الشارع المغاربي : أكد صندوق النقد الدولي أن الحماية الاجتماعية في تونس تمثل ركنا أساسيا في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي وضعته الحكومة ويموّله الصندوق في إطار اتفاق التسهيل الممدد.
وأضاف الصندوق، في ورقة نشرها على موقعه الإلكتروني، وتضمّنت أجوبة عن أسئلة يطرحها الشارع التونسي حول تدخلات الصندوق في تونس وانعكاساتها على الوضع الاجتماعي في البلاد، أنّ الإنفاق الاجتماعي يخضع لمتابعة دقيقة من الصندوق والحكومة من خلال حدّ أدنى للإنفاق الاجتماعي يتم تعديله مرتين سنويا.
وأوضح أن آخر تقرير أعدّه خبراء الصندوق تضمّن فصلا يناقش الخيارات الممكنة لجعل السياسات الاجتماعية أكثر عدالة وفعالية، كأن يتم استخدام المعرّف الاجتماعي الوحيد لتحسين توجيه المساعدات إلى الأسر المستحقة محدودة الدخل.
ويتزامن نشر هذه الورقة مع ما تشهده البلاد من احتجاجات على ما تضمنه قانون المالية لسنة 2018 من إجراءات من شأنها المسّ من القدرة الشرائية للمواطن والتي اعتبرها العديد من الأطراف نتيجة إملاءات صندوق النقد الدولي.
وشدّد معدّو الوثيقة على أنّ الصندوق يدرك تماما وضع تونس الاجتماعي والاقتصادي الصعب وما تواجهه من تحدّيات أمنية راهنة، مشيرين إلى أنّ المشورة التي يقدمها خبراء الصندوق بشأن السياسات تعتمد دائما على ظروف تونس المتغيّرة.
واستبعد الصندوق أن يؤدي القرض الذي أسنده إلى تونس (2,9 مليار دينار يصرف على 4 سنوات) إلى زيادة دينها، مبرزا أن الزيادة ستكون قصيرة الأجل وستكون مقترنة بشروط أفضل كثيرًا ممّا يمكن أن تحصل عليه إذا اقترضت من الأسواق المالية، ذلك أنّ سعر الفائدة السنوي يبلغ حوالي 2%، بينما دفعت الحكومة التونسية مؤخرا 6% على سندات اليوروبوند التي أصدرتها.
وقال إنّ الهدف من التمويلات التي يقدمها الصندوق يتمثل في مساعدة البلدان على تخفيف وطأة التصحيح الاقتصادي من خلال ما يتيحه من دعم وقائي ووقت أطول لمعالجة المشكلات والاختلالات الأساسية، مشيرا إلى أنّ تونس تشهد عجزا في المالية العمومية والميزان التجاري ما يتعيّن تمويلهما.
وبخصوص التخفيض في سعر الدينار، أوضحت الوثيقة أن الأمر يتطلّب التحول إلى نظام سعر صرف أكثر مرونة، ممّا يسمح للدينار بالاستجابة لعرض العملة الأجنبية والطلب عليها.
وبيّنت أن مستويات العجز غير المسبوقة في ميزان التجارة والخدمات يشير إلى ضرورة إجراء خفض تدريجي في سعر الصرف، غير أنه لا يوجد ما يستدعي التصحيح العاجل والصندوق لم يطلب ذلك. وتشير التقديرات إلى أنّ التقييم الحالي للدينار مبالغ فيه بدرجة طفيفة فقط، بواقع 10% تقريبا.
أمّا في ما يتعلق بانعكاس كتلة أجور القطاع العام على الاستقرار الاجتماعي، أكدت الوثيقة أن نسبة كتلة الأجور في تونس من ناتجها الاقتصادي هي الأعلى بين بلدان الأسواق الصاعدة، ولن تستطيع الاستمرار في تحمّلها مع سرعة تزايد مستويات الدين.
فقد ارتفعت فاتورة الأجور من 10.7% من إجمالي الناتج المحلي في 2010 إلى 14.5% في 2016، وإذا لم تنفذ الإصلاحات المطلوبة في هذا الصدد، سترتفع إلى 15% من إجمالي الناتج المحلي في 2018. وبالإضافة إلى ذلك، فإنها تمثل حوالي 50% من كلّ النفقات الحكومية، ممّا يزاحم أولويات الإنفاق على الاستثمارات العامّة أو التحويلات الاجتماعية، غير أنّ توجيه مزيد من الموارد إلى هذه المجالات ذات الأولوية هو أمر بالغ الأهمية لتحقيق تقدّم قابل للاستمرار في مستويات معيشة كلّ المواطنين وخلق الوظائف اللازمة للشباب وحماية الفئات الأقل دخلا.
—