‬إجابة‭ ‬عما‭ ‬سبق‭ ‬لرئيس‭ ‬الجمهورية‭ ‬قوله‭ ‬ان‭ ‬الإجراءات‭ ‬جُعلت‭ ‬للمحاكمة‭ ‬العادلة‭ ‬لا‭ ‬للإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬اود‭ ‬التوضيح‭ ‬ان‭ ‬الشكل‭ ‬والاجال‭ ‬والاستشارات‭ ‬الوجوبية‭ ‬اهم‭ ‬أحيانا‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬القانون‭ ‬من‭ ‬النص‭ ‬القانوني‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬ان‭ ‬مجلة‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجزائية‭ ‬تتضمن‭ ‬377‭ ‬فصلا‭ ‬بينما‭ ‬تتضمن‭ ‬المجلة‭ ‬الجزائية‭ ‬320‭ ‬فصلا‭.. ‬اجمالا‭ ‬ينسف‭ ‬الامران‭ ‬المتعلقان‭ ‬بالتدقيق‭ ‬في‭ ‬الانتدابات‭ ‬وباسناد‭ ‬الخطط‭ ‬الوظيفية‭ ‬مبدأ‭ ‬الأمان‭ ‬القانوني‭ ‬خصوصا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمسألة‭ ‬آجال‭ ‬السحب‭ ‬وسقوط‭ ‬الدعوى‭ ‬وحق‭ ‬الموظف‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬والترقية‭ ‬والخطة‭ ‬الوظيفية‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬التشاركية‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬القوانين‭.. ‬ثم‭ ‬ان‭ ‬هذين‭ ‬المشروعين‭ ‬يهدّدان‭ ‬مبدأ‭ ‬حياد‭ ‬الموظف‭ ‬العمومي‭ ‬أي‭ ‬ان‭ ‬سعيّد‭ ‬يسعى‭ ‬الى‭ ‬تدجين‭ ‬الموظف‭ ‬العمومي‭ ‬وضمان‭ ‬تبعيته‭ ‬السياسية‭ ‬عوض‭ ‬تبعيته‭ ‬للدولة‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قام‭ ‬به‭ ‬مع‭ ‬السلطة‭ ‬القضائية‭… ‬الإدارة‭ ‬تخدم‭ ‬المصلحة‭ ‬العامة‭ ‬وتنفّذ‭ ‬القانون‭ ‬لا‭ ‬رغبات‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية‭ ‬مثلما‭ ‬سبق‭ ‬للرئيس‭ ‬سعيد‭ ‬ان‭ ‬عبّر‭ ‬عنه‭ ‬بقوله‭ ‬ان‭ ‬الإدارة‭ ‬تخدم‭ ‬السلطة‭ ‬السياسية‭.‬

*نشر باسبوعية “الشارع المغاربي” الصادرة بتاريخ الثلاثاء 26 سبتمبر 2023


اقرأ أيضا

الشارع المغاربي


اشترك في نشرتنا الإخبارية



© 2020 الشارع المغاربي. كل الحقوق محفوظة. بدعم من B&B ADVERTISING