الشارع المغاربي-كريمة السعداوي: أكد البنك الدولي يوم أمس الخميس 26 جانفي 2023 في بلاغ صحفي ان تونس اطلقت بمساندة منه في جوان 2022 أول تقرير لها عن أوضاع الاقتصاد الأزرق تحت عنوان “الاقتصاد الأزرق في تونس: فرصة لتحقيق تنمية متكاملة ومستدامة للمناطق الساحلية والبحرّية”، موصيا بمبادئ إرشادية أساسية لوضع إستراتيجية وطنية في هذا المجال.
ويُعد التقرير، حسب المؤسسة الدولية، الذي صدر بقيادة وزارة البيئة والكتابة العامة لشؤون البحر نتاجَ عمليات تشاور موسعة مع الأطراف المعنية بمجال الاقتصاد الأزرق، بما في ذلك القطاعين العمومي والخاص والباحثين ومختلف منظمات المجتمع المدني في البلاد.
وذكر البنك الدولي ان تونس تتمتع بشريط ساحلي يمتد على أكثر من 1300 كيلومتر وانه يقطن بالمناطق الساحلية 7.6 ملايين نسمة (أي أكثر من 66 بالمائة من سكان البلاد)، يعتمدون بشكل أساسي على الموارد الساحلية والبحرية في كسب أرزاقهم. وحدد التقرير سبل التنمية المستدامة للاقتصاد الأزرق من خلال السياحة، وصيد الأسماك وتربية الأحياء المائية، والنقل البحري، والطاقة المتجددة القائمة على المحيطات، والتكنولوجيا الحيوية البحرية، وغيرها من الأنشطة.
وتعليقاً على التقرير، قال ألكسندر أروبيو، مدير مكتب البنك الدولي في تونس: “يتيح الاقتصاد الأزرق فرصة للتنمية المستدامة وتكوين الثروة لصالح أبناء تونس وذلك عن طريق الاستخدام المستدام للموارد البحرية والساحلية لتحقيق النمو الاقتصادي، وتحسين مصادر كسب الرزق وفرص الشغل، وضمان سلامة النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية. لذا أرحب بالتزام الحكومة بتطوير الاقتصاد الأزرق في تونس، وذلك في إطار خطتها الإنمائية القادمة.”
ويحدد التقرير بشكل عام وفقا للبنك الدولي ثلاثة أهداف إستراتيجية تتمثل في تعزيز النمو الاقتصادي للأنشطة البحرية وتحقيق الشمول الاجتماعي والمساواة بين الجنسين وضمان استدامة الموارد الطبيعية وخدمات النظم الإيكولوجية. ولتحقيق هذه الأهداف، يقترح التقرير التدخل في عدد من المجالات تتمحور حول تطبيق نظم الحوكمة الرشيدة على المستوى المؤسسي وتعزيز الموارد وآليات التمويل ومساندة إحداث فرص الشغل والتخفيف من حدة الفقر وإشراك الفئات الأكثر احتياجاً وتعميم مراعاة المساواة بين الجنسين إضافة الى تطوير المعارف الخاصة برأس المال البحري والساحلي وأخيراً تعزيز القدرة على الصمود لمجابهة تغير المناخ.
ويأتي هذا التقرير عن الاقتصاد الأزرق في تونس في وقتٍ أعلنت مجموعة البنك الدولي منذ أمد قريبٍ عن برنامجٍ جديد للاقتصاد الأزرق بقيمة 13.5 مليون دولار، من شأنه تحفيز التمويل وتقديم الاستجابة العملية للتحديات الإنمائية في المناطق الساحلية والبحرية في بلدان القارة الأفريقية، ومن بينها تونس. ويسعى هذا البرنامج إلى التصدي للتحدي الذي تواجهه البلدان الساحلية في إدارة مواردها الساحلية والبحرية بغرض تحفيز النمو الاقتصادي والحد من الفقر، وذلك الى جانب جهودها للتكيف مع الآثار الناجمة عن تغير المناخ.
يذكر ان الاقتصاد الأزرق يعني اصطلاحا الإدارة الجيدة للموارد المائية وحماية البحار والمحيطات بشكل مستدام للحفاظ عليها من أجل الأجيال الحالية والقادمة والقضاء على الفقر وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء ويتعلق بالاستخدام المستدام للموارد المائية والحفاظ عليها وهي المحيطات والبحار والبحيرات والأنهار بهدف توجيه النمو الاقتصادي وتحسين سبل العيش وخلق فرص العمل مع ضمان احترام البيئة والقيم الثقافية والتنوع البيولوجي.
ويرجع مفهوم “الاقتصاد الأزرق” إلى رجل الاقتصاد البلجيكي غونتر باولي في أعقاب مؤتمر “ريو +20” عام 2012 وهو يؤكد صون الإدارة المستدامة للموارد المائية، استنادا إلى فرضية أن النظم الأيكولوجية السليمة للمحيطات هي أكثر إنتاجية، وهي واجبة من أجل استدامة الاقتصادات القائمة على المحيطات.
وحدد البنك الدولي مجالات عديدة للاقتصاد الأزرق تشمل مصائد الأسماك وتربية الأحياء المائية، وما يرتبط بها من أساطيل الصيد والصناعات المرتبطة بها، ويساهم الاقتصاد الأزرق بنحو 3.6 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي.
ويمثل الصيد المستدام أحد قطاعات الاقتصاد الأزرق، حيث يساهم بأكثر من 270 مليار دولار سنويا من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بالإضافة إلى السياحة الساحلية والبحرية التي توفر ما يربو على 6.5 ملايين وظيفة.